بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فى عام 1945 اهتمت استوديوهات هوليوود بإنتاج الأفلام الدينية، حيث توقع القائمون على الإنتاج وقتها أن جمهور السينما فى حاجة لمشاهدة هذه الأفلام حتى يشعروا بالسلام من جديد، فقدمت هوليوود منذ نهاية الأربعينيات وحتى الستينيات مجموعة من أهم الأفلام المقتبسة من الكتاب المقدس، أهمها فيلما «الوصايا العشر» 1956 و«بن هور» 1959 ،ولقيا نجاحا كبيرا.
ظاهرة الأفلام الدينية فى منتصف الستينيات اختتمت وتحديدا فى عام 1965 بعد الخسارة الكبيرة التى سببها فيلم «أعظم القصص» والذى تكلف إنتاجه 20 مليون دولار وحقق عند عرضه فقط 2,1 مليون دولار بخسارة فادحة.
استوديوهات هوليوود تقريبا توقفت بعد هذه الحقبة عن إنتاج الأفلام الدينية حتى قدم المخرج «مارتين سكورسيزى» فيلمه «الإغواء الأخير للمسيح» الذى نال هجوما عنيفا ومنع العرض فى العديد من البلدان.. وفى عام 1998 عادت الأفلام الدينية لتحقق أرباحا كبيرة من جديد من خلال فيلم التحريك «أمير مصر» الذى وصلت إيراداته ل 219 مليون دولار، ثم فى عام 2004 يحقق فيلم «آلام المسيح» الذى أخرجه النجم ميل جيبسون نجاحا ساحقا وتصل إيراداته إلى 612 مليون دولار.
فى 2013 عادت هوليوود للاقتباس من الكتاب المقدس مرة أخرى، بعد الإعلان عن مجموعةمن الأفلام الدينية من المنتظر عرضها مع بداية العام المقبل منها: «نوح»، «مريم أم المسيح»، «موسى»، «آلهة وملوك»، و«توبة قابيل»، بالإضافة إلى إعادة مونتاج حلقات تليفزيونية بعنوان «الكتاب المقدس» لتحويلها إلى فيلم تصل مدته لثلاث ساعات يتم فيه حكى الكتاب المقدس كاملا، وفيلم آخر مستلهم من وصية السيد المسيح «أحبوا أعداءكم»، بعنوان «يسوع الناصرى» الذى سوف يقوم بإخراجه «بول فيرهوفان».
منتجة فيلم «مريم أم المسيح» قالت بعد مشاهدتها للفيلم المسىء للرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - ومدى الارتباك الذى أحدثه هذا الفيلم قررت أن تحاول المساعدة ولو بشكل بسيط حتى يتم احتواء وإنهاء هذه الأزمة، وذلك من خلال تقديم فيلم عن السيدة العذراء يقوم بإخراجه «إليستر جريرسون»، أما البطولة فل بن كينجسلى وبيتر أوتول وجوليا أورموند وأوديا روش - الإسرائيلية الأصل - والتى سوف تؤدى شخصية السيدة مريم، الفيلم يتناول مراحل مختلفة من حياة السيدة العذراء وهى فى الثامنة والخامسة عشرة والتاسعة عشرة والسابعة والعشرين من عمرها.. وتبلغ تكلفة إنتاجه 25 مليون دولار، ومن المقرر تصويره فى جزيرة مالطة والأراضى المقدسة بفلسطين.
الفيلم الثانى للمخرج «دارن أرنوفسكى» - صاحب رائعة «البجعة السوداء» - وهو فيلم «نوح»، وقد انتهى من تصويره، لكن المتوقع أن يستمر تجهيزه حتى أوائل العام المقبل، ولذلك فمن المتوقع أن يتم عرض هذا الفيلم فى نهاية مارس ,2014 الفيلم يتناول قصة سيدنا نوح - عليه السلام - ونجاته مع من آمنوا فى الفلك العظيم من الطوفان، الفيلم يؤدى أدوار البطولة به راسل كرو فى شخصية النبى نوح، وأنتونى هوبكز وإيما واتسون وجينفر كونللى.. وقد وصلت تكلفة إنتاج هذا الفيلم إلى 130 مليون دولار.
الفيلم الثالث للمخرج ويل سميت الذى أبدى حماسه لسيناريو عن أول جريمة ارتكبت فى التاريخ، وهى قتل قابيل لأخيه هابيل، وذلك من خلال فيلم «توبة قابيل» أو «أسطورة قابيل»، لم يستقر على عنوانه حتى الآن.. وسوف يقوم سميث نفسه بأداء شخصية قابيل، بينما لم يحدد بعد باقى أبطال الفيلم، ومن المنتظر أن يبدأ تصويره فى يوليو المقبل.
الفيلمان الرابع والخامس عن موسى - عليه السلام - والذى قدمت هوليوود قصته فى حوالى 60 عملا سينمائيا وتليفزيونيا يتم حاليا التحضير لعملين عنه الأول هو «آلهة وملوك» والثانى هو «موسى».. فيلم «آلهة وملوك» أعلن فى البداية أن المخرج ستيفن سبيلبرج هو الذى سيقوم بإخراجه، لكنه ذهب مؤخرا إلى المخرج أنج لى الذى نال الأوسكار مؤخرا كأفضل مخرج عن فيلم «حياة باى»، وتحاول شركة «وارنر بروس» المنتجة له أن تعجل بتصويره لأنها تريد أن تعرض الفيلم قبل فيلم «موسى»، الذى سوف يقوم بإخراجه المخرج الكبير ريدلى سكوت، الذى سوف يبدأ تصويره عقب انتهائه من فيلمهالجديد «المستشار» والمنتظر عرضه فى نوفمبر المقبل، لم تستقر الشركات المنتجة للفيلمين على الأبطال حتى الآن، وإن كانت السيناريوهات قد انتهت بالفعل ودخلت فى حيز التنفيذ.
المنتجون المنفذون لهذه الأفلام كشفوا فى جريدة «وال ستريت» عن سبب اندفاعهم لتقديم هذه النوعية من الأعمال ذات المرجعية الدينية بقولهم: إن الأحداث التى تشهدها الشعوب الآن سواء فى أوروبا من أزمات اقتصادية أو فى الشرق الأوسط من ثورات وتغيرات سياسية تجعل الحاجة للعودة إلى قصص الكتب المقدسة ضرورة، لأنها من المؤكد سوف تلهم الناس وتجعلهم يستفيدون من المواعظ التى تتضمنها.