من موقعة الاتحادية والهجوم على المعتصمين السلميين، مرورا بحصار مدينة الإنتاج الإعلامى ومحاولات اقتحامها بالتعاون مع أولاد أبوإسماعيل، ثم موقعة المقطم وضرب ميرفت موسى وهجوم الفتى «المغير» الحارس الشخصى لخيرت الشاطر، تتوالى أوجاع الوطن. نفس السيناريوهات والتفاصيل والتحريض. لكن ما هو أخطر وتكشفه «روز اليوسف» فى حضرة باقة من ألمع المبدعين هو السيناريو الخطير للمخطط المدبر لاخفاء آلاف الوثائق من دار الكتب والتى يشكل إخفاؤها خطرا أكبر على الأمن القومى تحت إشراف الوزير.
الكاتب الكبير جمال الغيطانى يكشف أكثر بقوله: موقعة الهجوم على اعتصام المثقفين تكشف حقيقة واحدة بحكم دراستنا لجماعة الإخوان المسلمين وهو عداؤهم الشديد للثقافة وقيمتها، واختيارهم لوزير ثقافة مثل علاء عبدالعزيز هو إهانة للمثقفين الذين لم يسمعوا يوما عن إسهاماته فى الحياة الثقافية، فلا أتخيل على الإطلاق أن يرأس مثل هذا الشخص اجتماعاً للمجلس الأعلى للثقافة الذى يضم نخبة المفكرين والفنانين.
وهنا يحذر الغيطانى من حالة الإلهاء التى تورط فيها جماعة الإخوان المسلمين المثقفين والشعب المصرى الآن، للتغطية على القضية الأكثر والأشد خطورة وهى أن تعيين هذا الوزير جاء لينفذ خطتهم فى الاستيلاء على دار الكتب والوثائق المصرية، فالإخوان تتحرك بمنتهى القوة للاستيلاء على الذاكرة الوطنية للدولة المصرية، لتصبح وثائق مصر مباحة فى أيدى جماعة الاخوان المسلمين، حتى يقوموا بتغيير وجه التاريخ لصالحهم، فنحن أصبحنا الآن أمام نظام إرهابى يقتل ويخرب، لا فائدة منه، ولا تجتمع عقيدته وأهدافه مع مصلحة الدولة المصرية وتماسكها.
وفى نفس الوقت قال «الغيطانى» إنه من أحد المميزات التى صاحبت أزمة الثقافة الحالية تحرك المثقفين ونزولهم إلى الاعتصام فهو يمثل سابقة مهمة فى تاريخ مصر، تختلف عما اعتاد عليه المثقفون فى الماضى من بيانات شجب وإدانة بعيدا عن النزول لأرض الواقع، فعندما يشارك كتاب كبار فى السن أمثال يوسف القعيد فى اعتصام رغم مرضه، فنوجه تحية لهؤلاء المثقفين.
أما الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة فينظر للازمة نظرة أخري بقوله إنها بمثابة بروفة لما سوف يحدث ابتداء من 30 يونيو، فجماعة الإخوان المسلمين والنظام الحاكم أراد أن يحذرنا ويقول لنا بطريقة مباشرة إنه عندما تتظاهرون ضدى فى 30 يونيو سوف نسلط عليكم ميليشياتنا - كى تنتقم منكم وتذبحكم أو تؤذيكم، ولكن هذا لن يؤثر فى المثقفين ولا فى الشباب الثائر، فسوف يواجه هؤلاء الشباب المتمرد هؤلاء المتأسلمين ويطردونهم شر طردة كما حدث أمام وزارة الثقافة.
وأضاف عصفور: إنه بالرغم أن التنوير يعانى من محنة الآن، فإنه لا يخشى على مستقبل الثقافة فى مصر، لأن التنوير فى فعل مقاومة الآن وتمتد الأجواء الرافضة للظلام وتتكاثر بين الشباب المتمرد، والتى سوف تنتهى بانتصار الدولة المدنية على الدولة الدينية.
الإخوان المسلمون يتجهون إلى تكسير جميع الأعمدة الرئيسية للدولة التى تحيل بينهم وبين تنفيذ خطتهم فى التمكين وتفكيك مفاصل الدولة، ومن ثم وبعد ضربهم للإعلام والتعليم والقضاء لا يبقى أمامهم سوى المثقفين الذين يضحون بأنفسهم ضد هذا المخطط «هذا ما أكدته الشاعرة فاطمة ناعوت» التى ترى أنه من الوهم أن يتخيل البعض أن المثقفين يعتصمون ويتظاهرون ويختصمون من أجل أشخاص، سواء إقالة د.أحمد مجاهد أو إيناس عبدالدايم، فالمثقفون قضيتهم هى الحفاظ على هوية مصر وثقافتها، النضال من أجل فكرة وهى عدم تفكيك هذا الوطن وتقسيمه ومحو تاريخه وحضارته من أجل فصيل واحد.
ناعوت ترى أن مثقفى مصر يقفون حجر عثرة أمام مرحلة التمكين التى تسعى لها جماعة الإخوان المسلمين، وأقول لهم «أهلا بكم فى ملعبنا» فالمثقفون سيكونون لكم حقل ألغام سينفجر فيكم فنا وإبداعا وجمالا. ويتفق مع ناعوت فى الرأى المخرج مجدى أحمد على ولكنه أضاف: سلوكيات جماعة الإخوان المسلمين والتيارات التابعة لها فى تكرارها الهجوم على معتصمين سلميين غير مخربين كما حدث فى الاتحادية ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى يعرضون مطالبهم فى بيتهم وهو وزارة الثقافة
الكارثة القومية الحقيقة والكلام لمجدي أحمد علي التى تواجه الدولة المصرية وهى إقالة وزير الثقافة لكل قيادات دار الوثائق القومية، فى ظروف غريبة ومريبة، حيث تم إقالة الموظفين بالمساء وتعيين بدلا منهم عناصر إخوانية، وهو ما يثير الشكوك على مستقبل هذه الأمة وتاريخها اللذين أصبحا فى خطر داهم اليوم.
وأضاف مجدى أحمد على: نطالب القوات المسلحة أن تتحمل مسئوليتها التاريخية فى الحفاظ على أمن مصر القومى والاستراتيجى، وتكشف عما يحدث داخل دار الوثائق القومية، فنكاد نجزم أن هناك سيارات تحمل هذه الوثائق الخطيرة وتبعث بها إلى أماكن غير معلومة، وتكمن خطورة وأهمية هذه الوثائق فى أنها تضم معلومات عن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين وفضائحهم، بالإضافة إلى معلومات عن أراض تابعة لوزارة الثقافة سواء إسلامية أو غير إسلامية، بل الأزمة تعود أيضا إلى أن عددا كبيرا من هذه الوثائق والتى تجاوزت 100 مليون وثيقة لم يتم أرشفتها أو تكوديها ومن ثم فسهل القضاء عليها وتهريبها أو سرقتها وبيعها لصالح دول أجنبية أخرى، أو الحصول على مقابل مادى.
وأكد مجدى أننا نخشى أن نترك تاريخنا ووثائقنا المهمة فى أيدى جماعة هى فى الأساس عبارة عن تنظيم دولى، لانعرف مصادر تمويلها ولا إلى أى جهات تعمل ولصالح من الدول.
بينما ترى الروائية سلوى بكر أن ما حدث من غزوة التيارات الإسلامية لاعتصام المثقفين فى وزارة الثقافة هو سيناريو مستقبلى لما سوف ينتظر أن يحدث يوم 30 يونيو، الذى يمثل يوماً فاصلاً فى حياة الشعب المصرى وعليه أن يتحمل مسئوليته تجاه وطنه وينزل ويرفض ذلك الحكم البغيض لجماعة الإخوان المسلمين.
وتابعت بكر: إن اعتصام المثقفين سيكون نواة حقيقية للموجة الثانية من الثورة ضد حكم الإخوان وضد التيارات الظلامية، التى أكدت فى أكثر من واقعة أنها مازالت على أسلوبها المعهود من استخدام العنف وعدم الأخذ برأى الآخرين، والاستماع إلى صوتهم فقط.