تصوروا أن مبارك وابنيه علاء وجمال ورموز نظامه الفاسد المسجونين والهاربين، من الممكن أن يروا النور ويعيشوا حياتهم بشكل طبيعى، وكأن شيئا لم يكن، فى إطار القانون المرتقب للتصالح مع رموز النظام السابق الذى تتحدث الحكومة عن اقتراب خروجه قريبا للرأى العام، ورغم أن «د. محمد محسوب» وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية استبعد ذلك لمجرد أن مبارك وأعوانه لن ينفذوا المطلوب منهم بالاعتراف بجرائمهم والاعتذار العلنى عنها والكشف عن أموالهم المهربة والمنهوبة من البلد وتسليمها، إلا أنه يبقى هناك احتمال يجب دراسته وطرحه للنقاش! الغريب أن هذه الخلاصة الخطيرة جاءت فى نهاية حوار شبه كامل مع الوزير المختص عن الدستور المرتقب وتفاصيله وقنابله، وكان من الطبيعى أن يدافع عن المنتج السياسى الذى يشارك فيه، مؤكدا عدم المساس بصلاحيات المحكمة الدستورية ولا استقلال القضاء، وكاشفا عن أن صلاحيات الرئيس تم تقييدها.. ولذلك ليس من الضرورى الذهاب إلى انتخابات رئاسية كما يطالب الكثير من القوى السياسية. ∎ كم مادة تم إنجازها تقريبا فى الدستور الجديد حتى الآن.. وماذا بقى؟ - لجان العمل الأربع أنجزت نحو 80٪ من مواد الدستور، ولجنة الصياغة انتهت من 100 مادة، أى قرابة نصف الدستور. ∎ وهل تجاوزتم المواد الأصعب فى الصياغة؟ - بالفعل انتهينا من المواد الصعبة، لكن لاتزال هناك مواد معلقة تدرس وتناقش، إلا أن الروح الإيجابية تجعلنى وغيرى من اليقين أن تنجز هذه المواد مثل غيرها. ∎ دكتور.. أنت دايما بتتكلم عن الروح الإيجابية داخل الجمعية بعيدا عن الانتقادات التى تحاصرها من أنها ستنتج دستورا إسلاميا بأغلبية الإسلاميين وحلفائهم فيها؟ - تعبير الدستور الإسلامى هو تعبير ينتمى للسبعينيات، ومافيش حاجة اسمها دستور إسلامى أو ليبرالى أو مسيحى أو هندوسى، بل هناك دستور يؤسس للديمقراطية أو الديكتاتورية.. وهذا الدستور تندمج فيه آراء ليبرالية وقومية وإسلامية بقدر التنوع فى المجتمع المصرى، فبالتالى هاتلاقى مفهوم العدالة الاجتماعية ومفهوم إطلاق الحريات والمشاعر الحضارية الإسلامية موجود بقوة، كله موجود.. لأن ده بيعبر عن الدولة المصرية لا عن الإسلاميين ولا الليبراليين ولا القوميين. ∎ هناك اتهامات توجه للجنة الصياغة التى أنت مقررها بأنها تخرج المواد عن معانيها المرادة بصياغتها بشكل مختلف.. فما ردك؟ - أولا اللجان الفرعية تقدم مقترحات، مواد غير مصاغة، ولجنة الصياغة تقوم بصياغتها، فن الصياغة فى التشريعات عموما والدساتير خصوصا، قد يقتضى أن أنقل مادة إلى باب تالٍ، فالبعض يعتقد فى الوقت ده أن كلامه لم يؤخذ به، وقد يقتضى الأمر تجزئة المادة، أو دمج مجموعة. ∎ كما حدث فى مواد الأزهر على سبيل المثال؟ - هناك أمثلة كثيرة غير مواد الأزهر، والتأسيسية تعكس تنوع المجتمع المصرى، وما يقدم من اقتراحات على لجنة الصياغة أن تصوغه. كما حدث فى مواد حرية الصحافة والرأى، التى كانت مادة أو مادتين وأصبحت الآن حوالى 8 مواد، فوضعنا مادة حرية البحث العلمى مع التعليم والجامعات، وحرية الإبداع مع حرية الرأى . ∎ البعض يصفك يا دكتور بأنك «توافقى» لأنك تجمع فى خلفياتك بين التيارات الإسلامية والليبرالية والقومية التى تحدثت عنها؟ - كثير من الإسلاميين والقوميين والليبراليين مؤمنون بأنه لا يمكن أن تكون نهضة فى مصر إلا بالتوافق بين هذه التيارات، وليس بأن كل المصريين يبقوا إسلاميين أو ليبراليين أو قوميين، فمن الضرورى التوافق على صيغة للنهضة لأن كل واحد عنده جزء للنهضة، وأنا إسلامى وتاريخى كله إسلامى منذ أن كنت فى الخامسة عشرة من عمرى. ∎ وبالصورة دى حضرتك مش قلقان على الصورة النهائية اللى هايكون فيها الدستور؟ - لا طبعا.. لست قلقا، فالصراع والتفاعل منطقى جدا، والمرفوض هو الإقصاء، وهذا ما يسقط أى دولة لا الدستور فقط، فإذا جعلنا الدستور إسلاميا صرفا أو ليبراليا صرفا أو قوميا صرفا سيقع البلد، فيجب أن أقنن الصراع السياسى فى الدولة، يا إما يغلب فريق واحد فتخمد التيارات المخالفة، وبالتالى تصبح إمبراطورية الرأى الواحد، يا إما تستنزف القوى الأم فى عملية الخلاف وبالتالى لن تكون هناك نهضة.. الحالة الوحيدة أن الكل يؤمن بأن النظام السياسى الحالى يعبر عن التيارات الثلاثة، ويسمح لهم بأن ينتاوبوا السلطة ويتداولوها، كل واحد عنده أمل من خلال هذا الدستور والنظام أنه يمكنه أن يحكم، ولن تكون هناك قيود على اجتهاداته الفكرية والاقتصادية. بالإضافة إلى أن الإسلاميين «مش مية واحدة» كما هم الليبراليون «مش مية واحدة» زى ما الناس فاكرة، فعلى سبيل المثال كان هناك نقاش داخل الجمعية حول ممارسة الشعائر، وتمسكت كإسلامى بقوة بحرية العقيدة وحرية مباشرة الشعائر، واشترطت أن تكون دور العبادة للأديان السماوية.. لأن ده عبء على الدولة، وليس مسئوليتى أن كل صاحب فكر أبنى له معبدا، أقول لك إن ممثلى الاتجاه الليبرالى منهم ممثلو الوفد قاتلوا من أجل ذكر ممارسة الشعائر فقط، وما لا يعرفه الناس أن هناك مذاهب إسلامية فى العراق وأماكن أخرى تتصور أن زرادشت والمجوس من الأديان السماوية طالما له أصل سماوى، لو قلت ممارسة الشعائر فقط جاء إلى مصر سياح يريدون مباشرة شعائرهم من المفروض أن أحبسهم وفق هذا النص الذى اقترحه ليبراليون.. لا يعنى هذا أن نقيم معبدا، بل مكانا للعبادة.. وبالتالى فإن البعض فى التيار الليبرالى أصبح له طعم محافظ أكثر من الإسلاميين، بينما هناك إسلاميون أكثر ليبرالية من الليبراليين، وبالتالى التصنيفة محتاجة قراءة جديدة. ∎ وماذا عن التبويب الجديد للدستور المرتقب، هل هناك أسلوب غير معتاد كما علمت من مصادرى، وما هو بالتفصيل؟ - نحاول ابتكار شكل جديد للدستور.. وبالتالى توافقنا على أن كل واحد يجتهد فى الشكل المناسب للدستور، فى اقتراح مثلا لتقسيم باب الحقوق والحريات، ليصبح اسمه وثيقة الحقوق والحريات وتقسم إلى حقوق سياسية واجتماعية واقتصادية، وبدلا من باب مقومات الدولة الذى كان يعبر عن سياسات معينة فى السبعينيات نعود إلى باب الدولة، وبالتالى الاجتهادات مستمرة فى هذا المجال، وهناك باب غير مسبوق ربما فى كل الدساتير، ويختص بالهيئات والأجهزة الرقابية، وهناك نقاش حول أن توضع مواد هذا الباب فى الأبواب الأخرى، أم أن يستقل هذا الباب بذاته، وهذا الباب بالطبع يؤدى إلى «مأسسة» الدولة والمجتمع المدنى باعتبار أنه ستكون هناك شراكة بين الهيئات والمفوضيات العامة أيا كان اسمها، هيئة مكافحة الفساد وهيئة استرداد أموال مصر وهيئة الجهاز المركزى تدار من خلال المجتمع المدنى، التى ستكون بها شخصيات عامة وستستقل عن السلطة التنفيذية، وبالتالى هذا يجعل من المجتمع المدنى رقيبا على أداء الحكومة، ولا نكتفى بالأدوات التقليدية مثل البرلمان، وتصدر هذه الهيئات تقارير تراقب كل الجهات من صحة وإدارة البلاد وغيره. ∎ سيطرة القوى الإسلامية وخاصة الحرية والعدالة جعلت التأسيسية تتجاهل ضرورة إجراء انتخابات رئاسية فور إقرار الدستور وفق المتعارف عليه فى التقاليد والأعراف الدستورية الشهيرة .. فما رأيك؟ - الحديث عن أن هذا تقليد دستورى شهير فيه كلام.. فأنا رأيى منذ البداية أن هذا الدستور لو منح رئيس الجمهورية صلاحيات أكثر مما هى الآن، علينا أن نذهب إلى الانتخابات مرة أخرى، حتى لو سنتيمتر واحد، لكن لو ظلت كما أو قلت كما هو الحال الآن، حيث تذهب هذه الصلاحيات إلى رئيس الوزراء، فهل بهذا الشكل لازم أرجع للشعب تانى؟ ∎ هناك وثيقة جديدة وشكل جديد للرئيس فيها، وبالتالى فمن الضرورى أن أذهب للشعب من خلال الانتخابات الرئاسية ليقول رأيه؟ - لا، ليس بالضرورة.. لأننا قلصنا صلاحياته وفق الوثيقة الجديدة فيبقى الذى كان يمارس الصلاحيات الواسعة ليمارس الصلاحيات الضيقة، وليس هناك عرف دستورى أن تجرى انتخابات رئاسية بعد وضع الدستور، لكن هناك رأيا آخر فى الجمعية بأنه من الضرورى هدم كل شىء بعد الدستور الجديد لنبدأ من جديد.. لكن الكلفة الاجتماعية كبيرة، وهناك شعب اختار رئيسا لمدة أربع سنوات، لكن لو نص الدستور على زيادة الولاية الرئاسية إلى خمس فمن المهم إجراء الانتخابات الرئاسية، والمهم التكاليف الباهظة التى تريد إعادتها مرة أخرى. ∎ يا دكتور.. الكلفة الاجتماعية والمادية ليست لها أهمية مقابل الكلفة السياسية خاصة فى هذه المرحلة؟ - إيه الكلفة السياسية.. قصدك إيه بيها ؟ ∎ يعنى مثلا هناك تيار كبير يتزعمه حمدين صباحى يدعو إلى إجراء انتخابات رئاسية فور إقرار الدستور.. فما ردك على ذلك؟ - أنا لو هاشارك فى انتخابات رئاسة الجمهورية هاطلب إجراء انتخابات رئاسية مرة تانية فور إقرار الدستور، هذه مطالبات سياسية وليست قواعد دستورية.. إذا تجاوزت إرادة الناس يجب أن يقول الشعب كلمته وقتها، الناس اختارت هذا.. فما هو المبرر للعودة مرة أخرى لمعركة الرئاسة؟! ∎ من الممكن أن يكون الإخوان فى حالة «تذاكى سياسى» فيصروا على تقليص صورى لصلاحيات الرئيس خاصة أنها ستذهب إلى رئيس وغالبا سيكون منهم.. فما رأيك؟ - الشارع يختار من يريد.. حتى لو تذاكى الإخوان لدينا معايير دستورية تحكمنا، وبغض النظر عن ذلك، نفسى حجم الجهد اللى بيبذل لهدم كل معركة للوصول لمعركة شبيهة نوفره لبذله فى الشارع، لماذا أسلم بالهزيمة وأقول إن الإخوان المسلمين يسيطرون على الشارع، يا أخى ما الشارع كان تحول فى الانتخابات الرئاسية ومنحهم خمسة ملايين ونصف مليون صوت بعدما كان قد منحهم حوالى 30 مليون صوت، لم لا نترجمه إلى تحقيق جديد، وأقدم نفسى بديلا للشعب دون أن أركز على هدم كل شىء، انزل للناس أفضل، فهذه فكرة غير ذكية تماما.. ممكن أكسب الانتخابات البرلمانية بالطريقة دى وبالتالى تكون معايا السلطة التشريعية، وأشكل الحكومة، ويكون هناك توازن حقيقى. ∎ لكن كيف يتم هذا وسط مخطط الأخونة الشامل للبلاد؟ - أين هى الأخونة التى تتحدثون عنها؟! ∎ أحدث مثال يا دكتور منذ أيام فى حركة المحافظين؟ - كم واحد إخوانى فيها حتى تقول ذلك؟! ∎ 4 إخوان و3 سلفيين من عشرة محافظين. - ولماذا تحسب السلفيين.. هؤلاء منافسون وليسوا حلفاء.. دول كانوا بيقطعوا رقاب بعض فى الانتخابات .. الإسلاميون ليسوا فريقا واحد، ولا تضعهم فى قالب وإلا أنا أتكلم بذلك فى نظريات ولا أتكلم فى واقع.. فالإخوان على سبيل المثال «السيادة لله» بل أيدوا عدم وضع هذه المادة.. فهناك فارق فكرى كبير بين الفريقين، كما هو هناك فارق فكرى آخر بين الإخوان وحزب الوسط.. فبالطبع هو ضمن الحركة الإسلامية الكبيرة لكن له خصوصياته وأفكاره حتى إنهم يقولون على لسانى إن الوسط ليبرالى.. ولم أقل ذلك أبدا.. والإخوان أقرب من السلفيين طبعا للحركة الليبرالية. ∎ بعيدا عن ذلك.. هل الأجدى عند الاستفتاء على الدستور أن يصوت الناخبون بنظام الأبواب أم على الدستور بالكامل بسبب الجدل الثائر حول بعض المواد؟ - لا .. ما ينفعش التصويت على الأبواب.. وإن اعترض أحد على باب أو مادة ليرفضه كله، وبالتالى أؤكد أن هذا الدستور هو ميثاق تعايش وليس كتابا كل واحد يكتب فيه أفكاره، فكل فصيل من الشعب يؤمن بشىء.. وبالتالى يجب أن يكون الدستور لا إسلامى ولا ليبرالى ولا قومى، بل تعايش لكل فئات المجتمع، لتداول السلطة.. وأنا أستغرب ممن يعتبر الدستور يؤثر على الهوية، وبالتالى يريدون الدستور إسلاميا للحفاظ على الهوية الإسلامية، وهى أساسا مرتبطة بالنظام الثقافى للمجتمع، فحتى لو قال الدستور إن مصر دولة مسيحية مع كامل تقديرنا للإخوة المسيحيين، هل هذا يعنى أن الغالبية المسلمة هاتتحول إلى مسيحية؟.. وهل لو كتبت فى الدستور الفرنسى أن فرنسا دولة مسلمة هايتحول الفرنسيون إلى الإسلام؟.. والصبح هايبقى فيها أزهر.. الهويات لا تسقط لكن الدساتير تسقط وتتغير، فالدستور كتاب سياسى لتنظيم العمل السياسى والسلطة. ∎ هل من الممكن أن نطمئن المصريين بصراحة على استقلال القضاء وعدم المساس بالمحكمة الدستورية؟ - طبعا قضاؤنا مستمر باستقلاله ودستورنا يؤكد ذلك، فمجلس الدولة هو إنجاز فى الحياة المصرية، تراكم من الدفاع عن الحريات، وبالتالى لا حديث عن توحيد القضاء أو إلغاء مجلس لدولة، أما عن المحكمة الدستورية رغم أن لى وجهة نظر فى أحكامها الأخيرة لكن هذا ليس معيار التقييم، بل هو أنها كانت تطورا مذهلا فى الحياة المصرية خلال الخمسين عاما الأخيرة، ونشأت فى لحظة فارقة بعد النكسة، وتأصلت فى دستور ,71 وحققت إنجازات ودفوعات عن القيم المصرية والإسلامية، وأسقطت تشريعات ضد الأحوال الشخصية وأسقطت تشريعات قيدت الحريات والحق فى الملكية فى ظل عصر ديكتاتورى، وكثير ممن ينتقدونها الآن ويعتبرها «كيان جاى من الفضا» لم يكونوا يستطيعون فتح فمهم بانتقاد، بل البعض يتهمها بأنها فرغت عبارة مبادئ الشريعة الإسلامية من مضمونها، رغم أنها كانت المدافعة عن الشريعة فى وقت كان الجميع ساكت، ولم يسمع لهم صوت، أى شعب ساذج يمكن أن يستغنى عن المحكمة الدستورية، أعتقد أن الشعب المصرى أذكى شعوب الأرض، فالرأى العام يدافع عن المحكمة الدستورية. ∎ وماذا عن هيئة قضايا الدولة؟ - أرى أن تبقى كما هى فى الدستور السابق، ويجب أن يكون الدستور مرنا، فمثلا لو وسعنا اختصاصات هيئة قضايا الدولة، سأضطر إلى تعديل الدستور من جديد، وهذا يؤدى إلى تجميد الحياة فى مصر. ∎ هل ترى أن البعض يتعامل مع القضاء العسكرى وكأنه قضاء سيئ السمعة تأثرا بالأحداث التى أعقبت الثورة وسيطرت على الفترة الانتقالية؟ - القضاء العسكرى يختلف فى طبيعته عن القضاء العادى، وبالتالى السؤال هو: هل يمكن أن تكون هناك رقابة مدنية من محكمة عادية على القضاء العسكرى؟.. أنا رأيى أنه لا بالطبع، لأنه بذلك يخسر أهم ميزاته، فهو ضمانة أكبر وهذا جيد، لكن لو حولته لقضاء عادى سأفقد السرعة الواجبة فى الطبيعة العسكرية، لردع المخالف، حتى لا يتفاقم الأمر خلال ساعات وتكون هناك مشكلة أكبر، القضية ليست مفهومة لدى الرأى العام، ويتصور البعض أنها نزاع، بين المجلس العسكرى والقوى المدنية. القوات المسلحة أهم مؤسسة فى مصر، لأنها أقامت الدولة المصرية من أيام محمد على، بعد دخول أبناء الفلاحين إلى الجيش بعد التخلص من المماليك، فهو تصور البعض أن الجيش يسعى إلى ميزات، فهذا عيب، لأن لديه ميزاته، ولو نقلت السرعة والحسم الفورى إلى القضاء العادى سينهار كل شىء وستضيع حقوق الناس، ولو حدث العكس ستنهار الحياة العسكرية بالتبعية، وبالتالى أحذر مما يحسبه البعض تطويرا للقضاء العسكرى بإضفاء طبيعة القضاء العسكرى عليه سيبطل قيمته تماما. ∎ بعيدا عن هذا السياق.. حضرتك لك تعليق بأن أغلب الفلول أصبحوا إخوانجية، فهل ترى أن الإخوانجية ومواليهم أصبحوا فلولا بإصرار وزير العدل أحمد مكى على إعادة الطوارئ وتجميله ببعض العبارات؟ - وهل الوزير مكى من الإخوان؟ أنا كنت أقصد أن الفلول يتبعون السلطة.. فمع وصول الإخوان للحكم أصبحوا إخوانجية، فلى شخص أعرفه أصبح إخوانيا وهو طول عمره لا يعرف طريق المسجد، فهذا يتعلق بطبائع بعض البشر، لكن القضية أن التاريخ يكشف المتحولين ولا يرحمهم، أما عن الطوارئ فنحن نتكلم عن وزير بتاريخ كبير فى استقلال القضاء، وكان من قلائل رفعوا صوتهم جدا وملايين الناس كانت بالعة لسانها. ∎ ده حقيقى يادكتور.. وهوا ده اللى مخللى الناس مندهشة من ردة مكى وإصراره على الطوارئ؟ - سياسيا لم يكن من المفروض أن يطرح الطوارئ الآن، لكن منطقيا فهو له وجهة نظره، لأنه يريد تطويره استعدادا لأى حالة طارئة حتى لا أنفذ القوانين الاستثنائية على الشعب كله.. لكن القوانين القائمة فى رأيى كافية فقطع الطرق توقف تقريبا، بعد تحويل البعض للنيابة والحكم عليهم بسرعة لردع الجميع. ∎ وحضرتك لما بتعرض هذه الآراء فى جلسات الحكومة بيرفض.. ولا إيه؟ - لا على العكس .. أنا أؤيد كلام مكى لكن التوقيت مرفوض، لأن هذا ضد الثورة، فحالة الطوارئ بالذات راح فيها دماء أكثر من 40 شهيدا فى أحداث محمد محمود والعشرات اللى فقدوا عيونهم، بالإضافة إلى شهداء الثورة عموما، وبالتالى أنا عندى تمن مدفوع، فمجرد الإيحاء مرفوض، وبالتالى فإن الطرح هو المرفوض لأن عندنا أولويات وكان من الممكن أن نعدله دون طرحه على الناس حتى ولو أكاديميا خشية هذه الحساسيات، وأؤكد مجددا أن الحكومة ليست على جدول أعمالها قانون الطوارئ. ∎ ما رأيك فى تهديد مؤيدى الفريق أحمد شفيق باللجوء إلى تدويل قضية نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة بعدما تردد حول تغييرها وإنجاح مرسى بدلا منه؟ - والله كما يشاءون، والبعض الآخر كان يرى أن الأصوات التى حصل عليها شفيق كان مبالغا فيها، وسبب ذلك الدولة المباركية العميقة التى تحتاج إلى وقت لتتغير، فلا نستطيع القول إن كل مؤسسات الدولة أصبحت ديمقراطية تماما أو وصلتها الثورة حتى الآن. ∎ كان لك تعبير مثير فى إطار ملف استرداد الأموال المنهوبة والمهربة للخارج.. وهو الأموال المخفية أو المهربة للداخل فماذا تقصد بها؟ - أقصد المخفية فى الداخل بأدوات قانونية، وأسمع أن هناك عمليات بيع لحسابات بأسماء وهمية، على سبيل المثال كل حساب فى 100 مليون فى عشرة هايبقا مليار، وممكن يكون بأسماء المساعدين، ونحن لم نبذل جهدا حقيقيا للكشف عن مثل هذه الحسابات. ∎ هل لديك إحباط من الموقف البريطانى.. أم نحن المقصرون فى الحصول على الدلائل القانونية لتضييق الخناق عليها لإعادة أموالنا المهربة؟ - لست محبطا لأنى متوقعه، وبدأنا نقوم بدورنا من تشكيل اللجنة الجديدة من كبار الشخصيات العامة وفى انتظار قرار رئاسى بإجراءات فى هذا الإطار، والمجتمع المدنى هو اللى بيقود ومعاه الدولة بكل أجهزتها، وسنرد الأموال قريباً. ∎ ما الجديد فى قانون التصالح مع رموز النظام السابق؟ - هناك قانون يركز على المستثمرين بصفة خاصة والأمر سياسى أكثر منه أى شىء آخر، وهناك تجربة لجنوب أفريقيا فى هذا المجال أم لا، ويجب أن أعرف إن كانت هناك ميزة أم لا، لازم أعرف حجم المال اللى عنده، ويعترف بهذا المال، ويطلع للجمهور يقول أنا خلال فترة معينة جمعت هذه المبالغ وهربتها للخارج ويعتذر للشعب المصرى والدولة المصرية، ويوفر علينا الجهد قبل ما أوصل إليها، ولا يعتذر بعد التوصل إلى الأموال. ∎ هل جمال مبارك أو أحمد عز.. لو عملوا كده هاتصالحهم؟ - حاجة مستحيلة أن تحصل لأنى لا أعتقد أن هؤلاء يعملوا كده، لا هايعتذروا ولا هايعترفوا ولا هايقروا بما عندهم، فأنا بتكلم عن حد عنده حرص على مصلحة البلد، وده احتمال لا يمكن يحصل.