تثير فتاوى الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، على موقع «أنا السلفى»، والذى يعد المرجعية العلمية والفقهية لحزب النور، مخاوف عديدة من تكرار سيناريو العنف والقتل، فى حالة الصدام مع الدولة أو الاختلاف بين الفرقاء السياسيين، فيطل شبح التكفير ويتحول الخلاف إلى عدوان على الدين وخروج عن طاعة الله وتسفك فى سبيله الدماء. خلال تصفح الموقع الرسمى للدعوة السلفية الذى يجيب فيه «برهامي» عن أسئلة زواره ويسجل فتاواه بشأنها، فيحرم العمل بجهاز الشرطة ويكفر الدولة لأنها تعتمد القوانين الوضعية وتحكم بغير ما أنزل الله فضلا عن تكفير أهل الكتاب واعتبارهم ذميين وليسوا مواطنين وجواز هدم الكنائس. فالفكر السلفى الذى يعتمده حزب النور - الذراع السياسية للدعوة السلفية - والذى يصفه برهامى بالمعتدل يقسم الوطن على أساس الانتماء الدينى وليس الهوية الوطنية ويبذر بذور الفتنة والطائفية ويشطر العالم لدار حرب تستوجب الجهاد فيها ودار سلام لمن اتبعه من المؤمنين بفكره. تكفير الدولة يحرم ياسر برهامى العمل بالقوانين الوضعية فى مؤسسات الدولة والتى تعطل الأخذ بنصوص وكتاب الله فى الحكم وتنظيم شئون الناس واستبدالها بقوانين وتشريعات بشرية بحسب ما يتبنى من رأى فيقول: «الحكم بغير ما أنزل الله كفر لأن الله تعالى يقول فى كتابه (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة: 44) تحريم العمل بالشرطة باستثناء المطافي، يحرم برهامى العمل فى قطاعات الداخلية الأخري، وفى ذلك يقول: «إذا كنت تعمل فى المطافى مثلاً، والأعمال التى لا تتعلق بالقوانين الوضعية ولا تمنعك بالقيام بالطاعات واجتناب الظلم والمعاصي، فلا حرج فى ذلك»، وأضاف: «وأما إذا كان لابد أن تفعل المخالفات الشرعية وأن تنفذ ما تؤمر به مما يخالف شرع الله، قد قال رسول الله: (ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا خازنا). تحريم العمل بالبريد والبنوك أفتى برهامى لأحد الشباب السائلين على موقع «أنا السلفي» بعدم جواز العمل فى البنوك حتى وإن كانت فى الأعمال التى لاتتعلق بالقروض. الشاب الذى ضاقت به سبل البحث عن عمل فلم يجده إلا فى بنك مصر كما كتب فى رسالته لبرهامى ويؤكد له نيته ألا يعمل إلا فى المعاملات الحلال والتبرع بشكل شهرى بنصف راتبه رد عليه برهامي: «إذا أمكنك أن تعمل فى فرع المعاملات الإسلامية فيجوز، وإلا فلا». وفيما يتصل بالعمل بالبريد فكان السؤال من شاب حاله لايختلف كثيرا عن السائل الأول يتردد على أكثر من عمل ويفشل حتى وجد ضالته فى عمل بهيئة البريد المصرى فكان جواب برهامى عليه: «فاستلم العمل واجتهد بكل وسيلة ألا تعمل فى دفتر التوفير؛ فإن لم يكن بد من ذلك، فاترك العمل حينئذ». تكفير الأقباط يعد الموقف من الأقباط من أكثر المواقف التى لاتتوانى الدعوة السلفية وأعضاء حزب النور عن التصريح به ليل نهار فهم النصارى والكفار والمشركون ويستنكرون على المسلم التشبه بهم ومشاركتهم أعيادهم ومناسباتهم الدينية وتحريم الاحتفال بها أو تهنئتهم. وجاء سؤال على موقع «أنا السلفي» يقول: «هل يجوز للمسيحى الترشح فى مجلس الشعب؟ وإذا كان يجوز فهل يكون على رأس قائمة «حزب النور» السلفي؟. جاءت إجابة برهامى على النحو التالي: «الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، فمجلس الشعب له سلطة تشريعية ورقابية، ويمكنه عزل رئيس الدولة، ومحاسبة الحكومة، والمقرر أن كل أنواع الولايات لا يحل للكافر أن يتولاها، وهذا ليس غريبًا من القول، ف «مجلس اللوردات البريطاني» وهو أحد مجلسى التشريع شرط دخوله أن يكون العضو بروتستانتيًا. وعلى أى حال فهذا فى حالة الدولة المسلمة الكاملة. وأما الواقع الذى يعيشه المسلمون اليوم، فهو واقع أفرزه فى الحقيقة «الاحتلال الغربي» لبلاد المسلمين، وما نتج عنه من تربية الأجيال العلمانية التى تدور فى فلكهم، فى السياسة، والإعلام، والاقتصاد، وغير ذلك من شئون الحياة. فما يفعله المسلمون فى هذا الواقع مرتبط بالقدرة والعجز، والمصلحة والمفسدة. ولم يحدث أن وُضع على رأس قائمة «حزب النور» رجل نصراني». فتوى بهدم الكنائس يقول «برهامي»: إن هدم الكنائس غير حرام شرعًا، وسبب موافقتنا على بنائها من خلال مواد الدستور الخاصة بدور العبادة وعدم أخذ الجزية من النصاري، أن المسلمين فى العصر الحالى معلوم حالهم بالنسبة لدول العالم بالضعف وتدهور المنزلة بين الناس. وأضاف: «حين فتح المسلمون مصر، كان جميع الفلاحين نصاري، وكان المسلمون وقتها من الجيش والجنود فقط، ولم يكن هناك انتشار للإسلام بعد، فسمحوا للنصارى ببقاء كنائسهم، كما سمح الرسول لليهود بالبقاء فى خيبر عندما فتحها، وعندما كثر أعداد المسلمين أخرجهم منها عمر بن الخطاب، لقول رسول الله «أخرج اليهود والنصارى عن جزيرة العرب»، ووقتها لم يكن هناك يهودى واحد فى خبير». وتابع: «كذلك القرية التى بها نصاري، وليس عندهم مسلمون ولا مساجد، فأجازوا بقاء كنائسهم، على الرغم من أن هدمها ليس محرمًا، ولكنهم وجدوا سببًا فى وجود كنائس للنصاري، حيث لم يكن عدد المسلمين كافيا، وكانوا قلة، ولكن عندما سكن المسلمون الأرض وبنوا عليها مساجد، فلا يصلح أن يجتمع بيت رحمة وبيت عذاب كما قال رسول الله». يقول حسام حداد، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أنه لم تطرأ أى تحولات فقهية وعقائدية لدى المدرسة السلفية فى مصر من تكفير الأنظمة ورفض التقارب بين السنة والشيعة وحلق اللحى والموسيقى والليبراليين والعلمانيين فما كان يصدره ياسر برهامى وأعلام الدعوة السلفية طوال التاريخ كما هى على حالها لم تتغير. ويضيف: «لايزال الفكر السلفى يؤمن بالنموذج الإسلامى للحكم الأكثر تشددا مما كان يطرحه الإخوان الذى لايؤمن بالديمقراطية أو المدنية إنما تقوم أسسه على «عقد الإمامة» والذى لاينتهى إلا بموت الإمام وبذلك لايكون هناك أى تداول للسلطة ولامجالس نيابية أو أحزاب سياسية ويستبدل بهما الشورى وتكون غير ملزمة للحاكم أيضا إنما هى مجرد رأى استشارى فقط. ويشير حداد، إلى أن الصف الثانى من الدعوة السلفية يتحرك فى المساجد ويمارس دوره الدعوى بحرية تامة بينما التضييق على المشايخ المعروفين. موضحا أن ثمة فجوة شديدة بين كوادر الدعوة السلفية وقياداتها وصرح الشيخ برهامى أكثر من مرة بأن قطاعات واسعة من شباب الدعوة السلفية تؤمن بفكر داعش ويقبلون به ويدافعون عنه. ويوضح مصطفى زهران، الباحث فى الحركات الإسلامية، أن السيناريو المتوقع للتيار السلفى هو الانكفاء على الدور الدعوى والاجتماعى كما كان الوضع قبل 25 يناير فى ظل ما يبدو أنه عن إحداث تطوير جوهرى فى خطابه السياسى.