«ترشيح وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى للرئاسة أمر وليس له رفاهية الاختيار، ويكفى أن السيسى يجمع بين كبرياء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وبين دهاء الرئيس الراحل محمد أنور السادات». بهذه الكلمات تم افتتاح مؤتمر «الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين» - برعاية رجل الأعمال «محمد فريد خميس» - وبحضور رئيس لجنة الخمسين «عمرو موسى»، والمفكر السياسى «د. مصطفى الفقى»، ونقيب المحامين ونائب رئيس لجنة الخمسين «سامح عاشور» - الذى لم يتعد حضوره دقائق معدودة! - وعضو لجنة حقوق الإنسان ونائبة رئيس اللجنة «د. منى ذو الفقار»، وعدد كبير من المستثمرين و رجال الإعلام والصحافة، والذين يعتبر حضورهم بمثابة التأكيد على ترشيح «السيسى» لرئاسة الجمهورية - وهو ما أكده المستثمرون أيضاً - خاصةً فى ظل تسارع الأحداث على الساحة السياسية المصرية، وعدم تأكيد أو نفى «السيسى» نفسه للترشح، فى الوقت الذى يسارع فيه البعض الآخر لترتيب أوراق ترشحه مثل «سامى عنان».
إلا أن أهم ما تستطيع الخروج منه - طِبقاً لهذا المؤتمر - الذى يمثل - كما قال «محمد فريد خميس» - 43 ألف مصنع وشركة، يمتلكون نسبة ال70 ٪ من الاقتصاد المصرى، ويمثلون ما يفوق ال7 ملايين عامل، هو تأكيد إعلانهم على دعم الدستور والمشاركة عليه ب «نعم»، وهو ما دعمه حضور نقيب الفلاحين أيضاً «محمد برغش»، والذى كان قد اعترض على إلغاء نسبة ال 50 ٪ العمال والفلاحين فى تمثيل مجلس الشعب والتى ألغيت فى الدستور الجديد وأثارت جدلاً، قال فى المؤتمر : «طظ فى ال 50 ٪ المهم مصر الآن»، ولكنه وجه رسالة مباشرة إلى «عمرو موسى» طالبه فيها بتأجيل انتخاب المحافظين الآن حتى لا تظهر النعرات القبلية.
أيضاً ركز المؤتمر على ما تميز به الدستور من أفكار تتعلق بالمشاركة والمواطنة وعدم التمييز وحقوق الإنسان والاتفاقات الدولية وحقوق المرأة وحرية العقيدة والملكية الفكرية، كما ركز «عمرو موسى» فى حديثه على التعليم والرعاية الصحية، خاصةً المأمول منهما فى الفترة القادمة، بعدما تحدد فى الدستور الجديد 4٪ من نتاج الدخل القومى للتعليم الأساسى و2٪ للتعليم العالى و1٪ للبحث العلمى.. كما لم ينس «عمرو موسى» الحديث عن صلاحيات رئيس مصر القادم وفقاً للدستور والتى على أساسها سيتم معاملة الرئيس بالاحترام الواجب لكن يظل الدستور أقوى منه، وأما مسألة وجود برلمان واحد - بعد إلغاء مجلس الشورى - فكان يفضل ألا يتم هذا، وهو ما تحفظ عليه «د.مصطفى الفقى» بأنه لا يجوز إعادة الحديث عن عودة مجلس الشورى، خاصةً بعدما تم الإجماع على إلغائه، كما كانت له ملاحظة صغيرة على ديباجة بعض المواد، وعدد «الفقى» بعدها المزايا التى يتمتع بها الدستور الجديد كوضوح شخصية الدولة فيه بدرجةٍ عالية، وأنه أكثر الدساتير حداثة، كما أنه يصب لصالح الفقراء والفئات المهمشة كالمرأة والمسيحيين والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة، كذلك إعلاء قيمة الفرد فى الدستور، وإلغاء فرعونية الرئيس. المحور الثالث والأهم هو الحديث عن ميزة الدستور بالنسبة للاقتصاد والاستثمار، وهو ما عنى به بشدة «خميس» فى حديثه على أن الاستثمار مرتبط بالاستقرار السياسى، فمشكلة مصر الحقيقية هى المشكلة الاقتصادية، وخلق وظائف، وزيادة دخول الأفراد مع العدالة فى التوزيع، مؤكداً على أن حجم السوق المصرية يتجاوز ال 600 مليون نسمة لا ال 95 مليون نسمة - تعداد مصر الحالى - لكن هذا يحتاج إلى التنظيم ووجود استثمارات حقيقية.
بعدها تطرق المؤتمر لآراء بعض المستثمرين من جميع أنحاء مصر، سواء القاهرة، أسوان، السويس، جنوب وشمال سيناء، والنوبة، وسواء كانوا رجال الاستثمار ك«صبحى نصر»، الذى تحدث عن تحفظه على المادة 64 والتى كان يتمنى أن تصير حرية العقيدة وفقاً للشرائع السماوية فقط، أو سيدات الاستثمار ك«عبير عصام رفعت»، التى دعت المستثمرين إلى ضرورة الاتجاه إلى الصعيد باستثماراتهم، وهو ما أكده «على حمزة» بقوله: «لا بد من الحفاظ على موارد الصعيد»، كما تحدث «محيى حافظ» عن أهمية المادة 17 فى حماية الدولة للصناعات الإستراتيجية، وكذلك المستثمر النوبى وأحد المسئولين عن حركة «كاتالا» «أسامة فاروق» الذى أشار إلى أن الدستور أحس بوجع أهل النوبة والبعيدين عن العاصمة فى العديد من مواده كالمواد 36 و 93 و 236 - كما أشار المهندس «حمدى عثمان» أيضاً فى لغة شعرية بديعة إلى أهمية وأد الشقاق والفتن، فى ظل النعرات المصاحبة لهذا مع قرب الاستفتاء على الدستور.. كما لم يخل المؤتمر من الجدل حول المادة 204 الخاصة ب «المحاكمات العسكرية»، وهو ما حاولت أن تشرحه «د. منى ذوالفقار»، واعترفت بأنه حدث خلط وسوء فهم لتصريحات اللواء «مدحت رضوان غزى» رئيس هيئة القضاء العسكرى بخصوص هذه المادة.
لم يخل المؤتمر كذلك من بعض الطرافة من جانب «د. مصطفى الفقى» وحديثه عن فترة عمله مع «عمرو موسى»، وكذلك حضور الفنان القدير «سمير الإسكندرانى»، الذى ألقى كلمات تقول : «هنقول لدستورنا نعم .. لو فى أمامنا 100 لغم .. تمسك شمروخ .. مولوتوف .. تقف فى طريقنا .. هتتفرم» .. وكان من الواضح أن هناك توقعات مبدئية بأن نسبة المشاركة للاستفتاء على الدستور ستكون متجاوزة، وهناك مؤشر - كما قيل - لنسبة «نعم»، التى ستتجاوز ال 80 ٪.