نهار أسود ومنيل بستين نيلة.. والكوبرى فى سوهاج ينهار بعد سبعة شهور من بنائه وقد تكلف 18 مليونا بالتمام والكمال.. وأغلب الظن أن الذين قاموا بالبناء تصوروا أن أهلنا فى سوهاج من الصعايدة الطيبين.. لن يدققوا كثيرا فى مسألة جودة الإنتاج.. لكن البيه المحافظ هو المسئول الأول والأوحد.. المحافظ ليس مسئولا بشخصه.. لكنه المسئول بحكم وظيفته حتى ولو تولى المنصب بالأمس فقط.. عليه أن يضع استقالته تحت تصرف رئيس الحكومة.. ولو أفلح فى الإمساك بالجناة والمسئولين عن الخيبة الثقيلة فله الشكر والتقدير، أما لو تقاعس واكتفى بالتحقيق على الورق.. فالباب يفوت جمل وفيل بزلومة كمان..! أقول إن على المحافظ أن يأمر بالتحقيق الفوري.. إبراء لسمعة المنصب.. ومحاسبة المسئول والمقصر وخصم الفلوس.. فلوس المال العام من جيب المتلاعبين بالمال العام. إن نهب المال العام ليس جريمة تسقط بالتقادم.. هى ليست جريمة عادية يرتكبها الفرد وخلاص.. وهناك من الجرائم ما تلاحق صاحبها طوال حياته وتلاحق الورثة والأهل والأقارب بعد عمر طويل.. وغدا سوف تجد من يشير للبيه المحافظ.. وحتى بعد أن يغادر موقعه.. ليقول هذا المحافظ مسئول عن إهدار المال العام وتسبب فى انهيار كوبرى بعد بنائه بسبعة شهور..! إن المال العام يستخدم فى تمويل خطط التنمية وتحسين الأحوال.. وبناء المدارس والمستشفيات.. ومن غير المعقول أن تتسامح الدولة مع البهوات من المتلاعبين بالمال العام.. وفى كل بلاد الدنيا الموظف العام والبيه المحافظ بالذات يعيش فى بيت من زجاج.. وكل شيء مكشوف والحركات مرصودة.. وعلى المحافظ تحمل تبعات المنصب.. وعليه أن يمشى على الصراط المستقيم.. ويا ويله ويا سواد ليله لو لعب بذيله يمينا أو شمالا.. أقول قولى هذا وأنا لا أعرف المحافظ شخصيا.. وأغلب الظن أنه من أفاضل المحافظين.. ولهذا أسأله ألا يكتفى بإبلاغ النيابة وخلاص، وعليه أن يجعل من قضية انهيار الكوبرى قضية شخصية.. لأن انهيار البناء الذى تكلف 18 مليونا يمس سمعته الوظيفية بشكل مباشر.. وعليه أن يسعى لإبراء ذمته.. ليس فقط بإبلاغ النيابة والانتقال لموقع الانهيار للمعاينة.. ولكن بالبحث والتحرى والتحقيق وجرجرة المسئول عن هذا الانهيار الأخلاقى قبل انهيار جسم الكوبري. لا أريد أن أكون ثقيل الظل لأقارن بين أحوالنا الآن وأحوال زمان والتى لم تكن كذلك أبدا.. وكوبرى إمبابة بنى منذ مائة وخمسين عاما ولم يتعرض للانهيار أبدا.. ولا تقل لى إن ذمة أهل زمان كانت أفضل.. كل ما فى الأمر هو المتابعة والرقابة التى نطلبها من المسئول فى المواقع المختلفة. إن السمعة ليست شهادة من اثنين موظفين بأن سلوك سعادتك فوق مستوى الشبهات.. والنزاهة سلوك وممارسة.. وفى بلاد الخواجات فإن أية شائبة تشوب تصرفات الموظف العام تنقلب الدنيا ويسارع الرجل من تلقاء نفسه يطلب التحقيق معه.. لأنها مصيبة حقيقية أن تكون سمعة الموظف العام.. لا مؤاخذة..! وليس صحيحا بالمناسبة أن الفساد صناعة محلية.. والصحيح أن كل دول العالم تعرف الفساد وتتعامل معه.. الفارق بيننا وبين الخواجة أنهم يضربون بصرامة على اليد الفاسدة أو المتراخية.. يجرسون صاحبها ويفضحونه ويجرجرونه من قفاه لأقرب تخشيبة.. لأن التخلص من المسئول الفاسد هو شهادة إبراء ذمة للأجهزة من تهمة المشاركة أو غض البصر.. ثم إنها درس للمجتمع وللأجيال الجديدة.. بأن من ينحرف أو يقصر أو يتقاعس يسقط.. مهما كان موقعه أو انتماؤه لشخص أو نظام!!.