السوق المحلية في مصر تدار بشكل عشوائي يعصف بها جنون الأسعار، واكتفي الجميع بالصراخ والتهليل مع كل هجمة شرسة من الغلاء، والارتفاع المتواصل للأسعار.. وبشكل جنوني، وبدون مبرر، وسط تجاهل الأسباب وراء ذلك، أحياناً يكون الارتفاع ناتجاً من تفاعلات السوق والعرض والطلب وفي أغلب الأحيان ناتجاً من جشع المافيا المسيطرة علي الأسواق في ظل رقابة عاجزة وغير مؤهلة، وقوانين عفا عليها الزمن حتي تحولت إلي أشباح قوانين، وغياب معايير محددة لضبط السوق وتحديد العلاقة بين التاجر والمستهلك، تحدد أين تبدأ الحقوق وأين تنتهي، والنتيجة الطبيعية هي الارتفاع المتواصل للأسعار وطوفان من السلع الرديئة لعدم وجود معايير قياسية محددة، ومع كل هجمة شرسة من الغلاء يعلو صوت الجميع بالصراخ والتهليل، ويخرج بعض المسئولين بتصريحات متكررة بالبدء في تغيير 13 قانوناً حاكماً للسوق المصرية، وتمر الشهور ويعود الصراخ والتصريحات، ومرت سنوات ولم تتعدل القوانين المهترئة والمستفيد الوحيد هم مافيا الأسواق وسط صمت بعض المسئولين الذين لهم مصالح مباشرة في السوق، والضحية هو المواطن الغلبان الذي يعاني من أجل توفير ضروريات الحياة وتراجع مستوي معيشته سنويا مما يجعله يتنازل سنويا عن جزء من متطلبات الحياة حتي وصل لمرحلة لا يجد شيئاً يتنازل عنه أبداً، الأجور والمرتبات ارتفعت 110% خلال الأعوام الخمس الأخيرة، بينما ارتفعت أسعار السلع الضرورية ما بين 140% إلي 280، مما يعني عملياً تراجع الأجور ومستوي المعيشة، بسبب استغلال التجار لمبدأ «العرض والطلب» أسوأ استغلال فرغوا المبدأ من مضمونه، واستغلوا الناس، رغم أن مبدأ العرض والطلب يعني منافسة شريفة بين التجار في الأسواق وتقديم سلع بسعر معقول، وجودة عالية، وهذا لا يحدث في السوق المصرية، فالبعض يحتكر بعض السلع يمنعها عن الأسواق وقتما يريد، ويغرق الأسواق وقتما يشاء ويرفع الأسعار حسب مزاجه، وسط صمت مريب من الأجهزة الرقابية الغائبة عن حماية المستهلك ولا تفعل شيئاً، ومن حق الناس أن تسأل لمصلحة من تقف الأجهزة الرقابية موقف المتفرج مما يحدث في السوق، وصمتها المريب من المستفيد منه؟! والأيام القادمة صعبة جداً، خاصة بعد أن تصاعدت أزمة الغذاء العالمية في الأسواق العالمية نتيجة نقص السلع الغذائية نتيجة التغييرات المناخية والصقيع وفساد كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية، مما قلل المعروض منها في السوق العالمية، وأيضا ارتفاع أسعار الوقود ووصل البرميل إلي 90 دولار مؤخراً وهذا يؤدي إلي ارتفاع أسعار كل السلع والمنتجات نتيجة ارتفاع تكاليف النقل، وأيضاً لجوء بعض الدول لتوليد الطاقة الحيوية من المحاصيل الزراعية بدلاً من شراء البترول بأسعار باهظة، ولمواجهة هذه الظروف من الضروري الإسراع بتحديث السوق المحلية لحماية الاقتصاد المصري والمواطن أيضاً وضرورة تحديث القوانين المحلية بما يلائم ظروف العصر الذي نعيشه، وإعادة تأهيل العاملين في مجال الرقابة فكريا ومهاريا ومادياً حتي يستطيعوا القيام بدورهم وتفعيل الرقابة الشعبية علي الأسواق وخلق منافسة حقيقية في السوق لحماية المواطن من الأزمات القادمة.