اليوم لن يمحى من ذاكرة المصريين بعد أن شاءت الأقدار أن تحسم فيه مبدئيا قضية مباراة الأهلى المصرى والتى اشتهرت إعلاميا (بمذبحة بورسعيد) وراح ضحيتها 72 مشجعا من الأ ولتراس الأهلاوى ! الشارع المصرى يقف على أطراف أصابعه مترقبا بخوف الأحكام التى سينطق بها المستشار (صبحى عبدالمجيد) رئيس محكمة جنايات بورسعيد فى ظل أجواء نارية محتقنة وملتهبة بين أطراف الأزمة التى اتسع رتقها فلم تعد بين مجموعات الأولتراس بل تورطت فيها مؤسسات الدولة ومواطنو بورسعيد الذين لم يهدأوا منذ الحكم الأول الذى صدر بإحالة أوراق 21 متهما فى القضية معظمهم ينتمون إلى المدينة الباسلة إلى فضيلة المفتى (الجديد) الدكتور شوقى علام الذى استلم الراية مؤخرا من الدكتور على جمعة الذى ترك له تركة ثقيلة أهمها إبداء الرأى فى حكم (المذبحة) .
المدينة الباسلة وعلى رأسها الأولتراس البورسعيدى ( جرين إيجلز ومصراوى وسوبر جرين ) انتفضت مستعيدة ذكريات مقاومة المحتل بعد أن شعر أبناؤها بأنهم خارج حسابات الحكومة فقرروا أن يقدموا دماءهم وأجسادهم لينصروا القضية التى آمنوا بها فى ظل غيبة الحل السياسى وسيطرة الحل الأمنى الذى فشل بجدارة من قبل ويفشل مجددا.. وهو ما عبروا عنه فى رسالة معبرة وشديدة اللهجة بعنوان ( رسالة إلى النظام الحاكم... ) وجهوها عبر صفحتهم الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك حيث قالوا : ( عارف الكرامة.. عارف عزة النفس بورسعيد بتتنفس كرامة وعزة نفس ولو فاكر إنك هتدوس عليها علشان ترضى وتهدى طرفاً على حساب مدينة.. تاريخ النضال فيها ساكن فى كل شارع وفى ذاكرة أبويا وجدى اللى علمونا لو هنعيش تبقى راسنا مرفوعة ولو هنموت يبقى نموت وأحنا واقفين وما ننكسرش ضد أى ظالم سواء كان أجنبيا أو حاكما ظالما.
لو لم تعرف طبيعة شعب بورسعيد.. إذا فعليك بسؤال العدو الأجنبى لأنه يعرف جيدا أننا شعب لم يستسلم للظلم أو العدوان فى يوم ).
فى المقابل استأنف الأولتراس الأهلاوى بمجموعتيه ( أهلاوى ) التى تسيطر على القاهرة والجيزة و( ديفيلز ) المسيطرة على بقية محافظات الجمهورية مسيرته للتذكير بحقوق الشهداء والتحذير من تجاهل القصاص ( الكامل ) لهم مستخدمين كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للتعبير عن ذلك تحت شعار ( مصر مش هتنام من فرحتنا أو فوضتنا ). فعطلوا البنك المركزى وقطعوا طريق المطار.
القصاص ( الكامل ) الذى يريده الأولتراس الأهلاوى ولن يرضوا عنه بديلا يعنى محاسبة كل المتورطين فى ( المذبحة) والمسئولين عنها سياسيا سواء من رجال الشرطة أو قيادات المجلس العسكرى وعلى رأسهم وزير الدفاع السابق ( المشير طنطاوى ) وهو أمر تكرر كثيرا فى هتافاتهم سواء أمام وزارة الدفاع أو فى حصارهم لمديريات الأمن بمعظم المحافظات أو حصارهم لمنزلى وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم والذى كان على رأس الوزارة إبان وقوع الجريمة والمسئول عنها على الأقل سياسيا أو وزير الداخلية الحالى اللواء محمد إبراهيم المسئول عن إظهار الحقيقة وتقديم المخططين الأصليين للجريمة من بين ضباطه فى رسالة شديدة اللهجة !
الأولتراس الأهلاوى يعلمون جيدا أن من هم وراء القضبان ليسوا هم فقط الجناة وينتظرون أن يزج ببقية الجناة معهم، يأتى هذا فى ظل عودة وزارة الداخلية ورجالها لاستخدام العنف المفرط فى قمع التظاهرات وسط اتهامات لهم باستمرار السياسة السابقة بالدفاع عن النظام بدلا من الدفاع عن الشعب،ما يثير حفيظة الأولتراس من الجانبين سواء البورسعيدى أو الأهلاوى فى ظل عداء فطرى بين الشرطة ومجموعات الأولتراس التى يدخل فى عقيدتها مبدأ ( كل رجال الأمن أوغاد ) !!
التاسع من مارس لن يكون نهاية الأزمة ولكن سيكون بداية لأزمات متلاحقة ستطارد الوطن ( المنهك ) أصلا !
الأولتراس الأهلاوى المتهم بالتزاوج مع (جماعة الإخوان المسلمين ) حتى أن الصفحة الرسمية لأولتراس الحرية والعدالة نشرت صورة أحد ( كابوهات ) الأولتراس الأهلاوى ويدعى ( رامى إسكندرية ) مشيدة بالأولتراس الأهلاوى وبمواقفه البطولية بعد أن سافر للجهاد فى سوريا وفقا لما ذكرته الصفحة يحمل العديد من المفاجآت للنظام بغض النظر عن كونه إخوانيا أم لا فكما أكدت من قبل هم جماعة رياضية تعلى فقط مصلحة أعضائها وتدافع عن حقوقهم أينما كانت ومع من كانت.
ومن المؤكد أن شهر العسل المزعوم بين الإخوان والأولتراس الأهلاوى سينتهى سريعا فى ظل إصرار الثانى على استكمال القصاص، وهو ما يعنى أن يضحى النظام بداخليته ويقدم قيادات المجلس العسكرى السابق للمحاكمة وهو ما يرفضه الجيش وعبر عنه بيان واضح سبق أن أصدره !
الصدام بين الأولتراس الأهلاوى والنظام الحاكم بات وشيكا وعندها سيسخر النظام آلته الأمنية لردع الأولتراس وهو ما يعلمه قياداتهم جيدا خاصة فى ظل وجود العديد من الاتهامات التى تضعهم تحت طائلة القانون، وبمعرفتى بالأولتراس أستبعد وجود صفقة محتملة من أى نوع خاصة فى ظل الاحتقان الذى ملأ نفوس معظم أعضاء المجموعة والذى سيدفعهم للانقلاب على قياداتهم فى حالة استشعارهم لأى تهاون.
القصاص غير الكامل يعنى أن القادم هو حالة من العصيان من قبل الأولتراس الأهلاوى الذى لن يكتفى بغلق الهيئات وقطع الطرق لإحداث شلل كامل فى المحافظات، ولكن سيمتد الأمر إلى اقتحام وزارة الداخلية وإضرام النار فيها، سوف تكون الخطوة التصعيدية التالية هى اصطياد الضباط المتهمين فى الجريمة والذين لم يحاكموا، وعلمت روزاليوسف من مصادر خاصة أنه جرى جمع معلومات كاملة عن هؤلاء الضباط ورصد منازلهم وتحركاتهم تمهيدا لذلك !
وفى الجانب الآخر لن يهدأ الشارع البورسعيدى الذى أعلن العصيان المدنى بقيادة الأولتراس خاصة بعد أن قتلت قوات الأمن أحد أعضائهم وهو ما أوجد رغبة عارمة لديهم فى الانتقام من الداخلية وأفرادها، بالإضافة إلى نقل المتهمين سرا إلى الإسماعيلية وهو ما أشعل النيران داخلهم.
الخطوات التصعيدية من الأولتراس البورسعيدى ستكون بعزل المدينة تماما وستظل قناة السويس هدفا للمناوشة للحصول على مكاسب أكثر ضمن قائمة طويلة لعودة الحقوق لأصحابها وفقا لوجهة نظرهم.
الأمر بات خطيرا وعلى الدولة أن تتحرك بكل مؤسساتها لوقف ذلك عن طريق الحل السياسى وليس الأمنى، لابد أن تنسحب الشرطة من بورسعيد خاصة فى ظل حالة الغليان التى يمر بها أهل المدينة الباسلة على أن تتولى القوات المسلحة التى تمتلك رصيداً لدى أهل بورسعيد تأمين المدينة مع استمرار تنفيذ خطوات عاجلة لتحقيق مطالبهم المشروعة.
وفى المقابل لابد أن تتخذ خطوات عادلة وناجزة لتحقيق القصاص الكامل لشهداء الأولتراس الأهلاوى الذين قتلوا غدرا فى مؤامرة حقيرة اشتركت فيها جهات عدة لابد أن تقع تحت طائلة القانون بتفعيل التقرير الأخير للجنة تقصى الحقائق والذى تأخر ولم يعرض على المحكمة التى تنظر القضية وستصدر حكمها بغض النظر عنه وهو تقرير يدين الكثير من الأطراف التى تقبع خارج القضبان مع ضرورة التحدث مع قيادات الأولتراس ومطالبتهم باستكمال مسيرتهم التى بدأوها بالقصاص بيد القانون وليس بأيديهم، لابد أن ترفع الدولة يدها عن الجناة وتقدمهم للعدالة أيا ما كانوا فإذا غاب العدل سادت شريعة الغاب ( لا قدرالله).