هناك أصول وقواعد متفق عليها فى العمل العام.. والمسائل لا تخضع أبدا للمزاج الشخصى.. وعندما قررت الدولة أن يكون التصويت فى الاستفتاء بالبطاقة أو الباسبور فى أى مكان بالجمهورية.. دون أن يكون لزاما على صاحب البطاقة الانتقال إلى محل الميلاد.. كانت المسألة واضحة.. أن هناك اتجاها للتسهيل على المواطنين وبالتالى لا يستطيع حضرة محافظ القاهرة مثلا.. أو مدير الأمن بها الامتناع عن تنفيذ تعليمات الدولة والإصرار على ذهاب المواطن إلى محل الميلاد.. لأنه وكما أسلفنا المسائل لا تخضع للمزاج الشخصى.. ثم إننا مواطنون لا رعايا.. لنا جميع الحقوق ومن بينها التسهيل علينا فى أمور مستقرة فى جميع بلدان الدنيا.. حيث التسهيل على المواطنين هو القاعدة العامة فى الاقتراحات والاستفتاءات المختلفة. وكما سهلت الدولة على المواطنين بالتصويت فى أى مكان.. طالما يحمل المواطن بطاقته القومية أو الباسبور الخاص به.. فإنها سهلت الأمر على المواطن المصرى فى بلاد بره.. حيث التصويت فى مدن التجمعات الكبيرة.. والمواطن ليس مضطرا أبدا للذهاب للعاصمة للإدلاء بصوته الانتخابى ولكن..
هناك دول معينة تتطلب معاملة خاصة وفهم لطبيعة إقامة المصريين بتلك الدول.. كدول الخليج على سبيل المثال.. حيث لايستطيع المصرى العادى حمل باسبوره الخاص.. لأنهم يطبقون نظام الكفيل.. الذى يحتفظ بباسبور المصرى إلى أن تنتهى مدة تعاقده.. كان العرف والعادة أن يكون التصويت فى دول الخليج بصورة الباسبور.. وكانت بعض السفارات ضمانا لألا يصوت المواطن أكثر من مرة.. كانت تعتمد صورة الباسبور بالختم عليها.. وبالتالى لا يستطيع المواطن ممارسة حقه أكثر من مرة واحدة.. حيث تكون لصورة الباسبور فى هذه الظروف قوة وتأثير الباسبور الأصلى.
ولكن..
لا نعرف لماذا كشرت بعض السفارات المصرية فى الخليج عن أنيابها.. واشترطت لكى يمارس المواطن حقه الانتخابى أن يحمل الباسبور معه.. وهو ما يعد مستحيلا.. وهو ما يعنى حرمان المصريين من ممارسة حقوقهم.. وما يؤكد أن المسألة تخضع لمزاج حضرة السفير.. إلا إذا كانت هناك تعليمات واضحة.. بمضايقة المصريين بالخارج حتى لايمارسوا حقهم الانتخابى.. بما يشير إلى خوف جهات ما من أصوات المصريين فى بلاد بره وهو عيب والله وقصور فى المعرفة.
وما حدث فى بعض دول الخليج تكرر فى بعض دول أوروبا.. وفى سويسرا تحديدا.. حيث أصر السفير ومعه القنصل العام بجنيف على ضرورة أن يكون التصويت فى العاصمة «برن» ولانعرف لماذا؟!
«برن» لمن لايعرف، مدينة صغيرة.. مجرد عاصمة إدارية.. وتعداد المصريين هناك محدود محدود.. فى حين أن غالبية المصريين موجودون فى زيورخ أو فى جنيف وفى الأخيرة تحديدا، حيث إنها الأكثر كثافة بالمواطنين المصريين بحكم أنها المدينة التى تستضيف المقر الصيفى للأمم المتحدة.. وحيث تقيم جالية عربية محترمة.
وفى العام الماضى.. كان القنصل العام فى جنيف دبلوماسيا رائعا.. يعرف واجبات وظيفته ودوره كحلقة وصل بين الدولة وبين المواطن.. كان القنصل شريف عيسى على اتصال مباشر بأفراد الجالية.. يتشاور معهم ويتشاورون معه.. كان قبل أية انتخابات أو استفتاءات يعقد اللقاءات مع الجالية، يستفسرون ويجيب ويحاول أن يذلل الصعاب.
الآن هناك قنصل جديد.. لا يغادر مكتبه.. موظف مربوط على الدرجة، وهناك سفير يسكن فى برج عاجى.. يحسبها بالمليم قبل أن يتحرك من مكانه.. راحت أيام كانت فيها السفارة سفارة المصريين.. وقد قرر السفير والقنصل الجديد أن يكوت التصويت فى «برن».. بما يعنى أن تسافر ذهابا وعودة خمس ساعات لتدلى بصوتك ويا عالم.. إن كانت السفارة ستفتح أبوابها أم لا.
تشعر يا أخى هناك أنك مواطن زائد عن الحاجة.. رأيك وصوتك ليس مهما لهم.. ثم يطالبون بالانتماء للوطن البعيد عنهم.
يا حضرة وزير الخارجية.. نظرة إلى سويسرا.. وإلى دول الخليج!!