اكتشفت فاليرى خيانة أولاند وعلاقته بممثلة شهيرة هى جان جاييه وتناولتها الصحف، وأصيبت فاليرى بصدمة شديدة كادت تدفعها للانتحار، إلا أنها خرجت من الأزمة لتنشغل بالعمل العام وتسجيل مذكراتها، فعلى الرغم من أنها أصبحت السيدة الأولى فى فرنسا، أصبحت مطاردة من الصحافة والإعلام، فى الوقت الذى ظهرت فيه العشيقة والممثلة كاشفة علاقتها غير الشرعية بالرئيس فى محاولة منها لهدم شخصية السيدة الأولى وهزيمتها فى صورة صراع امتد عبر أجهزة الإعلام والصحافة فى الوقت الذى اعترف فيه فرانسوا بعلاقته الحميمة بالفنانة على مدى يزيد على العام.. دخلت العشيقات مرحلة صراع بكل الأشكال فى صورة دعاية وتشهير حتى أن جولى جاييه العاشقة، الممثلة الشابة لم تنف علاقتها السابقة أو حتى المستمرة فى تستر مع الرئيس فرانسوا أولاند والذى لم ينكر علاقته بها، مما أثار الشك لدى سيدة القصر التى أصبح همها الأول هو مطاردة العشيقة الجديدة بكل الوسائل لتقضى على مستقبلها ووصفتها بأنها الفنانة المغمورة، فى الوقت الذى مازال الزلزال يهدد حياة فاليرى تريفوليه وحبها الأول والأخير والذى دام 20 عاما سابقة مؤكدة أن لعبة دور السيدة الأولى ما هى إلا السم فى العسل، وهى عذاب فظيع لقيمة المرأة وأنوثتها. وفى الوقت الذى ساءت فيه سمعة الرئيس تواكبت عليه المشكلات نتيجة اهتزاز شخصيته فالأحداث والرياح السياسية أصبحت غاية فى السوء بعد خطاب فرانسوا فى الجمعية العامة والذى عرض فى التلفاز أمام الشعب، وقوله باستهزاء: «أنا لن أعطى للفقراء طعاما، لأن ليس لديهم أسنان» كما أوضح أنه لا يحب المعاقين لأنهم عالة على المجتمع.. بما يعكس أنه برغم انتسابه للاشتراكية فهو يتنكر لحقوق الفقراء الإنسانية والمعيشية والذين كانوا سببا فى فوزه بالرئاسة. وتقول ڤاليرى فى كتابها «شكراً على هذه اللحظات»: فى16 ديسمبر 2013 قيل لى إن هناك جريدة كبيرة سوف تنشر، أن جولى جاييه عشيقته الجديدة وسبب الأزمة مدعوة بواسطة أنطوان، للعشاء عند ستيفان جولون، بالإضافة إلى دعوتى أنا وفرانسوا، ومن ثم تسلمت رسالة نصية من صديقتى تسأل: «هل رأيت القناة التى ألقى بها فرانسوا خطابه»، فرددت: «لماذا؟»، قالت: «لابد أن تشاهديها الآن»، ثم أكملت حديثها بأن: فرانسوا سوف يحضر تصويرا لفيلم تشارك به جاييه مما أدى لاتصالى سريعاً بفرانسوا، إلا أنه لم يرد على اتصالى، فمررت بالسكرتارية لأسألهم عنه، فقالوا لى: «نادراً ما نستطيع فعل شىء معه لأنه مشغول جداً»، أوضحت أن ذلك شىء عاجل جدا، لابد أن أتكلم معه سريعاً، وبعد ذهابى قام السكرتير بإبلاغه على الفور بأننى أريده فى شىء عاجل، فوجدته يطلبنى فى الحال، فسألته: «هل تذهب لحضور تصوير فيلم لجاييه؟»، فرد مؤكداً: أنا لم أحضر ولن أحضر، إلا أن صبرى نفد فى تلك المرة، وشعرت بعصبيتى واندفاعى فى كلمات تخرج منى، وهو أيضاً شعر بذلك فتركت رسائل صوتية كثيرة على المجيب الآلى لجولى جاييه، حيث طلبت منها أن تتصل بى، ولم تفعل ذلك أبداً بالطبع، ولم نتواجد للعشاء أنا وفرانسوا وكذلك ابنى، وفيما بعد اجتمعنا أنا والباقون بالصالون، ووجدتنى أقول: «أنا لا أفهم هذه البنت جاييه وشائعتها، وأننى مستعدة للحرب معها»، ثم ذهبت لآخذ العلاج وما لبثت أن أصابنى شعور عارم بأن أولاند لم يعد يحبنى، وكنت متعبة فتمددت على الكرسى وفحصنى الطبيب، وأعطانى دواء مهدئا. الإليزيه كان مفعما بالحركة والضوضاء السياسية، ولكن شقتى بالدور العلوى كانت هادئة، وكأنها ليست جزءاً منها، فريق كامل من العاملين به حضر لصورة جماعية، وجميعنا كان مبتسما، وهذا غير حقيقى، ولم أجهز لحفل رأس السنة مع فرانسوا، والمقيمون معنا قاموا بتجهيز حضورى للحفل كان بمفردى، وخصوصا أن الحفل للأطفال، نحو 650 رأساً صغيرة جاهزة للاحتفال وينتظرون بدء الحفل، توقفت لتقبيل بعضهم، وبدأ العرض بالرقص، وفوجئت أن قال لى أحدهم: «سوف أذهب لملاقاة الرئيس، وآتى به للصالة»، فذهبت مسرعة أسفل السلم الشرقى، وعندما وصل دخلنا سوياً، وتقدم عنى دون إعطائى أى اهتمام كما كنت أتوقع، صعدت للمشهد معه، ولم يكن هذا الأمر سابق التجهيز، كما أنه لم يوجه لى كلمة واحدة، وإنما الكلمة كانت موجهة لمنظمة الاحتفال وكلمة شكر إلى الاحتفال برأس السنة، ذهلت بعد ذلك للحظات من تداخل التصرفات والأحداث ورقصت مع شاب لا أعرفه، ثم تنقلنا أنا وفرانسوا من منضدة إلى أخرى لتوزيع الهدايا، ولأخذ الصور، وكتابة التوقيع فى الأتوجرافات إلا أن الأطفال لا تكتفى أبداً وأخذوا صورا معى وصورا مع الرئيس وصوراً مع كل منا، وأخيراً انتهى الحفل وصورنا معاً فى كل مكان. وبعد ذلك بيومين حدثت بيننا محادثة فى منتهى القسوة، انتقد أولاند جميع تصرفاتى واتهمنى بأننى لا أفهم معنى الحياة معه، ولم يشعر بمعاناتى، هل أنا من تغيرت وهو يفتعل مناقشات ومشادات كلامية على لا شىء معى حتى لا أواجهه بمشكلاته بالتأكيد هو من تغير لأننى كنت معه أكثر بساطة وشعبية، ولكن أجهزة الإعلام تضعنا تحت الميكروسكوب، ذكرنى فرانسوا بأعمال موقع «تويتر»، لأنه تضايق للغاية من تعليقات بعض الناس، وبالرغم من معرفته لظروفى إلا أنه لابد على أن أرد على جميع التعليقات بنفسى. وحدث بعد ذلك بأيام أن فرانسوا حضر مع أم أولاده إلى الجمعية العمومية، وتلك عادة متبعة منذ أيام الملكية الفرنسية فى عام 1875 وتم الإعداد لسهرة انتخابية منظمة، فى الصالون الأخضر الذى يتصل بصالون الرئيس، هناك 24 كومبيوتر على تلك المنضدة، وتواجد الكثير من الناس، أنا أعرف قليلاً منهم والذين يقودون الحركة الانتخابية، مطلوب منى أن أقدم الحلو من الطعام بجانب وضع النقاط المهمة التى ستقوم عليها الانتخابات فى الرئاسة ولخص فرانسوا جميع نتائج الاجتماع. التقيت أصدقائى من النجدة الشعبية كأن هذا هو الدافع الذى دعانا للتقدم للأمام، نحن بصدد التحضير للعيد لما يسمى (بالمقاومة)، وكان (جوليان لوبرت) يرأس هذه المجموعة، وكنت ألقبه ب (رئيس) كنا قد التقيناه فى أكتوبر .2012 ففى هذا الوقت كنت قد بدأت أخطو خطواتى الأولى مرة أخرى بقصر الإليزيه وبعد صدور مجموعة من الكتب عنى، وكانت خطابات (ساركوزى) المليئة بالاعتذارات غير الكافية من وجهة نظرى لتزيل آلامى وانطباعاتى السيئة عنه فلم أجد متعة فى لعب دور (السيدة الأولى) الذى هو بمثابة السم فى العسل. وعذاب يغتال أنوثة وقيمة سيدة القصر. وكرفيقة للرئيس كنت أتلقى هدايا كثيرة معظمها من كبرى شركات منتجات التجميل، وفكرت عدة مرات بإعطائها للسيدات اللاتى بهذه الجمعية ووجدت فجأة مكتبى مكدسا بآلاف الصناديق من تلك المنتجات عالية الجودة وذات الماركات العالمية حتى إن (فرانسوا) سخر منى بقوله: هل ستقومين بفتح منفذ بيع ؟! وجاءتنى الفرصة فاستدعيت (جوليان لوبرت) رئيس الجمعية وعرضت عليه الفكرة فقال لى: يمكنك أن تقومى بتوزيعها بنفسك على السيدات حتى يشعرن بمدى معاملتك المتميزة لهن والإحساس بالآدمية، فشرحت له أننى أتحاشى الكاميرات إلا أنه أصر على أن أقوم بدورى الإنسانى بنفسى وساعدنى فى المشى قدما، بعيدا عن الأضواء وقمت بمقابلة السيدات اللاتى سوف أعطيهن هذه المنتجات فمنهن من اعتدى عليها بالضرب وتعيش بدار الرعاية وأخريات تم طردهن من بيوتهن بأطفالهن. وأحسست من قلبى أن استخدام هذه المنتجات الباهظة الثمن وذات الماركات العالمية على شفاههن يعطيهن بعض الأهمية ويجعلهن يفتخرن بأنفسهن، عندئذ تذكرت أول مرة وضعت فيها أحمر الشفاه والإحساس بأننى امرأة لأول مرة. كنت أقوم بأخذ هذه الأدوات من أمى مرة ومن جدتى مرة أخرى، وكانت جدتى تعمل خياطة وعلى الرغم من الماركات والنوعيات المتواضعة التى كانت تستعملها إلا أنها كانت كثيرة الاعتناء بنفسها، ومازلت ألبس أنا وأبنائى من صنع يديها، وهذا ما جعلنى أشعر بالقرب من ظروف هؤلاء النساء، لم أكن لأشعر بهؤلاء لولا معرفتى بعمل جدتى بالأسرة بل كانت لدينا فرصة أفضل منهن فلقد كنا على الأقل نذهب فى الإجازة الصيفية إلى البحر فيما لم يكن كثير من الأطفال يتمتعون بذلك برغم فقرنا. خلال العشرين شهرا الماضية فى قصر الإليزيه كانت أفضل ذكرى لدى هى هذه النزهة إلى شاطئ البحر خرجت فيها إلى كابورج، تحركنا فى الساعة 7 صباحا نحو 100 سيارة فى طريقها خارج جزيرة فرنسا، كان الأطفال تقريبا فى حالة نوم كامل يرتدون كابات مختلفة الألوان منها الأحمر، والأزرق، والأخضر، انبهر الأطفال بمنظر البحر والفيللات التى سيقيمون فيها لدرجة أن أحدهم سمعته يقول : (يا ليتنى أرجع مرة أخرى مع أمى لنرى هذه الروعة). فى هذا اليوم رأيت البؤس الحقيقى فى فرنسا، رأيت بعض الأطفال يخطفون السندوتشات حتى يتقاسموها عند رجوعهم مع ذويهم، البعض الآخر لم يكن يرتدى ملابس البحر، بل ارتدى ملابسه الداخلية الممزقة، منذ ذلك اليوم كان الأطفال بناتا وبنين يأتون مهرولين نحوى دون أن يعرفوا حتى اسمى أو شكلى، ولكنهم كانوا يعرفون نشاطى ودورى فى هذه الجمعية، وهى مساعدتهم فى الخروج من 4 جدران مغلقة عليهم بالمبانى التى يعيشون بها، ومن المدينة بل خارج الحياة أيضا والتحليق فى سماء واسعة فيها كل المتعة. قالت لى إحدى الفتيات : «قمت بالبحث عنك طوال اليوم وأحاطتنى بذراعيها الصغيرتين»، وعند رجوعنا من الرحلة قمت بالبحث عن اسمها ومكانها، وبعثت إليها برسالة صغيرة قلت لها : بحثت عنك فى جزيرة فرنسا بأكملها، وجاءت بعدها ب 6 أشهر مع وفد الأطفال للاحتفال بأعياد الميلاد فى قصر الإليزيه،فى أثناء عودتنا إلى باريس أخذنا الطريق للرحيل ووقفنا فى استراحة لتناول الأطعمة الخفيفة فى مطعم صغير. وحتى بعد قطع علاقتى بفرانسوا أولاند لم تنسنى جمعية (الإغاثة الشعبية) ظلوا يرسلون إلى بالأطفال والصور والرسائل المتكررة، رجعت هذا العام مع الأطفال إلى كويسترام مع (سعيدة) صديقتى والتى كانت فيما مضى إحدى فتيات الإغاثة العارضة، ولأنى كنت بجانب هؤلاء الأطفال الفرنسيين لم يمنعنى من تخطى خارج الحدود وحيث ينتشر العنف والفقر، ولا يهم جنسية الطفل الذى يعانى، وظللت أكافح من أجل الشابات النيجيريات اللاتى يرعاهن (يوكوهرم) فهذا مثال للظلم والمرارة، بعضهن تعرضن للاعتداء الجنسى. ذهبت إلى دار الرعاية 3 مرات خلال عامين ولا أنسى أبدا (صورة هذه المرأة) ذات السبعين عاما من العمر التى قضى عليها الذهاب للعمل الشاق بالحقل إضافة لتعرضها لاعتداءات والاغتصاب منذ صغرها، وأخرى فى عامها الخامس والثلاثين حيث تعرضت للاغتصاب من رجال مجرمين أمام أطفالها وزوجها الذى فارق الحياة بعد هذه الحادثة، وكيف أمحو من ذاكرتى كلمات ودموع الطفلة التى لم تتجاوز الثامنة العشرة التى تعرضت للاعتداء ثم قام المغتصبون بتثبيت سكين بقدميها حتى لا تهرب. إن الطبيب الكنغولى الذى يعالج هؤلاء النساء عانى من التعرض لمحاولات اغتيال، ولا تقوى أى امرأة على الشهادة، وساقتنى هذه الظروف الإنسانية الصعبة إلى التعرف هناك على أوزفالد زوجة السفير بكنشاسا وهى صحفية، ومخرجة ومصورة موهوبة وهى المسئولة عن دار ترعى الفتيات التى يتم طردهن من بيوتهن، وادعاء أنهن ساحرات وكانت إحداهن تتغنى بشجن بصوتها وتؤكد أننى لست ساحرة. فى ديسمبر 2013 عندما كان (نيلسون مانديلا) فى المشفى فى حالة سيئة للغاية، أوضحت لفرانسوا أننى أتمنى بشدة اصطحاب هذا الرجل لأننى أعشقه وأعشق عباراته الوطنية والإنسانية الرائعة والمتنوعة، فرد على فرانسوا : (لا أعلم ماذا سأفعل ؟)، فقلت له : (إننى سأذهب لأقف بجانبه باعتبارى أحمل بطاقة صحفية، كما سأتحمل دفع ثمن تذكرة الطائرة). ولكن الأقدار تأتى بما لم تشتهى السفن حيث وصلنا فى الصباح خبر موت مانديلا، ولم أسخر من عدم رضاء فرانسوا عن ذهابى للمشفى، كما أجلت الحديث معه للغداء وبادر رئيس دولة الولاياتالمتحدة (باراك أوباما) وزوجته، فأعلن جميع رؤساء الدول وزوجاتهم الذهاب إلى جنازة مانديلا، وأنا فى الحقيقة صاحبة فكرة حضور هذه الجنازة، وجاء فرانسوا من مدينة جيانا فى البرازيل للعزاء، وجاء فى الطائرة الثانية من بعده (نيكولاى ساركوزى)، واقترح فرانسوا فى حواره معى أن يأخذ ساركوزى فى سيارة ويتركنى فى سيارة أخرى ولكنى عنفته. حدد ساركوزى تفاصيل سلطته وملكيته الفارهة، كما وضع ملك المغرب ملكية ساركوزى بالمغرب تحت تصرفه وتصرف أسرته، تساءلت بينى وبين نفسى ومستنكرة بشدة: ما هذه الموضوعات المشتعلة التى تشغلهم فى تلك اللحظة ؟ هذا التواطؤ والاندماج بينهما يقود إلى الظروف الأسوأ، نحن فى جنازة مانديلا، والعدوان السابقان «فرانسوا وساركوزى» يمرحان بطريقة غير لائقة بالموقف، كما أعتقد أن ساركوزى يقودنا لهذا الهراء لذلك أبديت ملاحظاتى لفرانسوا، وصعدت حدة صوتى، فأكد لى أن ذلك لن يقودنا لأسوأ مما نحن فيه، ولحسن الحظ وصل رؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية، ونزلت طائرتان فى غضون بضع دقائق، ووصل بهما (باراك وميشيل أوباما، وبيل كلينتون، وهيلارى، والزوج بوش) وأعجبت بكل زوجين، وشعرت بالهزيمة متأثرة بحالى مع فرنسوا، ولأول مرة أسلم باليد على باراك أوباما، الذى نظر لى بجانب عينيه فى إعجاب شديد، ثم حول نظره عنى مما سبب ضيقا بعدها لفرانسوا ونظر إلى أوباما بتعجب.∎