مشاكل كثيرة تمتلئ بها البيوت وتعانى منها الأسر القبطية الأرثوذكسية، كنتيجة مباشرة لصعوبة إقرار الطلاق، واستخراج تصريح كنسى بالزواج الثانى. فلم يعد هناك أى ضوابط أو محددات لحل مشاكل الأحوال الشخصية داخل الكنيسة، على الرغم من أن البابا تواضروس يبدى مرونة كبيرة فى التعامل مع تلك المشكلات، ويسعى إلى إصدار قانون أحوال شخصية للأقباط يحل الكثير من تلك المشكلات العالقة داخل الكنيسة، فإن صقور الكنيسة من المطارنة والأساقفة يقفون للبابا بالمرصاد ويمنعون صدور مثل ذلك القانون بحجة الحفاظ على النص الإنجيلى وعدم مخالفته، والغريب فى الأمر أن هؤلاء الصقور داخل إيبارشيتهم ينتهكون كل نصوص الإنجيل، وأصبح كل منهم إنجيلاً نفسه، يطلق ويزوج كيفما شاء دون حسيب أو رقيب، والحالات التى زوجوها أو طلقوها كثيرة. ومن المستقر عليه داخل الكنيسة أن الطلاق لا يتم إلا بسبب الزني، ولا يسمح للطرف المخطئ من الزوجين بالزواج مرة أخري، لأن هذا الطرف لا يؤتمن على رعاية بيت مسيحي، فالكنيسة تصر على حرمان الزوج أو الزوجة اللذين تورطا فى الزنى من الزواج مرة أخرى أى مدى الحياة، وهو الأمر الذى جعل الكثيرين يغيرون مذهبهم من الأرثوذكسية إلى مذاهب أخرى سعياً للحصول على تصريح زواج ثانٍ، ولكن كل تلك الثوابت داخل الكنيسة تطبق على العامة فقط، أما الصفوة فالأمر يختلف، حيث تنهار أمامهم كل ثوابت الكنيسة وتفتح لهم أبواب خلفية للزواج مرة أخرى ليتم الطلاق والزواج الثانى بالمخالفة لقوانين الكنيسة والإنجيل، ومن أشهر تلك الأبواب الخلفية تغيير المذهب إلى مذهب الكنيسة السريانية. الكنيسة السريانية هى كنيسة مسيحية موازية فى الإيمان والعقيدة للكنيسة القبطية، والكنيستان تقبل كل منهما تزويج رعاياهما من بعضهما البعض لتوافقهما فى الثوابت الإيمانية، ويستطيع الشخص الأرثوذكسى ممارسة كل طقوسه الدينية فى الكنيسة السريانية بما فيها طقس الزواج دون أن تمنعه كنيسته القبطية الأرثوذكسية من ذلك، بل تعترف بهذا الزواج، ولكن الأمر يختلف قانونياً أمام القضاء فالكنيستان تعتبر كل منهما كيانًا دينيًا مستقلاً أمام الدولة وتغيير المذهب من إحدى الكنيستين إلى الأخرى هو مبرر قانونى للطلاق أمام المحاكم، وهو الأمر الذى استغله صقور الكنيسة من الأساقفة لتطليق وتزويج المقربين منهم. وابتدع هذا السيناريو البابا شنودة الثالث مع فنانة مشهورة لتطليقها دون علة الزنى وتزويجها مرة أخرى داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث يتم التوسط لدى الكنيسة السريانية لمنح شهادة بتغيير المذهب من الأرثوذكسية إلى السريانية، وبمقتضى تلك الشهادة يتم رفع دعوى قضائية للطلاق بسبب اختلاف المذهب، وهو ما يحكم به القضاء، والمفترض أن الشخص الذى قام بتغيير مذهبه لم يعد تابعاً للكنيسة الأرثوذكسية، وبالتالى لا يحق له الزواج مرة أخرى بداخلها، ولكن الأمر يختلف بالنسبة للكنيسة السريانية فالكنيستان عقائدياً هما كنيسة واحدة، والأرثوذكسى الذى يغير مذهبه إلى السريانية ليس خارجا عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بل يظل من رعاياها، ومن ثم يتم منحه تصريح زواج ثانٍ ولا عزاء للطرف الآخر. ويبقى هنا عائق واحد لإتمام الزواج الثانى للصفوة وهو ضرورة توفر علة الزنى فى الطرف الآخر، فابتدعت الكنيسة قرينة «الزنى الحكمى» لإلصاقها بالمغضوب عليهم. ويقول أحد المتضررين، «إيهاب. ع»: «تزوجت من (ج. أ) وهى محامية مقربة من أحد كبار مطارنة الكنيسة، حيث أبدت له رغبتها فى الطلاق منى فقام بإحالتى لمجلس إكليريكى للتحقيق، حيث ادعت زوجتى أنى أشاهد الأفلام الإباحية، وهو الأمر الذى لم أنكره أمام المجلس لأننى لم تكن لديّ أى تجارب جنسية قبل الزواج، وكنت أشاهد تلك الأفلام لتعلم كيفية إرضاء زوجتى جنسياً، ولكن المجلس اعتبر أن هذا «زنى حكمى» وتم إرسال زوجتى إلى الكنيسة السريانية لتغيير الملة، وبمقتضى ذلك حصلت على حكم بالطلاق وتم منحها تصريح زواج ثانٍ وحرمانى من الزواج مدى الحياة لأننى اقترفت خطيئة الزنى التى لم أقترب منها من قريب أو بعيد، ولا أعرف كيف يتم الزنى من خلال مشاهدة الأفلام الإباحية، ولكن لأنى لست من ذوى الشأن لدى الكنيسة وجدت نفسى مطلقاً وحكم عليّ بالحرمان المؤبد من الزواج، ولست متفرداً فى حالتى فهناك الكثيرون الذين وجدوا أنفسهم «زناة» داخل الكنيسة بسبب أسباب واهية من أشهرها المحادثات على مواقع التواصل الاجتماعى «الشات» مع نساء، حيث تعتبر الكنيسة ذلك خلوة غير شرعية يقع معها الزنى الحكمي، والأمر الذى يثير الدهشة هنا أن هناك حالات زنى حقيقية تعرض على الكنيسة ويجد بها دلائل مادية وقانونية إلا أن الكنيسة لا تعترف بها بحجة عدم الاطمئنان لتلك الوقائع، على الرغم من أن بعضها ثابت بوقائع ضبط وأدلة قانونية»! ومع هذه الشهادة يصبح الأمر خطيرًا جدا، فكل الأقباط أصبحوا مهددين بالطلاق فى أى وقت والحرمان من الزواج مدى الحياة، وهو الأمر الذى يخالف القانون والدستور، فالزواج وتكوين أسرة هو حق كفله الدستور للجميع دون تمييز ولا يجوز حرمان أحد من حق دستورى مهما كان السبب، وعلى الدولة أن تتدخل لسن قانون أحوال شخصية للأقباط يكفل حقوقهم الدستورية دون تقييد، ولا يجوز التذرع بالمادة الثالثة من الدستور والتى تقضى بأحقية الأقباط فى الاحتكام لشرائعهم الدينية لأنه بذلك يتفجر أمامنا سؤال خطير وهو: هل الاحتكام إلى الشرائع الدينية يسقط الحقوق الدستورية؟ فلو كان الأمر هكذا لأصبحنا فى دولة دينية بامتياز.