سُعار الدولار وسلة العملات المرتبطة به، واحد من ملامح الانهيار الاقتصادى المصرى الذى يعجل من ثورة الجياع، التى تزيد ملامحها كل يوم، وحتى الخبراء الاقتصاديون الذين كانوا مصرين على التفاؤل رغم صعوبة الأوضاع يعيشون حالة من الخوف الآن على مصر ولا يستطيعون إخفاءها، فالسياحة منهارة والتصدير مختف والاستيراد يتعاظم، وبالتالى الدولار يشتعل بدون احتياطى أجنبى، واعترفت رموز إخوانية بأن زيادة أسعار الدولار مقابل الجنيه شرط من شروط النقد الدولى، والغريب أن بعض الخبراء لا يرون الإنقاذ إلا فى شراء تركيا وقطر للصكوك الإسلامية حسب وعدهما، وطبعا قرض النقد الدولى رغم سلبياته!
د. سمير رضوان وزير المالية الأسبق قال: إن انخفاض قيمة الجنيه المصرى فى مقابل الدولار الأمريكى سيؤدى بالضرورة لارتفاع الأسعار فى مصر بصورة كبيرة، لسببين: الأول هو أن مصر تستورد60 ٪ من احتياجاتها من المواد الغذائية وفى مقدمتها القمح فضلا عن الوقود، ثانيا أن 40٪ من صادرات مصر «لو كنا لسه بنصدر» يتم استيراد مستلزمات إنتاج هذه الصادرات، وبالتالى ارتفاع العملات الأجنبية يزيد من أسعار هذه المستلزمات وهذه هى النتائج المباشرة لارتفاع سعر الدولار والعملات الأخرى أما النتائج غير المباشرة تكمن فى زيادة عبء ضريبة الدين الخارجى الذى يدفع بالدولار.
وكشف عن أن مصر دخلت بالفعل «ثورة الجياع» التى تحدثنا عنها مرارا قائلا: أنا أول مرة أقلق على الاقتصاد المصرى، فالجريمة والبلطجة والباعة الجائلين وغياب الأمن كلها بدايات تعبر عن بدء ثورة الجياع فى مصر وهى بوادر خطيرة تهدد السلام الاجتماعى، كما تهدد أمن المواطن المصرى، مؤكدا أن هذه الأمور لا يستطيع أحد إنكارها، فبعد أن كان المجتمع المصرى مجتمع أمن ويعيش فيه السائح بأمان أصبح هناك خوف من قبل المواطن والسائح أيضا من الوضع فى مصر وأن أٌول الثورة بدأت بالفعل بدليل محاولة سرقة سيارة محافظ البنك المركزى والاعتداء على سيارة رئيس الوزراء والتعدى على آثار دهشور بالكامل وكذلك العديد من المواقع الأثرية التى تنهب فى وضح النهار وذلك يرجع إلى الشباب القوى البنية ولكنه متعطل، فالبطالة هى أخطر شىء يهدد المجتمع المصرى وتنبئ بثورة الجياع الخطيرة. وطالب المسئولين بضرورة الانتباه للوضع الذى تعيشه مصر الآن لأنه أصبح جد خطير وأنا أول مرة أقول هذا الكلام لأننى دائما متفائل، ولكن الوضع الاقتصادى والأمنى فى مصر الآن فى منتهى الخطورة ونحن نتمسك بسراب مثل استرداد الأموال المنهوبة، التى لم نحصل منها إلا على 934 مليون دولار وتركنا المشكلة الأساسية التى تعانى منها مصر وغابت الرؤية الاقتصادية لهذه المشكلات التى ستدمر البلاد. د. رشاد عبده رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتجية وخبير الاقتصاد الدولى يقول: ارتفع سعر الدولار فارتفعت معه جميع العملات الأخرى من يورو والجنيه الإسترلينى وريال سعودى وفرانك سويسرى وحتى الريال القطرى، مشيرا إلى أن ارتفاع سعر الدولا أمر منطقى لأن الدولار مثل السلعة وكلما زاد الطلب على هذه السلعة ارتفعت قيمتها.
وأضاف أنه فى ظل اقتصاد السوق الرأسمالى فالأسعار تحدد وفق العرض والطلب عليها وهذا ما تعانى منه مصر الآن لأن هناك زيادة فى الطلب على العملات الأجنبية وخاصة الدولار، وفى المقابل يقل المعروض فليس هناك سياحة وكذلك قل التصدير، ولذلك قلت العملة الأجنبية التى كانت تدخل البلاد، فضلا عن حالة فقدان الثقة فى الحكومة والدولة من قبل المواطنين، وهو ما دفعهم إلى دولرة أموالهم وهو ما يزيد من الطلب عليه أيضا وهذا كله يساعد فى ارتفاع سعر الدولار فى السوق المصرية، ولفت رشاد إلى قول حسن مالك: إن ارتفاع سعر الدولار فى مصر جزء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولى لأن من شروطه خفض قيمة الجنيه المصرى، وبالتالى ما يحدث الآن فى مصر هو تلبية لمطالب صندوق النقد الدولى، وهذا ما دفع الدولار إلى القفز أكثر من 80 قرشاً فى أربعة أشهر وهو سبق مصرى لم يحدث فى أى دولة من قبل، أن ترتفع عملة بهذه الصورة فى مدة قليلة، ولفت الخبير الاقتصادى إلى أن هناك مطلباً ثانياً لصندوق النقد الدولى وهو خفض عجز الموازنة، ولذلك قررت الحكومة المصرية رفع الأسعار على المواطنين والجمارك على السلع وجمارك الضرائب وإلغاء دعم الطاقة وبالفعل انخفض عجز الموازنة من 11٪ إلى 5,9٪
وتوقع رشاد أن يرتفع سعر الدولار خلال الفترة القادمة ليصل إلى 5,7 فى البنوك وأكثر من 8 جنيهات فى السوق السوداء.وقال: إن هناك مشكلة كبيرة ستواجهها مصر قريبا وهى إلغاء الدعم عن الطاقة لأنه مع ارتفاع سعر الدولار سيتم استيراد السلع من الخارج بسعر مرتفع لأنه يتم تسديد هذه المستوردات بالدولار، ولذلك سيتم رفع سعرها على المواطن وكل هذا فى ظل الأجور المتدنية. ونبه رشاد إلى أن مصر ستدخل فى «ثورة الجياع» فى أقل من عام لذلك تلهث الحكومة على قرض صندوق النقد الدولى لتحصل على قرض من عدة دول مثل أمريكا والسعودية وإيطاليا لتستطيع الرئاسة البقاء لعام أو عامين على الأكثر وهو ما يمثل انهيار تام للاقتصاد وحتى بعد قرض صندوق النقد الدولى ستدخل مصر فى معاناة جديدة لتسديد فوائد وأقساط القرض للصندوق. سمير على أكد أن التسوية مع رجال الأعمال وليست المصالحة من شأنها ضخ أموال للبلاد ولكن لن يكون لها تأثير ملحوظ على الوضع الاقتصادى الحالى كما أنه لابد من وجود قواعد واضحة يتم تطبيقها على جميع رجال الأعمال الذين يريدون تسوية خلافاتهم المالية مع الحكومة المصرية ويتم وضع المبالغ التى يتم الحصول عليها منهم بالبنك المركزى، ثم بعد ذلك وزارة المالية وهذا ما يحدث فى جميع الدول. وقال: نعلم أن نجيب ساويرس رجل الأعمال سدد 1,7 مليار جنيه لمصر أين ذهبت كما أننا لا نعرف من المسئول عن تحديد المبالغ المطلوبة من كل رجل أعمال أثناء التسوية وما هى المعايير التى تتم من خلالها عملية التسوية، وهل هذه المعايير ستنطبق على الجميع كلها أمور تثير حالة من القلق.
د. حمدى عبدالعظيم الخبير الاقتصادى وعميد أكاديمية السادات سابقا قال: إن سبب ارتفاع سعر الدولار والعملات الأجنبية بصفة عامة يرجع إلى زيادة الطلب على الدولار لاستيراد خامات ومستلزمات المصانع، وهو ما يدفع أصحاب المصانع إلى شراء الدولار بأى ثمن لأنه لا يريد أن يتوقف المصنع عن العمل حتى أنهم قد يلجأون إلى السوق السوداء للحصول على العملة التى يريدونها. وأضاف أن الموقف مستقبلا مرتبط بحالة التدفق وموضوع الصكوك الإسلامية الذى سيأتى ب 10 مليارات دولار من تركيا وقطر لأنهما وعدا بشراء صكوك إسلامية فى مصر وهو ما سيزيد النقد الأجنبى والاحتياطى كذلك فى البنوك المصرى. وحذر الخبير الاقتصادى من أنه إذا لم يتم التحرك بشكل سريع لإنهاء اتفاق صندوق النقد سترتفع الأسعار بصورة مخيفة فى ظل ارتفاع سعر الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، فضلا عن عدم سعى الحكومة لزيادة الدعم على السلع وهو ما سيجعل الأسعار ترتقع. وهو ما سيتسبب فى إشعال حالة من الاحتقان فى الشارع المصرى لأن المواطن البسيط لن يستطيع توفير احتياجاته من السلع الغذائية بسبب ارتفاع أسعارها. د. محمد عبدالحميد أستاذ الاقتصاد جامعة الأزهر قال: إن توقف عجلة الإنتاج وغياب السياحة هما السبب فى عجز الميزان التجارى، وكذلك ضعف الاستثمارات الأجنبية فى مصر وتحويلات المصريين للخارج وتخبط استثمارات البورصة كلها أسباب هيكلية لارتفاع الدولار، مؤكدا أن مصر فى أزمة ولكن التدفق النقدى له ترتيبات معينة فلابد من وجود سياحة واستثمار أجنبى فى البلاد ولكن هذا لن يحدث بسبب غياب الأمن.عباس عبدالعزيز عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى قال: توقع ثبات أسعار السلع الغذائية خلال الفترة القادمة وقرض صندوق النقد الدولى من شأنه تقلقل الفجوة التموينية التى نعيشها الآن فى مصر.