بعد فضيحة تجسس الولاياتالمتحدة على الحكومة الألمانية وقصر الإليزيه شرب رجال السياسة الأمريكيون متمثلين فى وزير الخارجية الأسبق الجنرال كولن باول من نفس الكأس الفضائحية، حيث اكتشف تسريب عدد كبير من رسائله الإلكترونية المهمة. ويعتقد أن القراصنة زودوا موقع «دى سى ليكس» بنحو 30 ألفا من رسائل كولن باول الإلكترونية. وأكد باول، الذى شغل منصب وزير الخارجية من 2001 إلى 2005 أن الرسائل المسربة حقيقية، وقال إن القراصنة يملكون «عددا كبيرا جدا منها». يرتبط الموقع الذى سرب رسائل البريد الإلكترونى بمجموعة القراصنة التابعة للاستخبارات العسكرية الروسية التى يُطلق عليها اسم Fancy Bear بحسب ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست، ويُحقق مكتب التحقيقات الفيدرالى فيما يبدو أنه محاولة روسية واضحة ل«تقويض الكفاءة السياسية» فى الولاياتالمتحدة. وكانت مجموعة المُخترقين DCLeaks قد استطاعت الحصول على أرشيف بريد «باول» الإلكترونى ونشرته فى موقع LobeLog المتخصص فى السياسة الخارجية بحسب تقرير لصحيفة «الإندبندنت» البريطانية. وكشفت التسريبات أيضاً أن «باول» قد حاول النأى بنفسه عن فضيحة البريد الإلكترونى الخاصة بكلينتون التى لاحقت حملتها الانتخابية منذ بدايتها. أبدى وزير الخارجية الأمريكى الأسبق كولن باول نفورا من مرشحى الرئاسة لكنه وجه انتقادات أكثر حدة للمرشح الجمهورى دونالد ترامب وذلك فى رسائل إلكترونية سربتها مجموعة يشتبه مسئولو المخابرات الأمريكيون بأنها على صلة بروسيا، أكد باول صحة آلاف الرسائل المسربة لكنه أحجم عن تقديم تفاصيل أخرى. ووصف باول الذى ينتمى للحزب الجمهورى ترامب فى إحدى الرسائل المسربة بأنه «عار وطنى» و«شخص منبوذ دوليا» تحالف مع عنصريين يشككون فى ميلاد الرئيس باراك أوباما فى الولاياتالمتحدة. وذلك فى رسائل إلكترونية شخصية سربت بعد قرصنتها، وكتب باول يقول عندما لم يستطع ترامب مواصلة هذا قال إنه يرغب أيضا فى معرفة إن كانت شهادة «ميلاد أوباما» تذكر أنه مسلم. وفى تبادل للرسائل الشهر الماضى مع أحد مساعديه السابقين، انتقد باول ما يسمى بحركة المشككين فى مولد الرئيس باراك أوباما وبالتالى جنسيته والذين يترأسهم ترامب، ووصفهم بأنهم «عنصريون». وفى إشارة للمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون قال باول فى رسالة أخرى بالبريد الإلكترونى إن وزيرة الخارجية السابقة «جشعة» ولديها «طموح جامح». وأحجم متحدث باسم حملة كلينتون الانتخابية عن الرد كما لم ترد حملة ترامب على طلب للحصول على تعقيب. إلا أن هيلارى كلينتون، عادت وصرحت فى بيان صحفى «أكن الكثير من الاحترام لكولن باول.. أتعاطف كثيرا مع من يكتشفون أن رسائلهم الإلكترونية أصبحت علنية». وتأتى هذه الأنباء بعد فترة وجيزة من اتهام ترامب بالخيانة لتشجيع الروس على اختراق رسائل البريد الإلكترونى الخاصة بكلينتون للبحث عن 3000 وثيقة «مفقودة» لم تُسلم إلى مكتب التحقيقات الفيدرالى على خلفية «فضيحة» استخدام كلينتون لبريدها الإلكترونى الشخصى فى مراسلات رسمية. ويحجم البيت الأبيض حتى الآن عن إلقاء اللوم فى الهجمات الإلكترونية على روسيا صراحة. وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين خلال إفادة يومية: «لم تصدر الولاياتالمتحدة تقريرا رسميا بشأن من يمكن أن يكونوا مسئولين عن ذلك». وكشفت الوثائق مسربة، أن وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، كولن باول، تحدث عن قدرات إسرائيل النووية، أيام توليه لمنصبه، مع أحد أصدقائه، قائلاً إن لدى تل أبيب 200 رأس نووى. ورغم تطوير إسرائيل سلاحًا نوويًا منذ عقود مضت، فإنها لم تصرح فى أى وقت بكونها دولة نووية، وهو الأمر الذى يجعل حصولها على الرؤوس النووية بمثابة معلومة تملكها الحكومتان الإسرائيلية والأمريكية. وأوضح باول، وهو جنرال متقاعد سبق له أن تولى منصب مستشار أمنى لدى البيت الأبيض، الجمعة، أن عدد الرؤوس النووية التى ذكرها يستند إلى تقديرات عامة فى إسرائيل. وأضاف فى رسائله إلى أنه لم يتلق أى معلومات من مصادر أمريكية حول وجود قدرات نووية لدى إسرائيل أو حتى حجمها، مشيرًا إلى أن يعتقد وجود رءوس نووية لدى تل أبيب، شأنه شأن باقى الناس، لا سيما أن الرسالة الإلكترونية التى أثير بشأنها الجدل، تمت كتابتها قبل 10 سنوات، أى بعدما غادر الحكومة.. ويعود تاريخ الرسالة المسربة إلى مارس 2015 فى البريد الشخصى لكولن باول، فى معرض حديث عن الملف النووى الإيرانى، قال فيه إن الإيرانيين لن يستطيعوا استخدام السلاح النووى وإن تمكنوا من صناعته لأنهم يعلمون أن لدى إسرائيل 200 رأس نووى، كما أن لدى الولاياتالمتحدة آلافا أخرى من الرءوس المماثلة. من المعروف أن إسرائيل تعتمد سياسة «الغموض النووى» ولا تتحدث علناً عن أنواع الأسلحة التى تملكها أو عددها، حتى إن كان معلوماً أن إسرائيل، حليفة الولاياتالمتحدة، تملك عدداً غير قليل من الأسلحة النووية. ويُقدّر المراقبون أن إسرائيل لديها عدد من الأسلحة قد يصل إلى 400 لكن الرقم الذى جاء فى تسريبات «باول» هو المصدر الأكثر موثوقية حتى الآن. على ضوء هذه التسريبات أبدى البروفيسور «أفرايم عنبار» خبير الأمن القومى الإسرائيلى ومدير مركز «بيجين- السادات» غضبا شديدا على ما جاء فى رسائل باول المسربة، معتبرا أنها تكشف مجددا «الجهل» الأمريكى فى التعامل مع الشرق الأوسط وقال: «من الصعب معرفة ما إن كان كولن باول يعرف عدد القنابل الحقيقى. لكن تعالوا نفترض أن لدى إسرائيل هذا العدد من القنابل. إذن ماذا؟ مساحة إسرائيل ليست كبيرة كالولاياتالمتحدة، وهنا ستتسبب بضعة قنابل فى أضرار لا يمكن استيعابها، بخلاف الولاياتالمتحدة، التى يمكنها أن تتحمل ضررا من هذا النوع بسبب كبر مساحتها. من هذه الزاوية لا يتفهم الأمريكان وضع إسرائيل وهذا أمر محزن ومثير للغضب» وأضاف: «علاوة على ذلك، فى الحرب الباردة واجه الأمريكان خصما عاقلا كالاتحاد السوفيتى، لذلك كان واضحا أن الطرفين لن يخرجا فى مغامرة نووية. لكن الآن لدينا حساب مع الإيرانيين، الذين قالوا أكثر من مرة أنهم سيستخدمون القنبلة. هناك فى طهران عناصر متطرفة بشكل كاف بإمكانهم أوقات السلم أو خلال تعرض حكمهم لهزات، مثلا فى أعقاب انقلاب مضاد، الضغط على الزر لتحقيق أحلامهم الإسلامية. لذلك أنا حزين من كلام باول». الدكتور «مكس سينجر» الخبير فى السياسات الخارجية والأمنية للولايات المتحدة، وفى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بمركز «بيجين- السادات» شن هجوما كبيرا على وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، مضيفا: «مرة أخرى نكتشف أن الرجل منفصل عما يحدث بمنطقتنا المعقدة. انتبهت لذلك عندما كان وزيرا للخارجية. تعالوا نتكهن أن لدى إسرائيل فعليا 200 رأس نووى، إذن ماذا؟ هل يعنى ذلك أننا آمنون فى الحقيقة، وأن إيران لن تحاول الإضرار بقوة إسرائيل؟». واحتوى بريد باول الإلكترونى أيضا على المعلومات، موجهة من «باول» إلى شريكه وأحد متبرعى الحزب الديمقراطى جيفرى ليدز بشأن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكى، يحذرهم من الاتفاق النووى مع إيران الذى حدَّ من قدرة طهران النووية فى مقابل رفع الحظر على النفط الإيرانى والعقوبات المالية المفروضة عليها. ورغم ذلك، تم وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووى بين أمريكاوإيران فى الصيف الماضى. وكتب «باول» فى الرسالة: «ليس باستطاعة المُفاوضين أن يحصلوا على ما يريده نتنياهو»، وأضاف: «على أى حال، لا يستطيع الإيرانيون استخدام «سلاح نووى» حتى إذا تمكنوا من صنعه فى النهاية، الأولاد فى طهران يعرفون أن إسرائيل لديها 200 رأس نووى، وكلها موجَّهة إلى طهران، ونحن لدينا الآلاف. لكن «بأول» قد أيَّد الاتفاق علناً حين قال لبرنامج Meet the Press «قابل الصحافة» على قناة NBC الأمريكية فى سبتمبر 2015 إنه «اتفاق جيد للغاية» لكنه لم يبدُ تحمساً بشأن الاتفاق فى البريد الإلكترونى الذى أرسله إلى «ليدز» بعد أشهر مشككاً فى أن إيران قد تتمكن من اختبار سلاح نووى «فى خلال عام». واعترف المسئول المتقاعد والجنرال الأمريكى الأسبق «باول» بأن العقوبات لن تكون ردعاً كافياً لإيران إذا كانت مصممة على تطوير أسلحة نووية. وعلى جانب آخر، كان كبير موظفى الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريغان قد دعا «باول» إلى عدم تأييد الاتفاق النووى علناً، لكن «باول» رد عليه مدافعاً عن الاتفاق لأنه «خير للبلاد». وكتب «باول» يقول الإيرانيون إن لهم كامل الحق فى تخصيب اليورانيوم لتوليد الطاقة، وهم على حق فى ذلك. لقد ساعدهم الروس فى بناء مفاعل نووى فى «بوشهر». العقوبات التى يمكنها أن تلحق بإيران خسائر بالمليارات تكفى لتعطيلها غير ممكنة. يقول «نتنياهو» وكذلك استخباراتنا إن أمام الإيرانيين «عاماً واحداً» «لامتلاك قنبلة نووية». لكنهم يقولون ذلك كل عام. ليس من السهل فعل ذلك». وأضاف «باول»: «الاتفاق الإيرانى هو خير لهذا البلد وحلفائه. الجنرالات والأدميرالات المتقاعدون يعارضونه. لقد درسته جيداً للغاية.. لكن الجنرالات يحاولون حماية خياراتهم المستقبلية «فى حال اندلاع حرب».