تتميز المرأة فطرياً بغريزة الأمومة، ولذلك هى أول من يضحى وآخر من يستفيد فى الأحداث التى تتعرض لها أسرتها ومجتمعها، ومشاركتها فى الاستفتاء على الدستور وفى انتخابات الرئاسة أظهرت مدى تأثيرها فى المجتمع. الوعى.. حصانة ضد الوصاية!
تعبر المشاركة القوية للمرأة المصرية بالتصويت فى الانتخابات عن الإرادة والوعى، فقد خرجت المرأة للمشاركة فى الانتخابات لتثبت لمجتمعنا الذى تحكمه أفكارا غير صحيحة أن صوت المرأة لم يعد ضعيفاً، وأن صوتها لم يعد مرتبطاً بإرادة الأب أو الزوج، وأن صوتها ثورة وليس عورة.
لقد واجهت المرأة الفكر المنتشر بأن دورها هو العناية بالبيت وتربية الأولاد، من خلال امتلاكها لإرادة واعية وحكمة تعطيها حصانة ضد وصاية الآخرين عليها.
أحلام حقيقية!
غابت المرأة عن الترشح للانتخابات الرئاسية، مع أن صوتها مؤثر فى حسم نتائج الانتخابات، ويرجع عدم ترشحها للرئاسة إلى عدم اكتمال الوعى السياسى العام، ولأن ثقافة المجتمع تعتبر أن المرأة ليس لها القدرة على تولى مناصب قيادية.
فالمرأة المصرية كان لها السبق فى التجربة السياسية العربية، والآن المرأة العربية تترشح للانتخابات الرئاسية، فمن بين 6 مرشحين لرئاسة الجزائر كانت تتنافس معهم لويزة حنون رئيسة حزب العمال، ونادين موسى أول امرأة لبنانية تعلن ترشحها رسمياً للانتخابات الرئاسية، ويبقى أن مشاركة المرأة فى الترشح للرئاسة المصرية هى خطوة إيجابية تبقى حلماً قد نراه يتحقق فى المستقبل. تسيطر المفاهيم الخاطئة على بعض الناس وتتحول مع الوقت تلك المفاهيم إلى قيم اجتماعية لا مبرر لها سوى أنها من العادات والتقاليد
من له إرادة.. له قوة!
منذ بدايات القرن العشرين والمرأة تناضل لتحصل على حقوقها السياسية والاجتماعية، فأصدرت جميلة حافظ مجلة «الريحانة» فى 1907 وهى أول مجلة نسائية مصرية تدافع عن حقوق المرأة.
وشاركت النساء فى ثورة 1919 واستشهدت أكثر من فتاة، ومع ذلك صدر دستور 1923 دون أن يعطى المرأة حقوقها السياسية.
وتأسس أول حزب نسائى «اتحاد النساء المصريات» 1925 وطالب فى 1947 بتعديل قانون الانتخاب ومنح النساء حق التصويت وجميع الحقوق السياسية، وفى دستور 1956 أصبح للمرأة الحق فى التصويت والترشح، وفى 1957 ترشحت 6 نساء للبرلمان فازت منهن 2 ووصلت حالياً نسب قيد المرأة فى جداول الانتخاب إلى 40٪.
دوام الحال من المحال!
يعكس وضع المرأة فى الحياة السياسية حقيقة وضعها الاجتماعى والاقتصادى، هذا ما تؤكده دراسة عن القوى العاملة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فالمساهمة فى قوة العمل تعكس مكانة الفرد فى المجتمع، والمرأة المصرية تعمل بجانب الرجل من آلاف السنين فى الزراعة والصناعات الصغيرة.
ومع ذلك استمر التمييز ضد المرأة فى مجال العمل، فنسبة البطالة بين النساء أكثر من الرجال، وفرص الوظائف الجديدة متاحة للرجال أكثر من النساء، ويتركز عمل المرأة فى قطاعات الزراعة والخدمات ويتركز عمل الرجل فى قطاعات الإنتاج وسوق المال، ومع استمرار المشاركة القوية للمرأة فى الحياة السياسية سيتغير الحال بمرور الوقت.
تعقيب:
لتحقيق نهضة حقيقية فى المجتمع يجب إعطاء دور أكبر للمرأة فى العمل السياسى، فرأى المرأة الحكيمة يعتبر مؤشراً على اختيار الأصلح للإدارة، قال تعالى: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِىُّ الْأَمِينُ) القصص 26 وعن النبى عليه الصلاة والسلام: «من استعمل رجلاً على عصابة «جماعة» وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين».