«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزواج الثاني.. الأزمة التي وضعت البابا شنودة في مواجهة الدولة بعد سنوات من «الغَزَل»!

هل الزواج الكنسي سر من الأسرار الكهنوتية وطقس من طقوس العقيدة المسيحية يمنحها البابا لرعايا الكنيسة بمنأي عن أي قواعد أو ضوابط وبمعزل عن أي رقابة كصكوك الغفران؟ أم أن البابا يخضع لرقابة القضاء كأي مسئول حكومي؟ سؤال فرض نفسه في الآونة الأخيرة في ظل تأكيد البابا شنودة أنه صاحب الأمر والنهي في مسألة زواج الأقباط الأرثوذكس وأنه لا ولاية للقضاء علي قراراته الدينية، وأعلنها البابا صريحة في وجه الدولة «لا توجد قوة علي وجه الأرض تستطيع أن تجبرني علي مخالفة الإنجيل» رافضاً تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بحق الأقباط في الزواج الثاني وفق لائحة 1938 التي يرفض البابا شنودة الاعتراف بها منذ اعتلائه عرش بطريركية الأقباط الأرثوذكس.
عقب صدور الحكم برزت عدة إشكالات بدءاً من رد الفعل الرسمي من جانب الكنيسة التي لوحت بإمكانية اللجوء للمحكمة الدستورية العليا للطعن علي الحكم، أو تخيير البابا للدولة بين استمرار معارضته تنفيذ الحكم استناداً إلي الشريعة الإسلامية التي تحيله إلي الإنجيل أو سرعة إقرار قانون الأحوال الشخصية الموحد، أما الإشكالية فتتعلق بأحقية من حصلوا علي الأحكام القضائية في الزواج الثاني، إذ سيكونون بين أمرين إما التحول للإسلام أو الزواج وفق مذهب آخر، ناهيك عن إمكانية زواجهم مدنياً، الأمر الذي جعل السؤال الأكثر إلحاحا هو هل تستطيع الدولة إجبار البابا علي تنفيذ الحكم؟
لكن الحل المقترح من جانب الكنيسة وهو سرعة إقرار قانون الأحوال الشخصية الموحد الذي وقع عليه رؤساء الطوائف الثلاث الكبري في مصر يحمل إشكاليات أخري، فإذا كان كهنة وقساوسة الكنيسة الأرثوذكسية لا يرون غضاضة في تطبيقه، فإن قيادات الطائفة الإنجيلية يرفضونه شكلاً وموضوعاً ويتمسكون بلائحة 1938 التي تتيح الطلاق للأقباط في 10 حالات دون الاقتصار علي علة الزني، أما الكاثوليك فالأمر مختلف تماماً لديهم، لأنهم يرفضون الطلاق لعلة الزني من الأساس، فلا يوجد طلاق كاثوليكي ولو حدث الزني من أحد الزوجين تلجأ الكنيسة إلي التفريق بينهما دون طلاق.
أزمة «الزواج الثاني» لم تكن وليدة حكم الإدارية العليا الصادر مؤخراً وإنما بدأت فصولها منذ بداية عام 2000 حينما قرر بعض الأقباط المتضررين من تصميم الكنيسة عدم السماح لهم بالزواج الكنسي رغم حصولهم علي أحكام قضائية بالطلاق من المحاكم المدنية اللجوء إلي القضاء الإداري، علي اعتبار أن الكنيسة ممثلة في البابا شنودة هي شخصية اعتبارية تخضع قراراتها إلي رقابة قضاء المشروعية (قضاء مجلس الدولة) ومن وقتها أصدرت محاكم مجلس الدولة مئات الأحكام القضائية التي تؤيد حق أي قبطي مطلق في الزواج الثاني، إلا أن الكنيسة في كل مرة كانت ترفض الانصياع للحكم ولا تكتفي بالصمت شأن باقي الجهات الحكومية. ليس هذا فحسب بل وصل الأمر لتأكيدها أنه ليس للقضاء ولاية علي قراراتها باعتبارها تتعلق بالشريعة المسيحية، واستمر الوضع كما هو عليه حتي عام 2006 حينما لجأ البابا شنودة بنفسه إلي الطعن علي حكم القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا التي خذلته وأيدت أحكام القضاء الإداري بأحكام ومبادئ قضائية نهائية لا استئناف عليها، فقرر البابا الضرب بأحكام قضاء مجلس الدولة جميعا عرض الحائط.
الجدير بالذكر أن القضاء الإداري مستقر علي اعتبار المؤسسات الكنسية هيئات عامة، ففي سنة 1984 قضت المحكمة العليا باختصاصها بنظر قرار «الفرز» أي الفصل من عضوية الكنيسة والذي يعتبر أقسي قرار لما يتضمنه من حرمان المفصول من أي رابطة بالكنيسة الإنجيلية، أما الأقباط الأرثوذكس فطعونهم علي قرارات كنيستهم أقل وكانت أوائل الأحكام التي صدرت في هذا الصدد حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوي عام 1954، انتهت فيه المحكمة إلي أن بطركخانة الأقباط الأرثوذكس تعتبر من أشخاص القانون العام وأن ما يتفرع منها يعتبر هيئات إدارية.
وفي عام 2008 شرع البابا شنودة في تعديل لائحة 1938 التي قال منذ أن جلس علي كرسي مار مرقس الرسول أنه لا يعترف بها من الأساس وهي عدم إباحة الطلاق سوي لعلة الزني وتغيير الدين بدلاً من تغيير الملة، وهي التعديلات التي نشرتها الجريدة الرسمية إلا أنه لم يصدر قرار جمهوري باعتمادها حتي الآن.
أبرز تلك التعديلات كان إقرار الزني «الحكمي» والذي يتحقق بوجود الرجل أو المرأة مع طرف آخر في وضع مريب أو وجود خطابات تحمل معني الخيانة الزوجية فلم يعد ضروريا الإمساك بالزوج أو الزوجة في وضع الزني نفسه، وكذلك الشذوذ وحال طلب الزوج من امرأته ممارسة الزني مع آخر، علاوة علي تعديل سن الزواج ليكون 16 سنة للبنت و18 سنة للشاب، بالرغم من أن كل الأناجيل لا تحدد سنا معينة للزواج، إضافة إلي أن مشروع الأحوال الشخصية الموحد يعطي الحق لإبطال الزواج بواسطة الولي إن لم يوافق علي الزواج طالما لم تحمل البنت.
أما أسباب بطلان الزواج فهي العنة العضوية، أي وجود ضمور في الأعضاء التناسلية بما يحول دون الإنجاب أو العنة النفسية والتي تسبب عدم إتمام الجماع لمدة طويلة- لم يحددها- وكذلك المرض النفسي السابق للزواج وكذلك لو كان الزواج بالإكراه.
والواقع أن البابا أغلق باباً صغيراً للحيلولة دون انتقال الأرثوذكس من أبناء طائفته إلي الطائفة الإنجيلية أو غيرها للحصول علي الطلاق، وفتح بوابة كبيرة قد لا يستطيع غلقها بخروج الأقباط من الأرثوذكسية تماماً إلي دين آخر «الإسلام أو اليهودية» وموقف الكنيسة القبطية من اليهود وما فعلوه بالسيد المسيح لا يمكن أن يتناسوه ومن ثم فلن يجدوا أمامهم سوي الإسلام لندخل في دوامة جديدة تتمخض عنها أزمات كثيرة للعائدين إلي المسيحية بعد أن كان هذا الأمر يتم في نطاق المسيحية وإن اختلفت الطائفة.
هذا البديل هو وحده المنطقي، لأن الكنيسة لا يمكن أن تدعو أبناءها للزني، كما أنها لن تعطي تصريحا إلا للطرف المجني عليه المتضرر من الزني.
وإزاء هذا الصدام تقف الدولة موقف المتفرج غير المهتم رغم تضرر ما يزيد علي 200 ألف قبطي من هذا الأمر حسب إحصاءات قبطية وفق ما يراه مجدي وليم الذي حصل علي حكم قضائي بالتطليق من زوجته الفنانة هالة صدقي ورفضت الكنيسة منحه تصريحا بالزواج الثاني، رغم أنها أعطت لمطلقته تصريحا بالزواج، مضيفاً أنه علي مدار 17 عاما طرق خلالها جميع الأبواب القضائية وحصل علي ثلاثة أحكام قضائية تلزم الكنيسة بمنحه تصريحا بالزواج الثاني ولكن دون جدوي.
وشدد وليم علي أنه لن يمل وسيسعي إلي تنفيذ الأحكام الصادرة لصالحه بجميع الطرق المشروعة، حيث تقدم بدعوي تعويض ضد البابا يطالب فيها ب 5 ملايين جنيه عن الأضرار التي لحقت به جراء منعه من ممارسة حق دستوري أصيل له وهو أن يتزوج ويكون له أبناء.
بدوره يقول ماكس ميشيل الملقب بالأنبا مكسيموس رئيس مجمع أثناسيوس الرسولي أن هناك لبسا في ماهية الطلاق نفسه، فالطلاق هو قرار الرجل بالإرادة الشخصية دون المرأة أن ينهي الزواج، أما المرأة فتقوم بعمل دعوي للخلع، لأنها لا تمتلك أن تطلق نفسها، والطلاق موجود في الإسلام واليهودية ومحدد في المسيحية بعلة الزني، أما التطليق «فسخ الزواج» فهو ليس قرار الرجل أو المرأة وإنما قرار الكنيسة نفسها، ومن ثم فقد تم وضع ما يسمي «لائحة 1938» بواسطة المجامع الأرثوذكسية ال 37 لأسباب التطليق التي تقرها الكنيسة الأرثوذكسية.. ولكن بمجرد أن اعتلي البابا شنودة الكرسي المرقسي وقبل أن يمر أسبوعان من رسامته قال لا طلاق إلا لعلة الزني ولا تطليق إلا بالخروج عن الملة وتجاهل لائحة 1938 التي اتفقت عليها الكنيسة مع الدولة ومن ثم فباتت المحاكم تحكم لآلاف الحالات بالطلاق والكنيسة تتعنت بعدم السماح لهم بالزواج مرة أخري لمجرد التعنت دون أي مرونة.
وأضاف: القول بإن الكنائس الأرثوذكسية لا تصرح بالتطليق مخالف للواقع والحقيقة والتاريخ، فكنائس السريان والروم الأرثوذكس لا تتعنت مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مؤكداً أن هذا التفسير يعتبر محاولة شرح نص واحد من نصوص الإنجيل دون الرجوع إلي باقي النصوص بطريقة تتجاهل حقيقة النص مع الإصرار العنيد علي تجاهل تاريخ الكنيسة علي مدي القرون الطويلة وإهدار حقوق البشر وظلمهم باسم الإنجيل فهو مسئولية رهيبة أمام الله والناس والتاريخ.
وشدد ماكسيموس علي أن هناك أكثر من 50 ألف حالة طلاق حصل أصحابها علي أحكام تطليق من المحاكم وفقاً للائحة 1938 التي قدمتها الكنيسة للدولة ومع هذا الكم الهائل من حالات الممنوعين من الزواج بعد أن حصلوا علي أحكام تطليق من المحكمة يضطر الكثيرون من ضعيفي الإيمان منهم إلي إشهار إسلامه وهي أرقام بعشرات الآلاف «إحصائيا» والبعض يلجأ إلي بعض المحامين وبعض الموثقين الذين لديهم دفاتر توثيق خاصة بهم والبعض يقف في طوابير بالسنين أمام مكتب المجلس الإكليريكي للحصول علي تصاريح زواج دون جدوي، بينما يحصل البعض الآخر علي هذه التصاريح للزواج من الأغنياء والفنانين والمشاهير وغيرهم والبعض يدخل مع الكنيسة القبطية في نزاعات قضائية أمام المحاكم من باب «اشمعني».
في المقابل يؤكد القمص عبدالمسيح بسيط - راعي كنيسة العذراء بمسطرد - أن الكنيسة ملزمة فقط بنصوص الكتاب المقدس، فهي لا تطلق أحدًا بل تعطي تصريح زواج، ولا يمكن أن ترضخ لأحكام القضاء حال مخالفتها نصوص الإنجيل.
ويشير ممدوح نخلة - أحد مستشاري البابا القانونيين - إلي أن حكم مجلس الدولة غير مقبول وغير قابل للتطبيق خاصة أنه يتعارض مع مبادئ الشريعة المسيحية التي تنص علي أن (ما جمعه الله لا يفرقه إنسان)، مضيفا أنه قدم استشكالا لوقف تنفيذ حكم الإدارية العليا الصادر مؤخرا لحين إقرار قانون الأحوال الشخصية الموحد الذي يلقي قبولا واسعا من الطوائف المسيحية الثلاث - حسب نخلة.
وبغض النظر عما إذا كان قانون الأحوال الشخصية الموحد هو الحل من عدمه وما الموانع الحكومية لإقراره فمازالت لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة عام 1938 هي دستور الأقباط وميثاقهم حسبما أكد أحد نواب رئيس مجلس الدولة البارزين رداً علي تصريحات البابا شنودة الرافضة حكم الإدارية العليا، مضيفا أن الكنيسة ليست أول جهة حكومية لا تلتزم بتنفيذ أحكام القضاء وأن مسألة تنفيذ الحكم من عدمه تقع علي عاتق الجهة الحكومية الصادر ضدها الحكم، مضيفا أن قضاة مجلس الدولة الذين أصدروا أحكامًا قضائية لم تنفذ ليس أمامهم سوي تذكير المواطنين بأن عقوبة المسئول الحكومي الممتنع عن تنفيذ حكم قضائي هي الحبس أو العزل من منصبه.
وفند نائب رئيس مجلس الدولة تصريحات البابا قائلا: البابا يقول إنه ليس لقضاء مجلس الدولة ولاية علي قراراته وسلطاته الدينية وهذا مردود عليه بأن الكنيسة الأرثوذكسية تقوم بحسب الأصل علي رعاية الأقباط الأرثوذكس جميعًا، وفي سبيل ذلك خولها القانون السلطات اللازمة بموافقة الأقباط لتقديم الخدمات اللازمة لهم، وهذه من مهام الدولة ومن ثم فإن ما تمارسه الكنيسة في هذا الخصوص إنما هو نشاط إداري دعت إليه اعتبارات الصالح العام وتغدو القرارات الصادرة عنها علي هذا النحو قرارات إدارية تتعلق بتنفيذ القوانين واللوائح وتخضع لرقابة القضاء من حيث مدي مشروعيتها، ولذلك فإن التصريح بالزواج ثانية كنسيا حسبما ورد النص عليه في المادة 69 من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 لا يعدو في حقيقته مجرد قرار إداري يخضع لرقابة القضاء الإداري، ولا يمس المعتقد المسيحي ولا يتصادم مع أصل من أصوله، ولفت المصدر النظر إلي أن البابا طلب من المحكمة ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية وما تنص عليه من الاحتكام للإنجيل في النزاعات التي يدين طرفاها بالمسيحية وهذا ما أكدته المحكمة في حكمها مشددة علي أن لكل مواطن حقه الدستوري في تكوين أسرته بما يتفق والعقيدة التي ينتمي إليها، ولكن من جهة أخري ليس مقبولا من البابا شنودة أن يتحجج بخصوصية بعض الأحكام الدينية لديه، مما قد يختلف الرأي بشأنه لدي الطوائف المسيحية الأخري في ظل وجود توافق بينها حول لائحة الأحوال الشخصية التي أقرها المجلس الملي في عام 1938 بما تضمنته من قواعد وعلي ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، مشددا علي أن أحكام المحكمة الإدارية العليا واجبة النفاذ والممتنع عن تنفيذها يخالف صريح القانون والدستور.
قانون الأحوال الشخصية الموحد الذي تطرحه الكنيسة القبطية كشرط لتنفيذ أحكام القضاء وقع رؤساء الطوائف المسيحية علي لائحته تحت اسم «مشروع قانون للأحوال الشخصية الموحد لغير المسلمين» منذ حوالي 30 عاماً وقاموا بتعديله عام 1998 ولكنه دخل ثلاجة مجلس الشعب ولم يخرج منها حتي الآن، وكان الاتفاق فيه علي جعل الزني سبباً وحيداً موجباً للطلاق، وهو القانون الذي حصلت «الدستور» علي نسخة منه والمكون من (143) مادة تشمل أبواب الخطبة وأركان الزواج وشروطه وموانعه وإجراءات العقد وبطلانه وحقوق الزوجين وواجباتهما والنفقات والسلطة الأبوية والحضانة وثبوت نسب الأولاد المولودين في الإقرار بالنسب والادعاء به في انحلال الزواج.
وهذا القانون الذي يقدمه البابا شنودة كحل «وحيد» لأزمة الطلاق ترفضه قيادات الطائفتين الإنجيلية والكاثوليكية، فمن جانبه قال القس إكرام لمعي - أستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الإنجيلي - إن الكنيسة أجبرت أتباعها علي سلك إحدي ثلاث طرق للحصول علي الطلاق إما الزني أو تغيير الدين أو الواحد يموت ويرتاح!
وتساءل لمعي: لماذا أقرت الكنيسة بالزني الحكمي ولم تقر بالموت الحكمي مثل الغياب الطويل لأحد الزوجين، أو رهبنة أحد الطرفين وكذلك سجنه؟ فإما أن تقر الموت والزني الحكمي معاً وإما أن يظل الأمر كما هو عليه، وشدد علي تمسكه بضرورة إقرار القانون المدني علي الجميع مسلمين ومسيحيين.
من جهة أخري، قال رفيق جريش - المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الكاثوليكية-: نحن لا نوافق علي قانون الأحوال الشخصية الموحد؛ لأن الجهة الوحيدة الموكلة في ذلك هي المجلس الملي الكاثوليكي فقط، موضحاً أنه لا طلاق في الكاثوليكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.