قصة عشق ربطت ما بين فاليرى تريفوليه الصحفية لمدة 9 سنوات وفرانسوا أولاند، وبعد قصة حب طويلة أنجبا فيها الأبناء إلى أن دخلت سيدة القصر للإليزيه فى مايو 2012 ، إلا أن الأحداث والرياح لم تأت بالسعادة التى حلم بها العشيقان، فالأحداث كشفت علاقاته الخاصة مع فنانة ممثلة حسناء وهى جولى جاييه امتدت لوقت طويل لم يعترف بالحقيقة إلا بعد أن فضحته الصحف وكشفت علاقته المنحرفة فانهارت فاليرى وحاولت الانتحار ولم يكن أمامها إلا أن تعيش الوهم تحت تأثير المنومات التى دخلت بها إلى غيبوبة لم تستيقظ منها حتى فى يقظتها بعد ذلك. كانت الصدمة هائلة أمام فاليرى تريفوليه رفيقة عمر الرئيس (فرانسوا أولاند)، ولم يكن أمامها إلا الانتحار وتوديع صديق العمر، والذى أعطته ثقتها وعمرها، الأخبار كشفت لها أن هذا الرفيق الحبيب على علاقة غير شرعية بالفنانة الشابة جولى جاييه والتى قال عنها إن علاقته لا تزيد على أسبوع فقط ثم بعد حوارات اعترف أن علاقته استمرت أكثر من عام، الصدمة زادت عندما تناولت الصحف الخبر بالصور الموثقة وبرفقة الحبيبين. فى الوقت الذى شعر فيه الشارع الفرنسى من مختلف الطبقات بالصدمة الشديدة تجاه الرجل الذى اختاروه رئيسا لهم، أكدت أجهزة قياس الرأى العام أن شعبية الرئيس الفرنسى انحدرت إلى الصفر، وأصبح قصر الرئاسة تحت حصار النقد المباشر من كبار الكتاب والصحفيين. بينما الرئيس هارب فى اجتماعات ومقابلات متجاهلا ثورات العاملين معه حتى فى القصر نفسه. تقول فاليرى فى كتابها الذى أصدرته تحت عنوان (شكرا على هذه اللحظات) : إن الأخبار فى معظم عناوين الصباح لليوم التالى حملت عناوين تكشف عن أن الشائعات الخاصة بانحرافات الرئيس أصبحت حقيقة تعكس اليوم السابق الذى كان يبدو فيه كل شىء غير حقيقى والعكس أصبح حقيقة الآن، فرانسوا استيقظ مبكرا كعادته، ولكنى لم أستطع المواصلة، لم أستطع حتى سماع ما يحدث، فاتجهت بسرعة إلى غرفة الاستحمام، وأمسكت بإحدى الحقائب التى أحتفظ فيها بالأدوية، وكانت مليئة بالمهدئات المتنوعة سواء سائلة أو حبوبا، إلا أن فرانسوا تنبه إلى ما يحدث وأدرك أننى أحاول الانتحار، فأتبعنى بسرعة وحاول بذل جهد كبير لجذب الحقيبة من يدى حتى لا أتناولها، فتبعثر أغلبها على الأرض، ولكنى ارتميت على الأرض، وتناولت بعضها، ولم يكن أمامى من حل إلا أن أنام، فلست قادرة على مقاومة ما سيحدث من توترات وصدمات مع فرانسوا أو غيره، والذى حدث أننى رحت فى غيبوبة تامة لم أدر ماذا حدث معى فى هذه الفترة من الهروب من الخيانة القاتلة التى طعنتنى فى كرامتى، ومرّ علىّ وقت طويل فى غيبوبتى لا أعرف ماذا حدث وقتها وعندما استيقظت لم أكن أستطيع أن أميز هل نحن بالنهار أم فى الليل. ولكنى تنبهت على من يوقظنى وعرفت بعد ذلك أننى رحت فى غيبوبة طوال النهار وأحسست أن جسدى يتكسر، وعينى لا استطيع الرؤية بهما إلا فى حالات من الضباب والغشاوة والخيالات التى لا أدرك أصحابها ولكنى تنبهت إلى صوت صديقين حميمين لى علما بالكارثة وأتيا للوقوف إلى جانبى هما (بريجيت وفرانسوا صديقى)، فكانت بريجيت تساعدنى على النهوض وأبلغتنى أنه سيتم نقلى للمستشفى، وأنها أعدت كل متعلقاتى فى جانب الحجرة الآخر، وكان الأطباء فى انتظارى للعناية المركزة وهم (أوليفيه، وليون، كبين)، كما استدعانى مستشار الصحة بالقصر، وهو متخصص فى الصحة النفسية والذى بادرنى بالسؤال مع أطباء مرافقين له: هل تريدين الذهاب للمستشفى؟ ولكننى كنت غائبة عن الوعى تقريبا وكنت أتكلم مثل من يحلم فكنت أهذى متسائلة: ماذا أفعل غير ذلك؟ إننى أحس أننى ضائعة.. فليكن طريقى للمستشفى، فهو الملاذ الوحيد لى لأننى بالكاد أعرف من أنا وسط غيبوبتى، ولن استطيع المرور بسلام فى هذا بمفردى، طلبت رؤية فرانسوا أولاند قبل مغادرتى، إلا أن أحد الأطباء عارضنى لكن كان لدى من القوة قليل للتعبير عن رأيى، عزمت على ألا أغادر دونما أراه، فذهبوا جميعا للبحث عنه وأحضروه بعد عناء، وكانت رؤيته بمثابة صدمة جديدة بالنسبة لى، ولم تقو قدماى على حملى، فإن رؤيته ذكرتنى بخيانته، هذا الموقف كان أكثر حدة من الأمس، كل شىء يتصارع بداخلى، وعلى عجل بقرار اصطحابى للمستشفى، حملنى ضابطا الأمن من كلتا يدى، وبدت السلالم كأنها بلا نهاية، تبعتنى بريجيت حاملة كل أمتعتى فى إحدى الحقائب الجميلة، والتى أهدانى إياها الفريق الذى يعمل فى القصر بمناسبة عيد ميلادى.. ثم اصطحبتنى بريجيت بالسيارة، وظللت ساكنة طوال الطريق ولم أنطق بكلمة لأننى كنت فى حالة دوار كامل، وعند وصولى تم استقبالى استقبالا لائقا وأخذونى إلى أحد الأسرة بالمستشفى، لكن يا له من كابوس لا يريد أن يفارقنى حتى بعد أن غادرت قصر الرئاسة بهمومه وشكوكه. اهتممت فى البداية بارتداء لباس نومى حتى أغوص فى أعمق نوم فى حياتى، لا أعرف كم من الوقت مر على، يوم.. أثنان.. ثلاثة.. لقد فقدت الإحساس بالوقت، وعندما أفقت كان أول ما فعلته أن بحثت عن تليفوناتى المحمولة، لكن لم أجدها، فشرح لى الطبيب بأنه صادرها لحمايتى من العالم الخارجى ومؤثراته على أعصابى وإثارته، ولكن طالبت بإعادتها، وأمام إصرارى الشديد وافق مرغما، ثم جاء إلى غرفتى الشرطى الذى يلازمنى كحماية منذ الانتخابات الرئاسية، وزيادة فى الاحتياط فقد ارتدى رداء ممرض للتخفى وحتى لا يثير الانتباه، وجلس على كرسى بمدخل الغرفة لمتابعة الزيارات القليلة المسموح بها. لكن لم أكن أعرف أن كل شىء تحت السيطرة والرقابة برغم أنها مشكلة شخصية. أصبحت مشكلة الخيانة مشكلة كبرى فى الدولة، ولم أعد أنا سوى بحث أو تحقيق فى أحد الملفات، فأكدت لأحد الصحفيين معلومة إقامتى بالمستشفى، لأننى شعرت بحدوث شىء ما فى قصر الإليزيه، فسارع المستشارون لإخراجى من المستشفى لأن، هذا ليس بالصورة الحسنة للرئيس ومن جانبى فأنا لا أرى شيئا فى تلك الصورة التى أخذت للرئيس فى شارع السيرك وهى سبب المشكلة حتى هذه اللحظة، صورته التى كان مرتدياً بها قبعة، يخفى وجهه تحتها ملاصقا لجولى جاييه. وعند إصرار المستشارين أعلمت الطبيب برغبتى فى المكوث لبعض الأيام فى المستشفى.. متسائلة أين سأذهب ؟ هل أعود لشارع (جانش) الذى أسكن فيه بعد انخفاض ضغطى 6 درجات، ولم أعد أقوى على الوقوف، بينما يتحدث الأطباء فيما بينهم عن إيداعى إحدى دور الرعاية.. (يا لا ويلى) فى الوقت الذى أصبحت الذكريات كالأطياف تتوالى، ولم أعد أتذكر كل الذكريات سوى التى فيها أبنائى وأمى يأتون كل يوم حاملين الورود والحلوى، وكذلك صديقى فرنسوا الذى داوم على القدوم يوميا، فى الوقت الذى كانت فيه بريجيت هى همزة الوصل الوحيدة بينى وبين القصر، وكنت أشعر باللا إنسانية التى تلاقيها عند هذا الحائط المنيع. أصبحنا فى اليوم الخامس ولم يزرنى فرانسوا بعد، حتى إنه لم يبعث برسالة يومية كعادته معى، علمت فيما بعد أن الأطباء هم من قاموا بمنعه من زيارتى، لم أفهم معنى هذا القرار الذى بقدر ما أحزننى إلا أنه يعتبر كارثة على الصعيد السياسى، وبمزيد من النقاش الحاد مع الدكتور حول منع زيارة فرانسوا، سمحوا له بزيارتى لمدة 10 دقائق ولكنها امتدت لساعة ظل خلالها الشرطى (جوفان) يأتى كل عشر دقائق لمراقبة ما يحدث ، حتى الآن مازالت ذكرياتى وذاكرتى مبهمة، ولا جدوى منها مع كل تلك الكميات والجرعات المهدئة، كل ما أتذكره أن فرانسوا أعلمنى بأننى سوف أذهب إلى مدينة (تيل) هذا الأسبوع، ومن الواضح أن هذا لن يحدث تبعا للأوضاع السياسية القائمة شعرت بأننى على استعداد لمواجهة نظرات الفضوليين فى هذا المكان البعيد إذا ذهبت إليه، خاصة أننى لم يفتنى أنه منذ سنوات قمت بزيارة هذا المكان مع الرئيس قبل أن يصبح رئيسا ، واعتدنا حتى فى أيام الانتخابات أن نتقابل فى مكتب المحافظ، ونرتشف النبيذ معا. مرت ثلاثة أشهر بعد ذلك وكان خروجى من المستشفى فى شهر مارس، وهو أول يوم استيقظت فيه باكية لأنه لم يكن معى فى هذا اليوم، لأن هذا اليوم سيكون عصيبا، لأنه يوم مداولة الانتخابات. أيقظ سعادتى معه فى اللحظات الخاصة التى عشناها، مثل كل انتخاب منذ أيام الجامعة فى الصيف فى الروشال، وفى كل المواعيد السياسية كنا معا منذ أكثر من 20 عاما، أولا كصحفية، ثم كمصاحبة له فى كل لحظاته القوية الحيوية فى حياته السياسية والاجتماعية، تقاسمناها سويا رحلة حب عشنا طعم الحياة، ومع مرور الوقت كنا نقترب من بعض أكثر فأكثر، فأنا حبيبته وهو حبيبى، واليوم كل شىء انقلب رأسا على عقب، اليوم كل شىء انتهى لم يعد يريد منى شيئا، فقررت أن آخذ سيارتى وأذهب بعيدا، كم مرة مشينا فى هذا الطريق ؟! أصبح نهارى مثل ليلى، وكنت على مقدرة للقيادة خمس ساعات متواصلة على أقل تقدير، لا أشعر سوى بالحب المجنون، وأحاسيسى الجامحة، اليوم التالى استيقظت لأفهم حالة الإعياء التى تنتابنى، ماذا يحدث؟ وبعد الغد يوم تحقيق الأمانى فى (تيل)، لا أستطيع الاستيقاظ ولا أن أضع قدمى خارج الفراش. صديقتى (فاليرى) زوجة (ميشيل سابان) لابد لها أن تأتى للغداء معى اليوم، فهى تفضل ساندويتش لها، أما أنا فطبق معد للأكل من المستشفى، طلبت شوكة ولازلت لا أستطيع الحديث، وأقاتل نفسى كى لا أنام، وكى أستفيد من بعض المعلومات منها، إلا أنه لم يحدث، بل تركتنى أستريح غائبة عن الواقع لأفهم سبب هذا الغياب الدائم، إلا فيما بعد، وعرفت أننى آخذ دواء مخدرا كثيرا جدا علاجا لحالتى، وهو ما منعنى للذهاب إلى مدينة (تيل) وبذلك لم أعد أعلم شيئا عن الأحداث.. وقال الدكتور لى : (تعالى، لا تحاولى، لن تستطيعى المشى، حتى ولو لغاية الممشى)، إلا أننى أحاول، وأكرر محاولتى، وهو يكرر تعنيفه وشجاره معى. وتمنيت أن أعرف ما يدور من حولى فى الحياة اليومية، بعض ما يخصنى على الأقل، أحب صراحته وأشعر أنه محاورى فى هذه القصة، سيقول لى فيما بعد أنه كان يخبر الرئيس عن أحوالى يوما بيوم بأدق التفاصيل، ولكننى أجهل تلك المحادثة فى هذه اللحظة. فرانسوا هو من قرر ألا أذهب إلى (تيل)، فقدت الرغبة فى أى شىء، الوقت يمر بدون تعليق أو أى أهمية، الممرضات اللاتى أعتمد عليهن ينتظرن تحقيق أى نتيجة، بدأت أستيقظ، أستحم، أصفف شعرى، وهم لن يسمحوا لى بالرحيل، كما قالت لى واحدة منهن : (لن يسمحوا لك بالرحيل، وأنك السيدة الأولى، لابد أن تحتفظى بمظهرك حتى فى ملابس النوم، وذلك مهم جدا للمركز التى تشغلينه، السيدة الأولى وهى مهنتك أيضا. أخيرا حان يوم الخروج، سوف أتبع فرانسوا فى جناح ماتينو - مكان الإقامة القديمة لمقر الرئاسة - فقد وضع تحت التصرف الرئاسى للجمهورية منذ عام 2007 هذا المكان الهادئ على طول حديقة فرساى، وعملية خروجى من المستشفى حظيت بأقل قدر من التفاصيل لتحاشى التصوير من قبل وسائل الإعلام، ووجدت صعوبة فى أن أضع قدما أمام الأخرى، وأن أمشى بصورة طبيعية، فمشيت مستندة على ذراع ضابط الأمن الخاص بى بحذر، وتحاشينا الباب الرئيسى لكيلا يرانا أحد فى تلك الحالة، السيارة المستعملة كالعادة لا يرى منها شىء، وقف كل من الصحفيين والإعلاميين أمام المدخل، ولكن لم يستطيعوا رؤية شىء سوى ظلال، وكنت أنا بالفعل مجرد ظل بعد نكبة الخيانة. الانخراط فى الخروج فى سرية تامة، هو كل ما أهتم به الآن من حولى، وليس أنا، وهم لا يملكون شيئا حتى ظلى، وهذا ملخص القصة، أما مجرد لا شىء سوى ظل لا يملكونه، وأخيرا وجدت السعادة فى هذا المكان، والذى أحببته كثيرا، والذى أيضا قضيت فيه الآلاف من أسعد لحظات حياتى مع الرئيس بنوافذه الكبيرة وحجراته المضاءة، ومرة أخرى وجدت السعادة فى هذا المكان المحمى بالأشجار العالية، وتم استقبالى عن طريق اثنين من الحراس، وكانا كالملكين وهما قد عملا منذ زمن بعيد فى هذا العمل، مع العديد من الرؤساء، حتى إنهما عملا مع رؤساء الوزراء، وأيضا مع رئيس فرنسا السابق نيكولاى ساركوزى، عندما تم رفع قضية الأموال العامة ضده، وحجزت اللجنة العامة على أمواله، كما حضرا الاجتماعات السرية للرؤساء واحتفالاتهم الأسرية، وكل شىء، لأنهما لا يستطيعان أبدا الخيانة ويعملان فى صمت، لا يحكى أحد شيئا إلا قليلا، يتكلم الواحد منهما فى بعض التفاصيل فقط، وكنت أحب تناول القهوة معهما، هذان الاثنان عرفا حدة طباعى وتجهم وجهى وطيبتى واللحظات الجميلة التى تمر على. أحد الأطباء الشباب الذى يعمل بالإليزيه على مدى 24 ساعة مقيم بالغرفة المجاورة لى، لمتابعة ضغط دمى، والاهتمام بعلاجى، والأهم إزالة حالة القلق التى أشعر بها، ولكنى أشعر بحالة من الدوار دائما، مما يضطرنى للراحة وعدم الحركة. ذات صباح أمسكت (بالدرابزين) قبل سقوطى وذلك ما جعلنى حذرة دائما. كل يوم يأتى بعض الأصدقاء لزيارتى وأيضا عائلتى، لكن لا أحد يتكلم معى أو يحكى لى أى شىء أو يحدثنى فى أى موضوع يتعلق بما يحدث بالخارج حرصا على حمايتى بالصمت. وفى يوم جميل دخل شعاع الشمس إلى غرفتى فنزلت مع أمى إلى الحديقة وكذلك ابنى، والفضل فى الأشجار من حولنا التى تجعل رجال الإعلام لايستطيعون تصويرنا، ومع ذلك وجدنا صورنا منتشرة فى إحدى المجلات، آلة الإعلام تنتقد كل شىء بدون أهمية لما سيحدث من وراء ذلك، مما جعلنى أتذكر الصيف الماضى والذى كنت فيه فى «لانترن»، عندما كان يعمل فرانسوا فى باريس، ومع ضباط الحماية المكلفين بى، تعودت أن أقوم بالرحلات الطويلة على الدراجة، وأصبحنا كل يوم فى تلك الرحلات كأنها تدريب حتى أصبحنا أبطالاً فى قيادة الدراجة، ففى كل يوم نجتاز 37 كيلومترا عبر حديقة فرساى وغابتها، ونحاول أن نتسابق، إلى أن ظهرت الشائعات لتوقفنا، رغم أننا لم نكن نتوقف عن تلك الرياضة حتى فى أيام المطر، يالها من مأساة حتى السعادة لا أستطيع إحياءها بسبب الشائعات. فى آخر الأسبوع التحق فرانسوا بل حضر بجسمه لكن ترك عقله ونفسه، لفحص المشكلات وقراءة الملفات، رافضا الخروج معى لحديقة «لورانت». هى حدائق جميلة بالنسبة لى، ولكن المصورين فى كل مكان نشروا صورة لى على دراجتى فى صحيفة «لوباريسيان»، وبعدها بيومين كنا نقترب من الصليب الكبير فى الحديقة، وجدنا مصورين فاتجهت إليهما بدون إبلاغ الشرطة، وقالا لى نحن هنا طيلة النهار، ولايوجد معنا سلاح، حضرنا للتصوير وليس للحرب، فقلت لهما: «لقد أضعت وقتك أنت وهو، لأن الرئيس لم ولن يخرج، فكل يوم ستحضران أنت وصديقك، ستأخذان نفس الصور، أنا على دراجتى وهذا ليس له أهمية للجريدة، أو للشعب، ومن الأحسن المكوث مع عائلتيكما، وتقوية الروابط بينكم»، وبعد هذا الموقف وجدت نفسى أتساءل: كم من الذكريات جعلتنى أبتسم. عند وصولى لقصر الإليزيه كنا أنا وفرانسوا قد ابتعدنا أحدنا عن الآخر، الأحداث أخذت حبنا وذهبت به خارجنا، سيدة الإشاعة «جاييه» حطمت حياتى منذ شهر أكتوبر ,2014 فى هذه الحقبة وبعد خمسة أشهر، أى بعد الانتخابات الرئاسية، سمعت أنه يتكلم عنى لأول مرة، ولم أصدق نفسى لثوان، ولكننى عرفت أيضا أنه قام بعقد عمل عشاء للفنانين فى الإليزيه، بدون أن يخبرنى أحد ولكن لم يضعنى أحد فى جدوله، حتى المستشار الثقافى الذى هو أصل حفلة العشاء، وذهبت فى ذلك الأسبوع للمبيت مع أطفالى لعدة أيام فى منزل قمت بتأجيره منذ فترة بمدينة قريبة من باريس، ولكنى أدركت أننى مخطئة، لأنه لا فائدة من الجلوس فى هذا المنزل، حيث إننى أرى أبنائى فى الصباح فقط، لأنهم يخرجون فى المساء مع أصدقائهم، وأيضا لأننى تعودت على رؤية طليقى الثانى، ولم أستشر أو أطلب من فرانسوا أى مساعدة فى تلك الأمور، لأنه الرئيس وعنده أشياء أكثر أهمية ليفعلها، وفى ذاكرتى عندما استعدت الأحداث وجدت أنه فى عام 1992 الرئيس متيران فى وقتها تملأ أخباره صفحات المجلات والصحف التى تتخصص بالأخبار السياسية والاقتصادية تكشف عن أنه يلعب الجولف، ويتنزه على الأرصفة، كان هناك هجوم عليه حتى لو على عناوين الصحف، وتساءلت: كيف احتفظ ببرود أعصابه؟ لست أدرى هل كان عام 2012 شىء آخر غير أيامنا هذه. كلمنى فرانسوا كثيرا إلا أنه لم يقل لى شيا عن عشاء الفنانين، وإن كانت جولى جاييه تشارك فيه، وجدت نفسى كالغريبة، وفى نوفمبر 2012 عادت الشائعة بأكثر قوة، وأنه يوجد صور أخرى لفرانسوا مع جاييه، فسألته عن ذلك وما إن كان اصطحبها بعد العشاء، فأكد لى أن هذا لم يحدث، ولكن الشائعة أصبحت حقيقة عامة، فى الوكالة الفرنسية الصحفية «إيه إف بى AFP» وصور أخرى بشارع «فابورج سانت هونريه» مكتوب عليها، اثنان من الإليزيه، وقتها كنا بمكتبى، وقمت باستدعاء فرانسوا، وجدته فى أقل من دقيقة أمامى، وقال إنه ذهب إليها فى سبتمبر، ولكن فى اجتماع للفنانين، فسألته عن عدد الحضور، قال لى: «عدد الحضور كان عشرا، أو اثنى عشر»، وكان ذلك مع «بانتيل»، فقلت له: «هذا مستحيل هذا ليس من أعمال الرئيس»، فاستشاط غضبا، فجاء ردى سريعا: «أهذا عشاء منظم من أجل جولى جاييه»؟ كما سألته عن صورة أخرى كان متواجداً فيها معها فى شارع كوسيه، حكى لى أن ذلك كان للقاء رؤساء رجال الأعمال فى الصين. يتصل بى رجال الصحافة بجريدة «الإكسبرس» لكنى لا أرد حماية لنفسى، ولا أدير جهاز التلفاز، خرجت من بيتى إلى «أسل آدم» حيث يعيش أبنائى، واستدعانى ابنى «إيان» وسألنى بدوره: «ماذا تفعلين يا أمى فى هذا الكلام الدائر حولك فى كل مكان»؟ فقلت له: «لن أفعل شيئاً، ثم بدأت مسرعة لأقوم ببعض الأعمال المنزلية، وفى عقلى كلمة «شائعة» أصبحت لا تصلح لموضوع جاييه، وإنما كلمة «حقيقة» هى التعبير الدقيق.∎