مجموعة مدججة بالأسلحة النارية تربصت بمعلم - بضم الميم - صبرى نخنوخ، وكاتم أسرار قيادات الحزب الوطنى المنحل مصطفى الأبيض، فأطلقت عليه وابلاً من الأعيرة النارية فسقط فى بركة من الدماء قتيلاً. ورغم مرور أيام على الجريمة، لاتزال الملابسات غامضة وتحريات فريق البحث التابع لمديرية أمن الجيزة لاتصل إلى أى شىء. أما عن تفاصيل الواقعة ذاتها، فقد كانت عقارب الساعة تقترب إلى الواحدة بعد منتصف الليل، والمعلم مصطفى الأبيض كان يجلس فى قطعة أرض يمتلكها ويبلغ سعرها 400 مليون جنيه، وتبدو على وجهه علامات التوتر، وفجأة طلب من صديق له «لاعب كرة» أن يصطحب أولاده إلى أمهم، حيث تقيم فى فيللا بهضبة الهرم رغم أنه لا يأمن عليهم مع أحد، وكأنه كان يعلم بأن هناك من يتربص به، وبعد عودة اللاعب واطمئنان الأبيض جلس نصف ساعة تقريبًا وقرر أن يعود فيللته واصطحب السائق وتوجه إلى منطقة هضبة الهرم، وعند وصوله ونزوله من السيارة فوجئ ب3 أشخاص يحملون بنادق آلية ويطلقون عليه وابلاً من الأعيرة النارية ليسقط وسط بركة من الدماء، ووسط ذهول المارة. شخص يدعى «يحيى» وهو صديق الأبيض فوجئ باتصال تليفونى من المقدم مروان مشرف، رئيس مباحث الهرم يخبره فيه بأن صديقه مصطفى الأبيض غارق فى دمائه والجيران يخشون نقله إلى المستشفى أو الاقتراب منه وبسرعة توجه يحيى إلى مسرح الجريمة ونقله إلى مستشفى الهرم، وتم إخطار اللواء طارق نصر، مساعد الوزير لأمن الجيزة وانتقل العقيد مدحت فارس مفتش المباحث والنقيب أحمد سمير معاون مباحث الهرم، وتبين أن الأبيض مصاب بطلقات بالقدم واليدين والكتف وحالته العامة سيئة. صديق الأبيض حاول الدخول له أثناء إسعافه والتفت الأبيض له قبل أن يدخل فى الغيبوبة الأخيرة وقال له: «أنا بخلص وهموت خلى بالك من الأرض»، وبعدها تم نقله إلى مستشفى دار الفؤاد بأكتوبر ليتم حجزه فى العناية المركزة ليلقى ربه ويتم تشريحه ثم دفنه. ∎ تحريات فريق البحث وتم تشكيل فريق بحث يشرف عليه اللواء محمود فاروق، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة ويقوده اللواءات مجدى عبدالعال نائب مدير المباحث وجرير مصطفى مدير المباحث الجنائية وأثبتت التحريات وجود خصومات كثيرة بين المجنى عليه مصطفى الأبيض وخارجين عن القانون وآخرهم المدعو هشام عكاشة للخلاف على أراض صحراوية قيمتها 400 مليون جنيه بطريق مصر الإسكندرية وسبق للمدعو عكاشة دخول هذه الأرض وحيازتها لأكثر من سنتين ثم تحصل الأبيض على حكم محكمة بحيازة الأرض وعين عليها جيشًا من البلطجية. كما علم فريق البحث أن الأبيض سبق أن تحفظ على المدعو محمود سلطان مالك برج سكنى بالهرم وأجبره على تحرير إيصالات أمانة لإعادة أموال دفعها فى شراء شقق سكنية، وتم هدم العقار بقرار من محافظ الجيزة وأن المدعو سلطان طلب من الأبيض دفع 500 ألف جنيه رشوة لعدم هدم العقار. ∎ «كاتم أسرار نظام مبارك» مصطفى رمضان وشهرته «الأبيض» كان رجل الحزب الوطنى الأول وبعض وزراء مبارك ومنهم وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، حيث وقف بجوار اللواء بدر القاضى الذى تربطه صلة نسب بالعادلى فى انتخابات مجلس الشعب بدائرة بولاق الدكرور وبالفعل نجح القاضى بمساعدة رجال الأبيض. كما يعتبر الأبيض الأب الروحى لنخنوخ وأستاذه الأول فى عالم البيزنس، حيث جمع ونخنوخ أكثر من مناسبة كان يجلس فيها الأبيض بجوار وزراء فى نظام مبارك ومنهم شخصية قضائية معروفة ووزير معروف أيضًا. أحيل الأبيض سابقًا للمحاكمة العسكرية بعد معركة بالأسلحة الآلية فى شارع البطل أحمد عبدالعزيز بالمهندسين مع مالك عوامة سياحية. وكان يرتبط بعلاقة صداقة مع وزير حالى وسبق وظهر معه وبجواره فى فرح نجله، وفى أفراح لبعض رجال الأعمال المعروفين، كما تم ضبط الأبيض فى أكثر من 10 قضايا وتم تسجيله كمسجل خطر. ∎ مفاجأة تهز الشرطة استدعى العقيد مدحت فارس، مفتش مباحث الغرب نجل المجنى عليه وطلب منه هاتف الأبيض حتى يساعده على التوصل إلى معلومة تساعد فى التوصل لمرتكب الجريمة، وبالفعل أخذ العقيد مدحت فارس الهاتف وكانت المفاجأة، حيث عثر على أسماء وأرقام وزراء سابقين فى نظام سابق ووزير حالى وبعض أرقام وكلاء النيابة ورجال أعمال الحزب الوطنى وفنانين ومطربين مشهورين، كما تحصل فارس على مكالمات للمجنى عليه الأبيض ووزير حالى كان قد قام الأبيض بتسجليها بنفسه ولم يعلموا لماذا سجلها؟ ∎ الإرهابية تتبنى اغتياله الجماعة الإرهابية الإخوان أعلنت مسئوليتها عن اغتيال الأبيض وقالت على صفحة بعنوان المقاومة الشعبية. «عاجل: تم تنفيذ القصاص الآن بحدائق الأهرام بالجيزة ونزف إليكم مقتل مصطفى الأبيض أشهر بلطجى وشريك نخنوخ على يد أبطال المقاومة الشعبية الآن». والغريب أن البيان تم نشره على صفحة المقاومة الشعبية بعد دقائق من ارتكاب الجريمة وهو ما دعا قيادات أمن الجيزة لإبلاغ مباحث التوثيق والمعلومات لضبط القائمين على الصفحة خاصة أنها حاولت اغتيال اللواء جرير مصطفى، مدير المباحث الجنائية بقنبلة زرعت له فى طريق سيره أثناء فض تظاهرة أمام سينما رادوبيس. الغموض يحيط بالجريمة البشعة بسبب كثرة أعداء الأبيض وتضطر مباحث الجيزة إلى القبض على المسجلين خطر الذين عثر على أرقامهم ورسائلهم فى هاتف القتيل وتم التحفظ على بعضهم وصرف آخرين تبين من التحقيقات عدم تورطهم. كما تم القبض على المدعو سنوسى عويان وهو مسجل خطر ومن أخطر الخارجين عن القانون بالجيزة فى الاستيلاء على أراضى الدولة والسابق صدور قرار ضبط وإحضار بحقه.∎