الحق فى الحياة ليس هبة أو منحة من أحد، ولا يوجد ما قد يُجبر إنسانا على إنهاء حياة إنسانٍ آخر، ولا يُقْدم على القتل إلا فاجر. بعد 17 عامًا من قضية مهندسة الديكور هند الحناوى وأحمد الفيشاوى عادت نفس الأزمة، لكن مع ضحية قد لا تجد معها التعاطف باعتبار أنها ليست ممثلة ولا نجمة مجتمع وقد تكون ضحية مواجهة العادات والتقاليد بمفردها. هل تعيد هدير قصة هند الحناوى التى نجحت فى إثبات زواجها العرفى من الممثل أحمد الفيشاوى الذى تنصل منها ومن ابنته، هند قاومت طوفان التخلف الذى رماها بالخطيئة، لكنها كانت بكل هذه القوة النفسية التى حلت مشكلتها ومشكلة 14 ألف بنت فى المأزق ذاته. هدير مكاوى.. مدونة مصرية لاقت نفس الأمر، بعدما تزوجت حسب قولها من الشاب «محمود مصطفى فهيم المراغى» بطريقة غير رسمية حسب التعبير القانونى، بعد سنوات عاشتها فى استقلال عن أهلها وأنجبت طفلًا يُدعى «آدم». «هدير» قررت أن تمنح ابنها، اسمها، ليكون «آدم هدير مكاوى». بداية أزمة هدير أنها مرت بظروف مرضية وبعد أن تجاوزتها تعرفت على زوجها محمود مصطفى فهيم واتفقا على الزواج وتزوجا بالفعل، وكانت هدير «جدعة» معه بعدما حكى لها عن مشاكل يعيشها مع والده فقررت الوقوف بجانبه، خاصة أنه على الجانب الآخر لم يرحب أهلها به. عدم ترحيب أهلها به دفعهما إلى اللجوء إلى الزواج العرفى، كان شقيق محمود وأمه يعلمان بالزواج، ويعلمان أيضًا أنهما قضيا 3 أشهر سويًا فى مدينة «نويبع». «هدير» أصبحت حاملا وهنا اختلط زيت السوء عند محمود بماء عادات وتقاليد المجتمع، لكن جاءت الشجاعة من الزوجة لتواجه الكل بحملها لترى رد الفعل فى ظل تقاليد المجتمع أن الأمر مرفوض ولا مكان للنقاش فلم يزدها هذا الأمر إلا إصرارًا على استكمال ما قررته، حتى فى ظل أن كان أهلها أول من وقفوا ضدها. عائلتا هدير ومحمود اتفقتا، ليس على توثيق الزواج أو حل الأمر بل ذهبا إلى أقصر الطرق التى هداهما إليها عقولهما وقلوبهما وهو القتل أى التخلص من الجنين. «مكاوى» حافظت على حق الطفل الضحية فى الحياة وأصرت على ألا تجهض نفسها، لتأتى فى بداية عام المرأة بطفل تنتصر به للمرأة، إذن الطفل أصبح أمرًا واقعا يُعرى المجتمع. الأم حررت محاضر بعدم التعدى ضد أهلها وأهل والد الطفل، خاصة أنهما طلبا من قبل قتل الطفل بالإجهاض، وتقول إنهما هدداها بقتل الطفل، فيما يُعتبر المطالبة بالإجهاض أو التهديد به وكذلك التهديد بقتل الطفل جريمة يُعاقب عليها القانون. الآن المواجهة بمصير الطفل أصبحت حتمية، لمن سيُنسب الطفل؟ سواء أكان الطفل من زواجٍ موثق أو غير موثق، أو حتى من علاقة غير شرعية فإن ذلك لا يعطى أيا من الطرفين حق مطالبتها بالإجهاض وأنه أصبح على المجتمع ككل حماية الأم وابنها. شرعًا وقانونًا لو كان الابن من زواج شرعى فإنه سينسب لأبيه وسيستخرج أوراقًا رسمية بذلك ولو كان بزواجٍ عرفى، وورقة فإنه أيضًا سينسب لأبيه، ولو كان من علاقة تُصنف على أنها علاقة غير شرعية فإن حقه فى الحياة محفوظ أيضًا، لكنه سينسب إلى جده لأمه. تمسك الأم بحق ابنها فى الحياة شجاعة نادرة يجب الانحناء لها. الدفاع عن طفل فى الحياة ليس مراهقة فيمنستية من أم اختارت أن تواجه المجتمع بعاداته وتقاليده وأهلها وأهل والد الطفل، لكنها تصحيحًا لأمر واقع يفرض نفسه، أمر وجد الأهل فى الطرفين أن القتل الوسيلة الأسهل لهما فى التخلص من المشكلة وكأن القتل أصبح شيئًا هامشيًا سيمر. فى حالة إن كانت هدير مكاوى مخطئة، فإنها بشجاعتها فى مواجهة الرافضين لها ولطفلها وبإنسانيتها فى الحفاظ على حياته على غير رغبة كل الأطراف بمن فيهم المجتمع ذاته فإنها تستحق نظرة أكثر عدلا وإنسانية. المزايدة على الفضيلة إحدى الأسباب التى فاقمت أزمة مكاوى، فهاجمها البعض لتشويه القضية من منطلقات ذكورية باعتبار أن اللوم الأكبر على الضحية فى مجتمعاتنا الشرقية.