التعديل الوزارى الجديد يلقى بظلاله الثقيلة على ملف الأحول الشخصية للأقباط، فبعد رحيل المستشار مجدى العجاتي وزير الشئون القانونية بمجلس النواب والذى كان يتابع هذا الملف مع الكنيسة ليأتى خلفاً له المستشار عمر مروان فتبدأ معه جولة ماراثونية جديدة مع الكنائس لصياغة قانون موحد للأحوال الشخصية للأقباط وهو ما يشير إلى تأخر صدور القانون إلى أجل غير مسمي، وهو ما تحرص عليه الكنائس فوجود قانون ملزم تطبقه المحاكم سوف يسحب البساط من تحت أرجل الكنائس فى السيطرة على قضايا الأحوال الشخصية وهو ما يضعف إحكام قبضة الكنائس على رعاياها. على الرغم من أن كل الصيغ التى قدمت للقانون حرصت الكنيسة فيها على تأكيد سلطانها القانونى فإن الكنيسة يوماً بعد يوم تختلق الألاعيب فى مشاكل الأحوال الشخصية التى سوف تكون كفيلة بتفريغ أى قانون يصدر من محتواه وتظل الكنيسة هي الجهة الأعلى فى الفصل فى قضايا الطلاق التى يحسمها القضاء، ولكن يظل القانون يقف عاجزاً عن منح المطلقين من الأقباط حق الزواج الثانى الذى تحتكره الكنيسة وآخر الألاعيب فى هذا الشأن ما ابتدعته الكنيسة ويعرف ب (عقد الضم) أو (وثيقة الانضمام) والذى بمقتضاه تمنح الكنيسة تصريحًا للزواج الثانى للمحظوظين وتمنع ذلك التصريح عن الغلابة. تغيير الملة إذا كنت من أهل الصفوة والمقربين فى الكنيسة من أحد الأساقفة من أولى الأمر وسئمت من حياتك الزوجية وتريد أن تتخلص من زوجتك وتطلقها فلست بحاجة إلى أن تقع أنت أو زوجتك فى ورطة الزنى، فهذا المفهوم يتم ترويجه للعامة، أما الصفوة فالأمر يختلف، حيث تفتح لهم كل الأبواب الخلفية فى الكنيسة ليمرروا منها طلاقهم وتتسع تلك الأبواب لتمنح تصاريح زواج للمطلقين من أهل الصفوة دون الوقوع فى الزنى، وكل ما فى الأمر أن الكنيسة تحيل صفوتها لأحد المحامين المتخصصين فى (تسليك) الأمور الذى يعرف كيف يحصل لموكله على شهادة بتغيير الملة كمصوغ للطلاق أمام القضاء، حيث تعتبر المحكمة تغيير الملة بمثابة تغيير الدين وتحكم بالطلاق، وحكم الطلاق بسبب تغيير الملة يمنع الكنيسة من التصريح الثانى بالزواج للمطلق لأنه لم يعد من رعاياها، وهنا يأتى دور الكنيسة فى ابتداع أعاجيبها لترضية صفوتها ومنحهم حق الزواج الثانى. الانضمام فى سرية تامة تطلب الكنيسة ممن طلق من صفوتها قضائياً بسبب تغيير الملة تقديم طلب إلى أسقف مدينته للانضمام إلى الطائفة الأرثوذكسية باعتباره من ملة أخرى، ويوضح فى هذا الطلب إقراره بالتوبة عن ترك الطائفة الأرثوذكسية ورغبته فى العودة الصادقة إلى حضن كنيسته، وهنا يقوم الأسقف بإحالة هذا الطلب (صوريا) إلى أحد الكهنة للتحقق من توبة مقدم الطلب وفحص إيمانه وتطابق هذا الإيمان مع إيمان الكنيسة، وهنا يرفع الكاهن إلى الأسقف تقريراً (صوريا) بأن مقدم الطلب قد تاب وعاد عودة صادقة إلى كنيسته الأم وأصبح ابناً مباركاً وباراً من رعاياها وأن إيمانه أرثوذكسياً لا ريب فيه، وينصح الكاهن ب (ضم) مقدم الطلب إلى زمرة الأقباط الأرثوذكس ويكون له ما لهم وعليه ما عليهم دون قيد أو شرط، وطبقاً لتقرير الكاهن يقوم الأسقف بإصدار وثيقة أو عقد ضم إلى الكنيسة القبطية ليعود من طلق بسبب تغيير الملة إلى حضن الكنيسة مرة أخرى ينعم ببركاتها ويكون له الحق بالتمتع والمشاركة فى كل أسرار الكنيسة ومنها (سر الزيجة). إسقاط الزيجة الأولي هنا تغض الكنيسة البصر عن الزيجة الأولى لمن طلق قضائياً بسبب تغيير الملة وتم ضمه من جديد إلى الكنيسة والحجة فى ذلك أن طلاقه وزيجته الأولى لا تخص الكنيسة، ولكنها تخص الملة التى غير إليها وتركها وعاد مرة أخرى إلى كنيسته، وعلى الرغم من ثبوت تلك الزيجة فى دفاتر الكنيسة فإنها تعتبر تلك الزيجة قد أصابها البطلان وأصبحت هى والعدم سواء لأن أحد أطرافها قد خرج من الملة، وهنا يظهر جلياً تناقض الكنيسة فهي تبطل زيجة لأن أحد أطرافها خرج من الملة وتعود وتمنح نفس هذا الطرف تصريحًا بالزواج لأنه عاد وانضم إلى الملة بعد أن أبطلت زيجته الأولى، وبمقتضى (عقد الضم) يكون له الحق فى الزواج من جديد داخل الكنيسة التى خرج من ملتها ليطلق وعاد إليها مرة أخرى ليتزوج وتعتبر الكنيسة أن خروجه من الملة خطية قد قدم توبة نصوحًا عنها. الزواج الثاني لا يعطى من طلب الانضمام مرة أخرى للكنيسة وثيقة من (عقد الضم) لأن انتشار مثل تلك الوثيقة سيفتح باب الطلاق والزواج الثاني داخل الكنيسة على مصراعيه، ولكن يتم فتح ملف له فى المجلس الإكليريكى التابع له يتم إثبات بطلان زواجه الأول بحكم المحكمة نظراً لتغيير الملة ويتم إثبات انضمامه مرة أخرى للكنيسة، ومن ثم يستخرج له تصريح زواج جديد ولأن هذا التصريح بالزواج الثاني يجب أن يحتوى ضمن بياناته على السبب الذى منح من أجله ولأن الكنيسة لا تريد الإفصاح عن (الضم) فيكتفى بذكر عبارة (ما ورد فى ملف الموضوع) كسبب لمنح هذا التصريح، وبالطبع غير مسموح لأحد بالاطلاع على ملف الموضوع حتى لو كان صاحب الشأن نفسه ولأن صاحب الشأن يكون من الصفوة فهو لا يحتاج إلى الاطلاع على الملف أو حتى على علم بمجريات الأمور، ولكنه يفاجأ بأنه قد منح تصريحًا ثانيًا للزواج يقدم له على طبق من ذهب مصحوباً بالدعوات والتبريكات، فقد قامت الكنيسة ومحاموها المحترفون بعمل كل ما يلزم! الكنيسة مجبرة يقول لنا أحد مصادرنا الكهنوتية داخل الكنيسة عن عقد الضم وعن لجوء الكنيسة لمثل ذلك الإجراء: «يحدث أحياناً أن يكون أحد أفراد الزيجة شخصًا لا رجاء منه فى الاستقامة فى الحياة الأسرية، ويكون الطرف الثاني مظلومًا ولا ذنب له ويصعب التفريق بين الطرفين، فتلجأ الكنيسة إلى قبول الانضمام مرة أخرى لها بعد الطلاق بسبب تغيير الملة، فهذا التغيير كان شكلياً فقط للحصول على طلاق من المحكمة والشخص الذى يقدم على ذلك هو مجبر، ونحن نعلم جيدا أنه لم يخرج من الكنيسة، ولكن الحاجة تخلق الحيلة»، أما عن وضع الطرف الآخر الذى لم يرتكب زنى ولم يغير ملته فيعلق المصدر: «صحيح أن هذا الطرف كنسياً يجوز منحه تصريح زواج إلا أن هذا لا يحدث لأن الكنيسة تعلم أن هذا الطرف لا يؤتمن على زواج وبيت مسيحى»، وعما إذا كان يمكن لهذا الطرف أن يقدم توبة ويتزوج مرة أخرى يضيف: «تكون توبة مشكوكًا فيها لأن هذا الطرف تكون الكنيسة قد استنفدت معه كل سبل الإصلاح وتقديم التوبة، ولكنه يصر علي سلوكه، ومن غير المعقول أن يتحول سلوك مثل هؤلاء الأشخاص من النقيض إلى النقيض بين عشية وضحاها» وعما إذا كان هناك أطفال لتلك الزيجة التى أبطلت يكمل المصدر: «نقف ضد حضانة الطرف المخطئ للأطفال ونفضل دائما الطرف غير المخطئ، وإذا ما رفض الطرفان حضانة الصغار فالكنيسة لها القدرة الكاملة على حضانة أطفالها وتربيتهم وتعليمهم على أعلى مستوى».