ماجد الكدواني: شخصيتي في «فيها إيه يعني» تشبهني.. إنسان عاوز يرضي الكل    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسوان اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر2025    وزيرة التخطيط: هدفنا تحسين جودة حياة المواطن.. وسقف الاستثمارات الحكومية رفع مساهمة القطاع الخاص ل57%    بعد تغيير أسعار الفائدة.. أعلى عائد على شهادات الادخار المتاحة حاليًا بالبنوك (تفاصيل)    رغم عرض وتهديد ترامب، الشيوخ الأمريكي يرفض مشروع قانون تمويل الحكومة    نائب رئيس حزب المؤتمر: الشراكة المصرية السعودية ركيزة استقرار الشرق الأوسط    استطلاعات رأي: غالبية الفرنسيين يؤيدون استقالة ماكرون من منصبه    بعثة منتخب مصر تصل إلى المغرب لمواجهة جيبوتي في تصفيات كأس العالم (صور)    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    بلاغ كاذب.. حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بناهيا | صور    تحميل التقييمات الأسبوعية 2025-2026 لجميع المراحل الدراسية (PDF).. رابط مباشر    ارتفاع جديد ب 480 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم بالصاغة وعيار 21 يسجل الآن رقمًا قياسيًا    بحضور وزراء وسفراء، محمد ثروت يشعل احتفالية نصر أكتوبر بمسرح الأوبرا بمشاركة الحلو وهاني شاكر (صور)    "القاهرة الدولي للمونودراما" يكرّم رياض الخولي ورافايل بينيتو.. ويعلن جوائز الدورة الثامنة    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    غادة عادل: شخصيتي في «فيها إيه يعني» هدية من ربنا لايمكن أرفضها    جريمة في قلب التاريخ.. سرقة لوحة أثرية من سقارة بطريقة غامضة    البيت الأبيض يرفض تأكيد أو نفي إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا    قرار جديد بشأن البلوجر دونا محمد بتهمة نشر فيديوهات خادشة    تحرك أمني عاجل بعد بلاغ وجود أطفال داخل ماسورة غاز في الجيزة (صور)    ترامب يُعلن عن مفاوضات مع الديمقراطيين لإنهاء الإغلاق الحكومي في البلاد    توتر متجدد بين موسكو وواشنطن بعد تصريحات ترامب حول تسليح أوكرانيا    التموين: صادرات السكر البني إلى دول الكوميسا بلغت 40 ألف طن العام الماضي    النيابة الإدارية تُهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر    منسيات 6 أكتوبر .. الاحتفاء بالفريق "الشاذلي" يُنسب إلى "مرسي" و"المزرعة الصينية" تفتقد القائد "عبد رب النبي حافظ"    بيتكوين تحلق فوق 126 ألف دولار.. قفزة تاريخية تعيد إشعال سباق العملات الرقمية    أيمن عاشور: خالد العناني أول عربي يفوز بمنصب المدير العام لليونسكو بتصويت غير مسبوق منذ 80 عاماً    محافظ الفيوم يشهد احتفالية الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    حزب "المصريين": كلمة السيسي في ذكرى نصر أكتوبر اتسمت بقوة التأثير وعمق الرسالة    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الثلاثاء 7102025    «عيدك في الجنة يا نور عيني».. الناجية من«جريمة نبروه» تحيي ذكرى ميلاد ابنة زوجها برسالة مؤثرة    هدد خطيبته بنشر صورها على الواتساب.. السجن عامين مع الغرامة لشاب في قنا    بالصور.. إزالة 500 حالة إشغال بشارعي اللبيني والمريوطية فيصل    شواطئ مطروح ليلة اكتمال القمر وطقس معتدل    وثائقي أمريكي يكشف أسرار حرب أكتوبر: تفاصيل نجاح استراتيجية السادات في خداع إسرائيل وانهيار أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»    فون دير لاين تدعو البرلمان الأوروبي لدعمها "لحماية النظام العالمي من الانهيار"    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم الثلاثاء 7102025    اشتغالة تطوير الإعلام!    تسليم التابلت لطلاب أولى ثانوي 2025-2026.. تعرف على رسوم التأمين وخطوات الاستلام    «أكتوبر صوت النصر».. الجيزة تحتفل بذكرى الانتصار ال52 بروح وطنية في مراكز الشباب    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    نائب وزير الصحة يحيل الطاقم الإداري بمستشفى كفر الشيخ للتحقيق    «هيفضل طازة ومش هيسود طول السنة».. أفضل طريقة لتخزين الرمان    ميثاق حقوق طفل السكر.. وعن سلامة صحة الأطفال    بمكونات في المنزل.. خطوات فعالة لتنظيف شباك المطبخ    ميدو: صلاح يتعرض لحملة شرسة لتشويه صورته    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يخوض مرانه الأول بالمغرب    الصباحي يوضح قانونية تغيير مسدد ركلة الجزاء بعد قرار الإعادة    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    للمرأة الحامل، أطعمة مهدئة للمعدة تناوليها بعد التقيؤ    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    حوار| من الطائرة الانتحارية إلى صيحات النصر.. بطل الصاعقة يكشف كواليس حرب الاستنزاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكارى فى حب السيدة

أكثر من 77 طريقة صوفية احتفلت مساء الثلاثاء الماضى فى أجواء روحانية بمولد السيدة زينب.. بعضها لها أتباع بعشرات أو مئات الآلاف، أهمها السادة الرفاعية والشاذلية والبرهامية والخلوتية والختمية والأحمدية والإدريسية والدندراوية.أما أغلبية المحتفلين فرفعوا شعار «جئنا حبا فى الست وآل البيت»، تساوى فيها الفقراء والأغنياء، الصعايدة والفلاحون وأبناء القرى، الأميون والمتعلمون، وآخرون أتوا ليوفوا بنذور عليهم، أو هاربون من همومهم.
هكذا كان حال المحتفلين بمولد سيدة الديوان هذا العام، شاهدت من بينهم «المجاذيب» الذين يتطوحون يمينا ويسارا ويحتكون بالمارة والبعض يعتبرهم بركة. ومنهم من يطلق عليهم أبناء الصوفية «السكارى» الذين يفقدون رشدهم مع أناشيد المداحين ونغماتهم فى حلقات الذكر ويتفوهون بكلمات غير مفهومة ومنهم من يسقط على الأرض.
وفى المقدمة من هؤلاء، نجد عائلات الأشراف أو أحفاد الإمام الحسين بن على - رضى الله عنهم - الذين يعتبرون أنفسهم أصحاب مولد السيدة جدتهم بطلة كربلاء، فيأتون من جميع أنحاء مصر ومن خارجها، ويقيمون السرادقات ويذبحون الولائم ويقدمون الأطعمة والمشروبات للزائرين والفقراء وعابرى السبيل.
∎ فى رحاب أم هاشم
خلال طريقى إلى حى السيدة زينب مرورا بشارع بورسعيد، شاهدت سرادقات الخدمات على جوانب الشارع وغيره من الطرق المؤدية لميدان السيدة مكتظة بكل أشكال البشر، ونساء يفترشن الأرض، وأطفال يلعبون فى الملاهى، ورجال يشربون الشيشة والشاى فى جماعة.
وفى نفس اللحظة التى وصلت فيها إلى باب «اللوكاندة» الملاصقة لمسجد السيدة زينب، استقبلنى شخص، يبدو فى الثلاثين من عمره، يرتدى جلبابا وعمة صعيدية، وبجواره شاب يحمل بين يديه صينية شاى قدم لى كوبا وهو ينادى بصوت عال «مدد ياست»، دون أن يسألنى من أكون أو ماذا أريد. فأخذت كوبا من الشاى وارتشفت منه ثم رددته له شاكرا.
استقبلنى بالطابق الثانى السيد قاسم الشريف، مدير أحد البنوك بسوهاج، الذى دعانى لمقابلة بعض مشايخ الأشراف والصوفية، ثم اصطحبنى إلى غرفة يجتمعون فيها، وعرفنى بمشايخ الأشراف ثم أخذ مكانه من المجلس وجلسنا جميعا، واستأذنت الشيخ أحمد زكى الشريف أن يحدثنا عن صاحبة المولد السيدة زينب فانبرى فى الحديث قائلا: إنها بطلة كربلاء حبيبتنا السيدة زينب بنت الإمام على، تحملت المشاق والمحن وحافظت على النسب الحسينى بكل ما أوتيت بقوة، ولولاها لانقرض النسب الحسينى بموت الإمام على زين العابدين.
جاءت إلى مصر وعاشت فى قناطر السباع، والله أكرم بلادنا بقدومها، ورغم المحن التى تعرضت لها فإنها الثمرة الطيبة والبركة المرجوة والنعمة على مصر.
واستمر السيد أحمد زكى فى الحديث عن مناقب السيدة زينب وسط تهليل وتكبير الحضور قائلا: إن الله عز وجل أمر المسلمين بمحبة آل البيت وإكرامهم «قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى». وابن عباس قال إنهم على وفاطمة الحسن والحسين وذرياتهم من الأشراف إلى يوم القيامة.
أضاف السيد أحمد زكى، إننا نأتى من مجاهل الصعيد لنزور آل النبى الذى أخرج الناس من الظلمات إلى النور، من أجله، حتى وإن اعترض رجل وقال ليس يفيدكم، بل يفيدنا لأنهم كسفينة نوح ولن نترك السفينة، لأنها سفينة النجاة إلى يوم القيامة.
عندما نأتى لزيارتهم إنما نتنسم روائح النبى وعرق النبى وبركات النبى وعطاء النبى. ورحم الله الإمام الشافعى، قال: إن كان رفضا حب آل محمد فليشهد الثقلان أنى رافضى.
ويشارك فى الحديث السيد قاسم الشريف، مدير أحد البنوك بسوهاج، قائلا إن السيدة زينب عندما حضرت إلى مصر كان يوجد ديوان العلماء والأمراء والأغنياء، فسأل حاكم مصر: من ينفع لرئاسة الديوان؟ فقالوا السيدة زينب.. ومن يرعى الأيتام؟ قالوا السيدة زينب، لذلك سميت أم الأيتام، كما أخذت رضى الله عنها عدة وظائف شرفية، منها أم العواجز لرعايتها المحتاجين، والدفاع عن الأشراف. ورغم أنها مكثت سنة واحدة بعد قدومها إلى مصر، إلا أنها رعت شئون آل بيت رسول الله وبناتهم ووضعت لبناتهم فى مصر.
أما أحمد عبدالكريم الشريف، نائب عموم الطريقة الفيتورية بمصر، فيذكر أن خير أجناد الأرض فى مصر، فهو البلد الذى جاء إليه الأغلبية العظمى من الأنبياء، إبراهيم، وموسى، وعيسى، ويوسف، ومريم. مصر دولة مقدسة ربانى، ونحن فى حالة من الروحانية التى تؤدى إلى الشفافية، تتطلب عملية نظافة باطنية وظاهرية من كل الجهات، ويخف وزن الإنسان فى الحضرة، وصفاء السريرة والنفس والروح
المدائح والألحان، الملتفون حول الشيخ ياسين لا يعرفون ماذا يقول، وهذا غير مصرح به، رغم أن العالم كله يسمعه.
ويعود إلى الحديث السيد قاسم قائلا إن الدف الذى يستخدم فى الموالد والأذكار انتقده بعض العلماء، ولكن مولانا الشيخ عبدالسلام الفيتورى أثبت لهم أن الدف نزل إليه هدية من السماء، فلما سأله بعض العامة كيف ينزل دف من السماء رد عليهم بالتساؤل: هل نزل الله بالكبش على سيدنا إبراهيم، وبالتالى فإن الآلات الموسيقية المكملة للمداحين مثل الآلات الموسيقية ليس فيها حرمانية.
وينتقل المنشد الشيخ أحمد الشريف إلى موضوع آخر، قائلا: فى مولد السيدة زينب أشعر كأنى فى مكة لأداء العمرة فى رمضان أو شعبان، لا ننام ولا نأكل ولا نرغب فى أى متع الدنيا، لكن لا أقول إن زيارة السيدة زينب ليست بمثابة العمرة ولكن نفس الشعور لا أفعل شيئا سوى الوضوء والصلاة. وفى رأيى أن أهل التصوف هم أهل سنة، لأنهم يحبون آل البيت ويحبون صحابة النبى ويرفضون التعدى على زوجات النبى والصحابة، ويستمدون منهم القيم الأخلاقية والروحية.
ويرد السيد أحمد عبدالكريم على اعتراض البعض على إدخال الدف فى الذكر، قائلا: « إنه وردت فيه أحاديث نبوية، منها حديث عائشة أن أبا بكر رضى الله عنه دخل عليها وعندها جاريتان فى أيام منى تدففان وتضربان والنبى صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه فانتهرهما أبوبكر، فكشف النبى صلى الله عليه وسلم عن وجهه فقال دعهما يا أبابكر فإنها أيام عيد وتلك الأيام أيام منى» رواه البخارى.
ويوضح الشيخ أحمد عبدالكريم قائلا: بالنسبة لى لا أضرب الدف إلا إذا جاءتنى إشارة، هو معلق على الحائط بمسمار، فإذا طلعت لحن بسيط أطلبه من أحبابى، ليس بصفة دائمة، اللحنة تأتى تلقائيا، ويسمعها جميع الحضور،
ويقول المنشد أحمد الشريف:فى الحضرة الفيتورية لم يكن اعتراض البعض على الدف لأنه وردت فيه أحاديث كثيرة، لكن على إدخاله أثناء الذكر فى ذلك الوقت، اعترض شيخه على أن يضرب بالدف، فقال فى ذلك قصائد ومناجاة لله سبحانه وتعالى أن يصفى هذا الشىء ويكون طوعه، ويخف عنه من القوانين الشديدة. مثل الاعتراض على المداحين المتصوفة والمنشدين على إدخال آلات مثل المزمار والأورج، للتمايل لاستحضار الروح، بعضهم يهتدى بآية، وآخر بأحاديث، وآخر بالربابة، مثل الأبنودى قول يا عم جابر فى السيرة الهلالية.
وهذه أشياء مصرح بها بما فيها الآلات الموسيقية، بما فى ذلك البيانو. ولكن كل واحد يسمعها على حاله، بعضهم يسمعها حبا فى الذات العلية، أو حبا فى النبى، أو شوقا إلى المعنى نفسه. الطرق الصوفية كلها مدارس مختلفة لكن تحت لواء واحد.
ونسأل السيد قاسم عما يبدو عليه بعض المريدين فى المولد من مظاهر السكر، فيستشهد بقصيدة لسيدى عمر ابن الفارض تكلم عن الخمر مطلعها:
شربنا على ذكرِ الحبيبِ مدامة
سَكِرْنا بها من قبلِ أن يُخلق الكَرمُ
لها البدرُ كأسٌ وهىَ شمسٌ يديرها
هِلالٌ وكم يبدو إذا مُزِجَتْ نَجمُ
مضيفا أنه سكر ربانى. كما أنشد سيدى عبدالغنى النابلسى قائلا:
أطوف على ذاتى بكاسات خمرتى * وأستمع الألحان فى حان حضرتى وأنفخ مزمارى وأصغى لصوته * وأضرب دفى حين ترقص قينتى
من جانبه، أوضح السيد أحمد عبدالكريم، أن الشطحات الخارقة للعادة الخارجة عن المألوف التى تجعل البعض يقول فلان كفر، لكن عند توضيحها يقول قلت هذا رغما عن إرادتى، تحت تأثير السكر، تحصل أحوال تانية حتى تخرج عن فهم الأئمة والعلماء أنفسهم.
ويرى أحمد الشريف أن المريد عندما يقول كلاما خارقا للعادة يرجع لأصله فى عالم الأرواح، شطح شطحية: وبانت له الأنوار وانكشف الغطاء، موضحا أن الإمام السبكى، قال الشطحة رجع إلى أصله وهو فى عالم الأرواح، وهو عالم الذر الأرواح مقسمة إلى ثلاثة أقسام: أرواح تسكن الأجساد، وأرواح طافت وأخذت حرية الإطلاق أرواح الرسل والأنبياء والصديقين والشهداء، وقال إن روحه عاينت هذا الواقعة فى الكون. وعندما يدخل المرء فى حالة ذكر يرجع إلى أصله فى عالم الأرواح، ثم يعود ويتوب إلى الله ويستغفر. ويضع نفسه فى موقع النقص والتقصير.
ويشاركه فى الرأى السيد قاسم قائلا إن الشطح، بداية الخلق وعالم البرزخ، وبعض الأئمة والعلماء وأهل الكلام يعترض على الكلام فى الأرواح والبرزخ، لأن هذه الأمور ليست للعامة، وعندما يتغنى بها منشد ومداح البعض يفهمها موجودة والبعض يفهمها حقيقة، والبعض يفهمها طرد، ولو اعترض عليها يكفر هذا المرشد وهذا المادح. بينما السلفيون يكفرون هذا المنشد وهذا المادح كما يكفرون الأئمة والعلماء والشيخ الذى يقول ذلك.
وننتقل بحديثنا إلى ظاهرة أخرى تنتشر فى الموالد وهى ما يطلق عليهم المجاذيب، ويوضح أحمد الشريف أن المجذوب يقصد به المشدود أو المأخوذ، مثل المغناطيس الذى يجذب مثيله، مجذوب للناحية الصوفية، شبيه الشىء الذى يليق بهذا المكان، لكن ليس المعتوه الذى يهيم فى الشارع المتخلف عقليا. هناك مجذوب فى حب أغانى أم كلثوم مثلا. وبالتالى فلا مجال للرد على المخالفين لأن من لم يذق شراب القوم كيف يعرف طعمه، ولازم يكون ذاق طعم الشراب حتى يصفه مثل ذكر حديث عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخرج قوم فى آخر الزمان، أو فى هذه الأمة، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم أو حلوقهم، سيماهم التحليق). وسيدنا النبى نهى عن الجدال ولو كنت محقا.
وبجانب حلقات الذكر وسرادقات المنشدين، يشهد مولد السيدة انتشار باعة الحلوى وبائعى الطراطير والسيرك والراقصات والبهلوان والألعاب النارية، وكأنهم يجمعون بين الدين والدنيا أو «زيارة وتجارة»، فالزوارالذين يتوافدون على المنطقة بمئات الآلاف يشترون حاجاتهم من الأسواق المحيطة بالمسجد، يشترون البضائع بسعر أرخص نسبيا من أى سوق بالقاهرة أو القرى التى أتوا منها.
وفى الأسواق أيضا، نشاهد عالماً آخر تماماً؛ نساء يرتدين مختلف أنواع الأزياء الأرستقراطية والريفية والشعبية ومنهن المنقبات، عبارة عن كوكتيل من الأزياء والطبقات الاجتماعية، بما فى ذلك اللهجات. وحلقات الذكر والإنشاد التى لا تهدأ فيها الترنح يمينًا ويسارًا، واللسان متمتمًا بذكر الله و«آل البيت» وتغمض العين مواكبةً لتلك الحالة الروحانية التى يجيدها القاصدون. بينما يدق البعض الطبول والإنشاد والمزمار الذى يصاحبه الرقص بالعصا، و«الشوادر» التى يتخذ منها «السيرك» مكانا له داخل «المولد».
∎ هل مقام السيدة زينب رضى الله عنها بالقاهرة أم بدمشق؟ وبأى الضريحين دفن جثمانها الطاهر؟
سؤال طرحته على السيد أحمد زكى الشريف المدير العام السابق بالأزهر، فقال: السيدة زينب بنت على بن أبى طالب جاءت إلى مصر وماتت بها ودفنت فى ضريحها الذى يؤمه الكثيرون طلباً للبركة. وقد جاء الكثيرون من آل البيت إلى مصر وعاشوا وماتوا بها.
ويضيف إن السيدة زينب حفيدة النبى صلى الله عليه وسلم وابنة الإمام على بن أبى طالب والسيدة فاطمة الزهراء وشقيقة الإمامين الحسن والحسين, تزوجها ابن عمها عبدالله بن جعفر الطيار بن أبى طالب وحضرت موقعة كربلاء، وحملت إلى الكوفة ثم الشام بعد مقتل أخيها الحسين بن على مع عدد من أنصاره وأهل بيته. ومن الثابت تاريخياً بما لا يقبل الجدل أنها جاءت إلى مصر وماتت بها.
وقد عاشت حياة مليئة بالأهوال، فقدت جدها النبى العظيم وهى بنت خمس سنين، وفقدت أمها الزهراء بعد شهور قليلة لا تتجاوز الستة بعد مرض شديد وضيق من العيش والاعتكاف فى حزن، فألقى على عاتقها وهى صبية صغيرة عبء إدارة بيت أبيها ورعاية شئون أخوتها، ثم صدمت فيما بعد باستشهاد أبيها الإمام «على» إثر طعنة قاتلة، ثم رأت أخيها الإمام الحسين شهيدا حين نزل بأرض كربلاء، رغم ذلك صبرت على ما ابتلاها به ربها صبر النبيين.
وفى كتاب بعنوان «أخبار الزينبات» يذكر مؤلفه العُبيدلى بن الحسن أخباراً كثيرة حول رحلة السيدة زينب (عليها السلام) إلى مصر، منها أنها كانت وهى بالمدينة تُؤلّبُ الناس على أخذ ثأر الحسين، فلمّا قام عبدالله بن الزبير بمكّة وحَمَل الناس على الأخذ بثأر الحسين، وخلع يزيد، بَلَغ ذلك أهل المدينة، فخطبت فيهم زينب وصارت تؤلّبهم، فبَلَغَ ذلك عمرو بن سعيد، فكتب إلى يزيد يُعلِمُه بالخبر، فكتب يزيد إليه: «أن فَرّق بينها وبينهم» فأمر أن يُنادى عليها بالخروج من المدينة والإقامة حيث تشاء.
فقالت: اعلم الله ما صار إلينا، قُتِل خَيرُنا، وانسَقنا كما تُساق الأنعام، وحُمِلنا على الأقتاب، فوالله لا خرجنا وإن أُهريقَت دماؤنا»، فقالت لها زينب بنت عقيل: أيا ابنة عمّاه، قد صدقنا الله وعده وأورثنا الأرض نتبوّأُ منها حيث نشاء. فطيبى نفساً وقَرّى عيناً، وسيجزى الله الظالمين.
أتُريدين بعد هذا هوانا؟ ارحَلى إلى بلد آمِن بت.
ثمّ اجتمع عليها نساء بنى هاشم ، وتَلَطّفنَ معها فى الكلام، وواسَينَها. فكتب يزيد إلى عمرو بن سعيد الأشدَق والى المدينة مِن قِبَل يزيد، يُشير عليه بنقلها من المدينة، فجهّزها: هىَ ومَن أراد السفر معها من نساء بنى هاشم إلى مصر، فقَدِمتها لأيّام بَقيت من رجب. وخرج معها مِن نساء بنى هاشم: فاطمة ابنة عمّى الحسين، وأُختها سكينة».
ورُوىَ بالسند المرفوع إلى رقيّة بنت عقبة بن نافع الفهرى، قالت: «كنتُ فيمَن استَقبَل زينب بنت على لَمّا قَدِمَت مصر بعد المصيبة، فتقدّم إليها مُسلمة بن مُخلّد ، وعبدالله بن حارث، وأبو عميرة المزنى، فعَزّاها مسلمة وبكى، فبَكت وبكى الحاضرون وقالت: «هذا ما وَعَد الرحمن وصدق المرسلون».
ثمّ احتملها إلى داره بالحمراء، فأقامت به أحد عَشَرَ شهراً، وخمسة عشر يوماً ، وتُوفّيَت، وشَهِدَت جنازتها، وصلّى عليها مسلمة بن مُخلّد فى جمع من الناس بالمسجد الجامع، ورجعوا بها فدفنوها بالحمراء، بمخدعها من الدار بوصيّتها. وقد تُوفّيت عشيّة يوم الأحد، لخمسة عشر يوماً مضت من رجب، سنة 62 من الهجرة، وشَهِدتُ جنازتها، ودُفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدّة بالحمراء القصوى، حيث بساتين عبدالله بن عبدالرحمن بن عوف الزهرى.∎


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.