رغم رفض شادية تكريمات لا حصر لها منذ أن اعتزلت الأضواء، إلا أنها حرصت على قبول تكريم المركز الكاثوليكى لها عام 2011 ضمن فعاليات مهرجانه السينمائى فى دورته التاسعة والخمسين لثقتها فى مصداقية واحترام هذا النوع من التكريم، كما اعتبرته وساماً على صدرها.. شادية التى لا يستطيع أحد أن ينساها.. تسكن فى قلب ووجدان كل مصرى وعربى، ومهما ابتعدت عن الأضواء، إلا أنها موجودة بداخلنا فى مكالمتها التليفونية لنا والتى سجلناها لإذاعتها على جمهور حفل تكريمها قالت «شادية»: أحبكم ياأهلى ياأبناء مصر ولن أنساكم أبدا. بهذه الكلمات التى نطقتها شادية دلوعة السينما المصرية عبرت عن حبها لجمهورها. شرفت من خلال اتصال هاتفى مع صاحبة الحنجرة الذهبية أن قالت لى «شادية»: إننى رغم اعتزالى الحياة الفنية بأكملها ورفضى التام ظهورى إعلامياً بأى شكل من الأشكال، حتى ولو فى حديث قصير؛ إلا أننى سعيدة وفخورة بأن يقوم المركز الكاثوليكى بتكريمى عن مسيرتى الفنية، وذلك للدور الكبير الذى يقوم به المركز فى إثراء الحياة الفنية والإنسانية وأبلغت باختيارها الفنانة شهيرة لتسلم الجائزة نيابة عنها.
شادية هى صوت مصر الذى قدم أروع الأغانى لهذا البلد، لقد منحها الله وجهاً صبوحاً وابتسامة رقيقة وحساً إنسانياً عالياً. إنها نجم يُحلق فى سماء الفن المصرى والعربى، كما أنها على المستوى الفنى تمثل عنوان الالتزام والاحترام للآخرين التى تكن لهم المحبة الصادقة، ولم يختلف أحد فى الوسط الفنى لا مع ولا على شادية على مدار تاريخها.
أرى أن سر اعتزال شادية هو.. مناجاتها الدائمة الله سبحانه وتعالى بالكلمة التى كانت ترددها غناء لكن قلبها كان يسمو بها أملاً فى العفو والسماح والمغفرة كلمة «خد بإيدى»، والتى بها أرادت من الله أن يرفعها إلى مرتبة أخرى فوق الدنيويات، أسمى من الشهرة التى حققتها ومع ذلك كانت تؤكد دائماً أن «الفن رسالة سامية وجهت للنهوض بالإنسان ومخاطبة جوانب الخير فيه»، فهى لم تحرم الفن أو تدينه.
شادية التى أطربتنا بأجمل الألحان، أرادت أن تسمع موسيقى أخرى ليست دنيوية.
اعتزلت الفن وهى فى ذروة مجدها وشهرتها وقدرتها على العطاء، أعطت شادية لمصر ولجمهورها تراثاً ثميناً من الفن الراقى، ولها الحق أن تعتزل هذا الطريق لتخلد إلى الراحة بعد هذا الجهد المضنى الذى بذلته، لكى تتفرغ لله ولعمل الخير كما أعلنت ذلك بنفسها.
أرادت أن تطفأ لها الأضواء الخارجية التى كانت تلحق بها من أجل أن تكتشف أنواراً أخرى داخلية. تمنت أن تحصل على جرعة مكثفة من التأمل والعبادة أكثر من ذى قبل، وكانت تعتبر فترة الاعتكاف هى دين عليها، يجب أن ترده للناس عن طريق المحبة التى حرمتهم منها فترة انشغالها الدائم.
كما كانت تردد كثيراً: «لأننى فى عز مجدى أفكر فى الاعتزال.. لا أريد أن أنتظر حتى تهجرنى الأضواء بعد أن تنحسر عنى رويداً رويداً.. أريد أن يحتفظ الناس بأجمل صورة لى عندهم.. لذلك سوف أهجر الشهرة فى الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتى فى خيال الناس».
أطلب من الله أن يهبها الصحة والعافية، وأن يحفظ بلادنا فى هذه الأوقات العصيبة، وأن يمنحنا رئيساً بحسب إرادته لكى يرفع من شأن وطننا ويستعيد مكانته بين دول العالم.