الإسقاطات السياسية فى الإعلانات الرمضانية عوضت قلة الشركات المعلنة المتأثرة بالأجواء غير المستقرة وخطط التقشف الإجبارية، لدرجة أن «بقر لبنيتا» خطف الأضواء من الظهور الأول لكريم عبدالعزيز فى مسلسل «النهايات اللامتناهية» مع «موبينيل» ، والتى أنقذت نفسها بطلقة غنائية وطنية على شاكلة تجربتها الاستثنائية وعشان لازم نعيش مع بعض، لتضاهى بذلك أغنية «كوكاكولا - مكملين»، التى تغلبت لأول مرة منذ عدة رمضانات على ضرتها التاريخية «بيبسى» المشغولة باستدعاء بوجى وطمطم والمهندس ونيللى بعد انشغال بطلتها فى المواسم الأخيرة «دنيا سمير غانم» بالزواج.. ووصل الأمر إلى أن تجاوزت اللهجة السياسية فى الإعلانات بعض الدراما الرمضانية رغم سيطرة السياسة عليها هى الأخرى ! الأمر فى غاية التعقد، وكان فى حاجة لوقفه، تأخرت للأسف بسبب تسارع الأحداث حتى فطنت لهامواقع التواصل الاجتماعى، وكانت البداية بالطبع مع أغانى شركات كوكاكولا والاتصالات وبنك مصر، المليئة بالإسقاطات والدعوات المباشرة للم الشمل مهما احتدت الخلافات، ورغم عدم واقعية هذه الدعوات خاصة أنها تزامنت مع الأحداث الدموية التى افتعلها «معشر رابعة»، إلا أنها وجدت صدى كبيراً لدى الرأى العام، والذى كان لسان حاله «خدوا فالكو من إعلاناتكو»!
والأكثر عمقا من الأغانى المؤثرة فى الإعلانات رغم تأثيرها، إعلانات من نوعية «بقر» لبنيتا الذى قررت الشركة التخلص منه وتفجيره بسبب المشاكل التى لا تتوقف عن إثارتها، وأيضا إعلان «دولسى» الذى يفتح فيه الشباب قفص الأسد أمام هذا الرجل السمج الذى يتمادى فى «الغلاسة» على الأسد !.. وإن اعتبر هذا مبالغة، وأن هذه القراءة لم ترد على دماغ من وضع أفكار هذه الإعلانات، إلا أن الرأى العام ربط بين هذه الإعلانات والأحداث التى تحاصره، حيث اعتبر الإخوان «البقر» الذى فجره الشعب حتى يتخلص منه بعد كل هذه المشاكل الذى تسبب لهم فيها وورطهم فى أضرارها، واعتبر أيضا الرأى العام الجيش هو «الأسد» الذى فتح الشعب القفص له لينهى على الإخوان التى لم تقدر مدى قوة ودهاء الجيش، وهى متمثلة فى الشاب «الرخم» بالإعلان الذى استفز «الأسد» وحسبه «تمساح» وكان يقوله له «خد فشار»، ويهذى «أنا ملك الغالبة يا لا.. مش عليا يا سوسن»، وانتهت ببوس الأيادى ! والشعب يترك الإخوان تتلقى نصيبها المستحق !
بين «البقر» وهذا «الرخم» الممثلين لفصيل حتى الإعلانات انقلبت عليه لكن على طريقتها، كانت لإعلانات التبرعات المستفزة فى أحيان، دور فى نقل كل زوايا تعقيدات المشهد بعدما اضطرت «جمعية رسالة» لختام إعلاناتها الكثيرة جدا بعبارة مثيرة للجدل أكثر من كونها حاسمة، وهى «لا ولم ولن تكون لنا علاقة بأى فصيل دينى أو سياسى» بعد اللغط الكبيرالذى أثير حول سيطرة قوى إخوانية على هذه الجمعية، والتى تراجع الكثيرون عنها بسبب هذه العلاقة التى لم تحسم بالمستندات والوثائق بعد، لكن كان غريبا على نفس المنوال أن تتجاهل «جمعية الأورمان» هذا القيل والقال رغم أنه طالها، ولم تكتب أى عبارة على شاكلة عبارات «رسالة»، أو حتى تنفى بأى طريقة أخرى علاقتها بالإخوان، بالذات بعدما تردد على لسان الناشط السياسى «محمود العسقلانى» حول توزيع كراتين عليها علامات رسالة والأورمان فى اعتصام إمارة «رابعة» !
وهذا ما يستدعى المطالبة العاجلة بمراقبة الأجهزة المختصة على حسابات مثل هذه الجمعيات ليطمئن قلب المتبرعين، وكان من المفروض أن تبادر إداراتها بالكشف عن كل صغيرة وكبيرة فيها احتراما لعمل الخير الذى ينشدونه حتى لا تتراجع التبرعات التى يقال إنها توجه لصنوف كثيرة من المستحقين، خاصة أن الصراع فى هذا المجال الخيرى الذى تغول بصورة مثيرة فى الإعلانات بالذات بين«رسالة» و«الأورمان» و«مصر الخير» يثير التساؤلات حول نواحى صرف هذه التبرعات والتى من حق الرأى العام أن يعلمها !
وليس بعيدا عن عموم الإسقاطات السياسية فى الإعلانات الرمضانية، صورة الملتحى أو حتى المنتقبة التى أصحبت حاضرة فى الإعلانات، كما هو فى إعلانات مركز مجدى يعقوب للقلب وكوكاكولا، وكانت مقبولة فى البداية مع دعوات اللا إقصاء، لكنها أصبحت غير واقعية مع غرقنا فى حمامات يفتعلها المتأسلمون لإحراج النظام الحالى أمام العالم !
ويبدو بشكل عام أن نقاش الإسقاطات السياسية جعل البعض يحول نظره عن قلة الأفكار المبتكرة فى إعلانات رمضان هذا العام، فرغم أن سقطة الكينج فى حق الأغنية التراثية للكبير «وديع الصافى» أزعجت الكثيرين من عشاق فنه من حملة «التشيير الفودافونى»، فإن فيديوهات الثمانينيات التى سيطرت على الإعلان واشتباهه كان لها عبق لطيف وجذابجعلت البعض يتجاوز عن ذلك، خاصة أنها فى النهاية دعوة للتكافل بشكل مختلف اتفقنا أو اختلفنا عليها، وتتواكب مع عودة «قطونيل» إلى رشده بعد رحيل حكومة «هشام قنديل» ليتراجع عن حملته السابقة بحملة وقورة تحمل شعار «مش هاسقط بنطلونى عشان أعمل إعلان».. و«قيس بوكسرك فى السكرتة».. صحيح أن البنات هى التى تعطى الشباب عبوات البوكسرات، لكن كنا فين وبقينا فين !؟.. والسؤال الآن: هل تضرب هذه الحملة الأخلاقية التى تدعو الشباب لرفع بنطلوناتهم وتغطية وستر بوكسراتهم موضة «البنطلونات الساقطة»، رغم صعوبة ذلك فى عصر «الفيزون الحريمى»، والذى وصل حتى «منصة رابعة ؟!
وكان واضحا أن «الحملات الأخلاقية» لم تتوقف عن «قطونيل» فقط بل امتدت إلى «بريل» صاحب الحملة الأشهر «استرجل»، الذى طورها إلى «استذكر» دون أسباب واضحة سوى التغيير، ووصل الأمر إلى أن انتقدت الحملة نفسها بنفسها، حينما قالت على لسان أحد الشباب «ده مجرد شراب شعير إيه علاقته بالرجولة» ؟!.. بس بردو حملته مش بطالة خاصة لمحبى الأبراج !.. وبالذات لو وضعنا فى الاعتبار «إعلان حمام روكا» المستفز!
والطريف أن البعض شبه فشل «كريم عبدالعزيز» المتكرر فى إنقاذ الفتاة أو قتل غريمه أو الوصول لحبيبته، بالإخوان الفاشلين فى كل شىء، ويعلقون فشلهم المتكرر على شماعات واهية، لكن الخوف كل الخوف أن يفعل فينا الإخوان كما يفعل «رامز جلال» مع ضحاياه فى برنامجه الإعلانى «رامز عنخ آمون» باستنزاف قوانا لو لم يتحرك الجيش من ثباته بعد تفويض شعبه له لحسم المواجهة بأى طريقة، قبل أن يجلس معنا «رامز» فى النهاية بعد أن يضحك علينا ويطلع لنا الثعبان !