سنقاوم «الإخوان النازيين» حتى لا يكون المصريون «نعاجا» تسوقهم الجماعة، بهذه الكلمات المباشرة حسم المفكر الكبير «د. حسام عيسى» وأحد أبرز مؤسسى حزب الدستور الجدل حول موقف الثوار من حكم الإخوان، وتمنى أن تملأ المظاهرات ميادين مصر فى الذكرى الثانية للثورة حتى نستعيدها من جديد، فالإخوان أشنع من «مبارك»، فهو لم يجرؤ على أن يدعو اليهود للعودة لمصر كما قال «عصام العريان» واعتبر ذلك رسالة حب لليهود والأمريكان، مؤكدا أن دعوة المسيحيين للإسلام على أبواب الكنائس ضد مفهوم الوطن، وهذا كان واضحا فى جملتهم الشهيرة «طظ فى مصر»، فهم يتحدثون بصيغة شهداؤكم وشهداؤنا، وكأننا لسنا مصريين. وإلى نص الحوار الاستثنائى:
∎ ماذا تمثل الذكرى الثانية للثورة فى ظل هذه الأجواء الصعبة التى تحاصرنا؟! - 25 يناير 2013 ستكون محاولة لاستعادة الثورة التى لم تحقق أهدافها المرجوة منها حتى الآن، ووظيفة الثورة ليست تغيير الدستور أو إسقاط الرئيس فحسب، ولكن التغيير المجتمعى على أرض الواقع، ليكون لتغيير الدستور تأثير بعد هذا التغيير، ولذلك أنا لا أعتبر أن ما حدث فى مصر ثورة، لأنها لم تحقق تغييرا مجتمعيا قويا، وما حدث هو إسقاط مبارك وأمن الدولة، ولكن كل هذا لم يغير شكل النظام الذى نعيش فيه الآن. ∎ هل تعتقد أن الثورة يسهل استعادتها؟ - نعم يسهل استعادة الثورة دائما لأن الشعب المصرى شعب قوى وحى ويرفض الطغيان، كما أن الثورة مستمرة دائما ولم تنته، ولن تنتهى، ولكنها فى خطر داهم بقيادتها الحالية. ∎ لماذا قلت إن هناك خطرا داهما على الثورة؟ - لأن قيادة البلاد حاليا قيادة فاشية بكل ما فى الكلمة من معنى، فالإخوان قسموا مصر إلى نصفين، وأصبح وجود هذه الجماعة يهدد مستقبل البلاد، وهو أمر جديد من نوعه ولم يحدث فى التاريخ، وهو أمر مرفوض فهم يتحدثون بصيغة «شهداؤكم وشهداؤنا» وكأننا لسنا جميعا مصريين، فهم يعتبرون أنهم شىء وباقى الشعب شىء آخر، وكانت هذه النية واضحة منذ البداية منذ قيلت الجملة الشهيرة «طظ فى مصر»، وهذا يؤكد أن هذه الجماعة ليست لها علاقة بمصر نهائيا، ولذلك وجودهم يمثل خطرا على الوطن المصرى والأمة العربية ككل. ∎ من أخطر فئة على الثورة المصرية؟ - الجماعة هى أخطر فئة على مصر والثورة المصرية العظيمة التى تمثل مرحلة من المراحل المهمة التى تمر بها البلاد، ولكن فى النهاية يسهل استعادة الثورة، لكن مصر ستظل فى خطر داهم مع هذه الجماعة خاصة أن مفهوم هذه الجماعة عن الوطن غريب، كما أن كل ما استقر عليه الضمير المصرى يشككون فيه بدليل آخر التصريحات الخاصة بإقامة جبهة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهى تصريحات كارثية خاصة ما قيل حول دعوة المسيحيين للإسلام أمام الكنائس، ومن سيرفض سيضرب بالعصا ويعاقب على ذلك، وهذه أمور تهدد وحدة الوطن وتؤكد أن الوطن فى خطر كبير فى ظل تواجد هؤلاء، كما أن ما قيل عن نهى الناس عن معايدة المسيحيين فى عيدهم أمر غير مقبول، لأن هذا يفقد مصر العظيمة تسامحها بعد أن كانت يعيش المسلم جنبا إلى جنب مع القبطى، نعم كانت هناك خلافات ولكن لم يجرؤ أحد على تكفير أحد أو منع المعايدة على الإخوة الأقباط فى أعيادهم، وهذه الأمور تعنى أن هناك ضربا لمفهوم الوطن وليس انقساما فقط، فكلمة انقسام كلمة تافهة بالنسبة لما يحدث فى مصر الآن، لأن كلمة الوطن تعنى أن كل من لديه الجنسية ينتمى لهذا الوطن بعيدا عن دينه ويكون له كل الحقوق والحريات، ومن يقولون أنهم سيقفون أمام الكنائس هؤلاء ينكرون على القبطى حقوقه وانتماءه للوطن. ∎ كيف ترى سيطرة تيار الإسلام السياسى على البلاد؟ - هذه السيطرة ستأخذ البلاد إلى خراب كامل، لأنهم سيهددون أمن الوطن ومواطنيه ووحدته ومفهوم الوطنية، كما أن سيطرة التيار الإسلامى على الحريات والتشريعات وكل المؤسسات هى الفاشية بعينها، ولدينا هتلر نموذج لهذه الفاشية، فعندما تولى الحكم قرر إلغاء كل شىء عدا الحزب النازى، وسيطرة التيار الإسلامى على البلاد بهذه الصورة التى نراها الآن هى سيطرة فاشية على كل شىء فهذا التيار يسيطر على تشريعات الدولة، وكل مؤسساتها وعلى القضاء وعلى الحياة اليومية لكل مواطن مصرى وعلى أرزاق الناس ويتم زرع أنصار هذا التيار فى كل مكان ويستبعد الآخرين، وهذا يعد حكما إقصائيا معاديا، لأن الفاشية لا ترضى إلا بأنصارها الذين يقولون نعم ويقبلون الأيدى وهذا ما يقوم عليه التيار الإسلامى، وفى المقابل من يقف ضدهم وضد فكرهم هذا الجانب غير معترف به وغير موجود ويصبح هؤلاء أنصاف مواطنين. ∎ ولكن هناك من يقول نعطيهم فرصة لنرى ما سيفعلون؟ - أنا أرفض إعطاء هؤلاء الفرصة، لأن بقاء هذه الجماعة يعنى هدم كل الحريات ولذلك علينا مقاومتها وتوعية الناس بنوايا هؤلاء لتكون المعركة ضد الفاشية، وأعلم أن هناك من يريد بقاء هذا التيار لأنهم منتفعون منه، لكن المواطن البسيط مهدد. ∎ كيف تقيم الدستور الجديد.. وهل ترى فيه دستور ثورة؟ - هذا الدستور ليس له مثيل فى التاريخ، فقد جاء لتصفية حسابات مع المحكمة الدستورية، ولذلك يضم هذا الدستور نصوصا بعينها لعزل شخصيات معينة، كما يضم نصوصا أخرى لإبعاد قوانين معينة عن الرقابة، ولذلك هو دستور فاشى يعطى لرئيس الجمهورية الحق فى تجاوز القضاء وبناء دولة على هواه، ولذلك مصر فى خطر لأن كل القواعد الأساسية التى تحكم الدول مثل الفصل بين السلطات واستقلال القضاء غير موجودة فى دستورنا الجديد الذى لا يمثل الأمة ولابد من إسقاطه. ∎ هل ستشارك فى تظاهرة يوم 25 يناير؟ - سأشارك فى هذه المظاهرات، التى أتمنى أن تملأ كل ميادين مصر للاعتراض على الأوضاع الحالية والأحداث التى تمر بها البلاد، وعلى رأسها الدستور اللعين الذى أقل ما يوصف به بأنه «دستور سفاح» فرض على الشعب المصرى بالتزوير وبالضحك على الدقون واستغلال الجهل ونشر فكرة أن هناك صراعا بين المسلمين وغير المسلمين أو بين أنصار الشريعة ومن ضدها، وهذا أمر معادٍ للحريات، وتواجدى فى هذا اليوم لأننى مصر على النضال ضد هذا النظام أكثر من أى وقت مضى. ∎ كيف ترى مستقبل مصر السياسى والاقتصادى فى ظل هذه السيطرة الإخوانية على البلاد؟ - مصر لن ترى استقرارا فى ظل هذا الدستور وحالة الانقسام التى تعيشها البلاد والاعتداء على الحريات، ولذلك على الشعب أن يقاوم حتى لا يتحولوا إلى نعاج يسوقها الإخوان، وأنا متأكد أن ذلك لن يحدث وسقوط مبارك الرئيس السابق أكبر دليل على أن هذا الشعب لن يرضى بحكم ديكتاتورى جديد فبعد أن كان مبارك هو آخر الديكتاتوريين لن يكون النظام الفاشى الحالى أصعب من نظام مبارك، وبالتالى حق المقاومة قائم والاستمرار فى المقاومة حق مقدس لكل مواطن مصرى، وعلى ذلك يسهل إسقاط نظام الرئيس مرسى وحكمه، خاصة أنه لا يوجد نظام يصعب إسقاطه بإصرار وعزيمة الشعب. أما من الناحية الاقتصادية فالوضع سيزداد سوءا، خاصة أن الاستثمار لن يعود إلى دولة غير مستقرة، كما أن عجز الموازنة العامة وصل إلى 200 مليار جنيه وقرض صندوق النقد الدولى الذى تلهث الحكومة المصرية وراءه لن يحل شيئا. ∎ بماذا تنصح مرسى؟ - عليه أن يسحب هذا الدستور الذى من المستحيل أن يقبله الشعب لأنه دستور يأتى بالخراب على مصر وسيقضى على الوطن وعلى مفهوم الحريات وهيبة القضاء وسلطته وعلى كل ضمانات المواطن فى عيش حياة كريمة، كما أن عليه أن يتوقف عن حكم مصر بطريقة الفاشية ومصادرة الحرية، عليه أن يفهم أنه لا يستطيع حكم مصر بمفرده وعليه أن يتحمل ما وصلت إليه البلاد من خراب. ∎ كيف ترى الحكومة الجديدة؟ - الحكومة الجديدة «هباب»، لأنهم أتوا بشخصيات من عندهم وهم غير قادرين على الإدارة، ولذلك أنا لست مهتما بمن هو الوزير القادم، حيث إن هناك تخبطا فى الإدارة، وهذه القيادة تغير الوزارة كل 15 يوما والقرار الواحد يتغير 5 مرات، ويكفى أن وزير الداخلية تم تغييره لأنه ألقى القبض على حارس «خيرت الشاطر»، وكل هذا يؤكد كلامى أن هذه الجماعة لا يعنيها مستقبل مصر حتى لو وصلت مصر للدرجة التاسعة، لكن كل ما يهمهم هو السيطرة على البلاد والبقاء فى السلطة. ∎كيف سيكون مجلس الشعب القادم من وجهة نظرك؟ - سأنتظر لأرى المجلس بعد انتهاء الانتخابات ودرجة التزوير فيها خاصة أنه إذا تم تزويرها سيحصل التيار الإسلامى على أغلبية ساحقة، ولكنى لا أعلم إلى أين سيؤدى المجلس الجديد هل إلى ثورة جديدة أم استقرار؟! ∎ ما رأيكم فى جبهة الإنقاذ الوطنى والانقسامات التى بدأت تواجهها؟ - أعتقد أن جبهة الإنقاذ قادرة على عمل أشياء جيدة لوجود إحساس بالخطر على مصر، كما أن هذه الجبهة بها تنسيق حقيقى وهى تعد خطوة جيدة للأمام، خاصة أن انضمام عبدالمنعم أبوالفتوح لها يمثل شيئا إيجابيا جدا، ولذلك أعتقد أن المعارضة ستكون قوية. ∎ هل ترانا نستطيع استعادة أموالنا المهربة للخارج لتساعدنا فى أزمتنا الاقتصادية؟ استرجاع الأموال المنهوبة من الخارج أمر يعتمد على أحكام القضاء العادلة ولكن للأسف ما فعلته جماعة الإخوان من محاصرة المحكمة الدستورية قضى على هذا الملف وتسبب فى تشويه صورة القضاء المصرى أمام العالم أجمع وشكك فى نزاهته وأن الأحكام التى تصدر عنه غير صحيحة وأن من يريد تغيير أى حكم قضائى يستطيع ذلك بمحاصرة المحكمة فيصدر الحكم على هوى المحاصر، ولذلك توقف هذا الملف تماما ولذلك رفضت المحكمة العليا الإسبانية تسليم حسين سالم وأصبح له مطلق الحرية فى التصرف فى أمواله. ∎ من وجهة نظرك ماذا يريد عصام العريان من دعوته لليهود خاصة أنه مصر عليها رغم استبعاده من الاتحادية؟ هذه التصريحات هى رسالة سياسية إلى أمريكا بأن الإخوان سيحافظون على مصالح الأمريكان واليهود فى المنطقة، لكن اليهود لن يعودوا إلى مصر مرة أخرى، ولن تستطيع مصر تعويضهم لأنه ليس لدينا ما يعوضهم به، وأنا أرى أن هذه التصريحات لم يجرؤ مبارك عليها ولكن الإخوان استطاعوا لتوصيل رسالة لأمريكا وإسرائيل. ∎ كيف ترى إصرار النائب العام على استمراره فى منصبه وهل نتوقع مذبحة قضائية قريبة؟ هذا يعنى إنهاء لفكرة الدولة الحديثة التى تقوم على التوازن بين السلطات، وأهم عنصر فى إحداث التوازن هو القضاء لأنه يراقب القوانين التى تصدر عن البرلمان، وكذلك قرارات السلطة التنفيذية ولكن عندما يتم القضاء على سلطة القضاء تنفرد السلطة التنفيذية ويغيب التوازن وهذا ما بدا واضحا من قرارات الرئيس مرسى الديكتاتورية التى عبرت عن الفاشية المطلقة لأنه قرر عدم الطعن على قراراته أو مراجعتها. ∎ كيف ترى اتهام رموز الدولة وأنت منهم بقلب نظام الحكم؟ اتهامى بقلب نظام الحكم «هبل» يعبر عما كنا نعيشه فى عهد مبارك فقد كان يقوم بالقبض على هؤلاء الرموز بنفس التهمة، والإخوان أعادونا إلى نظام مبارك مرة أخرى فهم يستخدمون نفس أساليبه، وهو ما يؤكد أنهم لم يكونوا ضد هذا النظام فهم فاشيون مثله ولكنهم أشنع من مبارك وسيقنعون الناس باسم الإسلام «وأن ربنا عاوز كده». ∎هل تعتقد أن الفترة الحرجة انتهت؟ الفترة الحرجة قادمة لأننى لا أعتقد أن الوضع سيستقر بل على العكس فالأيام القادمة ستكون أكثر صعوبة وخطورة. ∎ تتوقع حدوث حرب أهلية كما يخشى الكثيرون؟ ممكن جدا حدوث حرب أهلية فى مصر بعد الصراعات الإسلامية، خاصة أن لغة بعض جماعات الإسلام السياسى مخيفة ومصادرة الحرية مرفوضة لأى مصرى ومعاملة الأقباط على أنهم نعاج بالوقوف لهم أمام الكنائس يمثل دعوة لحرب أهلية، فضلا عن اتهام من يعارضهم بالكفر هذه أيضا دعوة لحرب أهلية، وكذلك اتهام رموز المعارضة بقلب نظام الحكم ووضعهم فى السجون أيضا دعوة لحرب أهلية. ∎ ماذا تتوقع أن تسير عليه وتيرة الأحداث لو استمر عدم الاستقرار؟ الرئيس مرسى فشل فشلا ذريعا فى إدارة البلاد ليس ذلك وفقط وإنما مرسى سيأخذ البلاد فى طريق ملىء بالأخطار سيؤدى إلى الهلاك، لأن ما تعانى منه البلاد الآن ليس خلافا سياسيا مثلما يحدث بين الحزب الديمقراطى والحزب الجمهورى فى أمريكا، وإنما الخلاف فى مصر بين من يقولون إن الباقين خونة وكفرة وليسوا من الوطن، ومسئول التثقيف التابع لجماعة الإخوان فى 24 مارس الماضى قال على موقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك أن الليبراليين والاشتراكيين والناصريين كفرة، وهذا يعد تكفيرا وإقصاءً لمن يعارض هذه الجماعة إعمالا بمنطق «من ليس منا ليس له وجود فى الوطن»، وبالتالى دمه حلال، وفى النهاية أنا أرى أن هذه الجماعة لا يعمل رجالها بالسياسة لأنهم يفتقدون للإدارة، ولكنهم يصلحون كخطباء مساجد فقط، فمصر دولة كبيرة عليهم وفشلوا فى إدارتها بدليل أننا على شفا أزمة اقتصادية وهم مفتقدون للكوادر الاقتصادية الناجحة، وكنت أعتقد أن عصام العريان كادر ناجح، ولكن تصريحاته الأخيرة كشفته أمام الشعب. ∎ تعتقد أن مظاهرات 25 يناير ستطالب مرسى بالرحيل؟ ليس بالضرورة رحيل مرسى ولكن رسالة 25 يناير واضحة وهى أن الشعب على قدر كبير من الوعى ويرفض ما يقوم به الرئيس وسيستمر فى نضاله ضد هذا النظام، وأتوقع حدوث عنف بين قوات الشرطة أو أنصار الرئيس والمتظاهرين، ولكن على مرسى إعادة حساباته مرة أخرى لأن هذا هو الأقرب للعقل لأنه إذا لم يفعل ذلك سيستمر النضال ضده وضد قراراته وديكتاتوريته اللعينة ليبعد الشعب عن رفضه للوضع الذى وصلت إليه مصر على يد هذه الجماعة.