وسط الغلاء.. والارتفاع المتواصل للأسعار تولدت لدي المصريين وخاصة الشباب فكرة الغني السريع بدون مجهود، والكل ينتظر الثروة التي تهبط من السماء، ولكن السماء لا تمطر ذهبا مما يشكل ضغوطا وأعباء علي الأسرة المصرية في مواجهة الفواتير الباهظة لضروريات الحياة، والسؤال: كيف يعيش الناس الذين كنا نطلق عليهم اسم «الناس المستورة» في ظل التغييرات الكبيرة التي شهدها المجتمع المصري في ربع القرن الماضي، ففي المجتمع الآن نجد الشريحة «الدنيا» وتضم صغار الموظفين والحرفيين والعمالة الموسمية والباعة الجائلين هؤلاء الأكثر تأثرا بارتفاع الأسعار، وهناك شريحة أخري تضم أساتذة الجامعة والقضاة والمهنيين مثل الصحفيين والأطباء والمحامين وغيرهم، هؤلاء يحاولون التكيف رغم المعاناة الضخمة من خلال البحث عن عمل إضافي لزيادة الدخل، ولكن المحمول والدروس الخصوصية اللذين يلتهمان أغلب الدخل وهذه الشريحة تقع علي عاتقها ضغوط مجتمعية من نوع آخر مثل الخوف من فقدان المستوي الاجتماعي والانهيار والسقوط في الطبقة الدنيا، مما يقود بعض أبناء هذه الشريحة للبحث عن حلول أخري، وهنا تعلو الفهلوة والشطارة وانتهاز الفرص، وتنمية العلاقات الشخصية بذوي النفوذ القادرين علي فتح أبواب الصعود، مما يفتح أبوابا للفساد، وهناك طبقة أخري هي طبقة الأثرياء الجدد الذين أثروا من الانفتاح أو الهجرة المؤقتة أو من استغلال النفوذ، وهؤلاء يبحثون عن التميز، لهذا يقبلون علي شراء القصور والفيللات في المنتجعات الجديدة ويتفاخرون بفرشها المستورد بأرقام فلكية وأيضا السيارات والملابس القادمة من باريس وروما، وهذا لتأكيد التميز والإحساس بأنهم صعود بعيدا عن الجذور التي نشأوا فيها، لهذا فالمجتمع المصري في احتياج لعقد اجتماعي جديد يعيد صياغة المجتمع من جديد علي أسس جديدة، وتوظيف جميع المهارات والقدرات بشكل صحيح.