بدأت أسطورة «هارى بوتر» التى أبدعها خيال الكاتبة البريطانية ج. ك. رولنج وأنهتها بموته فى الجزء السابع من رواياتها.. وقد قرر منتجو الفيلم أن يقسموا الكتاب السابع إلي فيلمين.. جزء أول وجزء ثانى.. ولقد صورهما المخرج ديفيد ياتس فى استوديو ليفرن الذى يقع علي بعد ساعة شمال العاصمة البريطانية لندن.. واستغرق تصوير الجزءين معا 260 يوماً فى 27 أبريل 2010، وقد تم عرض الجزء الأول فى منتصف نوفمبر 2010 بالفعل، بينما تحدد الأسبوع الثانى من يوليو 2011 لعرض الفيلم الثانى الذى يلقى فيه هارى بوتر حتفه، منهياً أسطورة شغلت ملايين القراء وملايين من عشاق السينما فى العالم لمدة عشر سنوات كاملة.. الجزء السابع والأخير من كتب ج. ك.. رولنج استغرق 759 صفحة، شكلت تحدياً لكاتب السيناريو ستيف كلوفز، وبسرعة أعلنت «وارنر» منتجة الفيلم أنها ستجعل منه فيلمين لا فيلم واحد لطول السيناريو المكتوب وتنفيذه الذى يحتاج إلي ساعات.. وعلي هذا الأساس بدأ ديفيد ياتس التصوير ليصبح رصيده من إخراج أسطورة هارى بوتر أربعة أفلام من الثمانية فقد أخرج من قبل هارى بوتر واوافر فينكس وهارى بوتر وأمير الظلام على أن أجواء الفيلمين الأخيرين تختلف تماماً، إذ تدور أحداثهما خارج نطاق مملكة السحر مما دفعه إلى القول أنه يقدم سينما مختلفة تماماً، ولجأ إلي سينما الحقيقة الوثائقية مستخدماً كاميرا واحدة وهو يقدم الأبطال الثلاثة هارى وهيرموان ورون فى تجوالهم فى العالم السحرى بود لارد فى الوقت الذى لجأ فيه إلي الواقعية وهو يصور الفريق المعادى لهم الذين يتحركون فى عالم أكثر اتساعاً وغموضاً.. الطريف أن ديفيد ياتس اعترف أن أجواء الفيلم أجبرته على ممارسة اليوجا فى فترات الاستراحة من التصوير. السؤال الذى سألته لنفسى بعد أن شاهدت الجزء الأول من فيلم «هارى بوتر» فى قفزة الموت «المأخوذ عن الكتاب السابع فى سلسلة «هارى بوتر».. ولماذا يقسم هذا الكتاب بالذات إلى فيلمين؟!.. الجواب هو جنى ربح أكثر قبل أن تودع هذه السلسلة من الأفلام جمهور المشاهدين ويلقى «هارى بوتر» نهايته التى أنهت بها الكاتبة ج.ك رولنج حياته.. جنى الربح كما قلت هو الدافع الرئيسى للمنتج ديفيد هايمان والمخرج ديفيد باتس، وربما تدخل أيضا غناء الشخصيات المثيرة وتصرفاتها تحتاج إلى مساحة أكثر مما يعطيه فيلم واحد.. إن الفيلم يفتتح بتصريح من وزير السحر «بيل نيفى» بأن هذا الوقت «وقت مظلم» يعلن فيه لورد فولدمورت «رالف فينى» خاصته بأن الوقت قد حان لكى يقتل فيه هارى بوتر، وكأنه لم يكن يريد موته منذ كان طفلا.. وعندما يهاجم هو جوارتس هو والوزير الذى يصرخ: أنا لا أفهم.. ماذا يريد فولدمورت؟! وماذا يحتاج الرجل الذى يحكم مملكة الظلام لينفذ رغباته؟! على أية حال.. كان على «هارى بوتر» أن يداوم بينما القزم ذو العين الواحدة المجنونة «براندان جليون» بدأ فى تكوين فريق من الأصدقاء والمدرسين القدامى لحماية هارى بوتر ولكى يخدعوا لورد فولد مورت اتخذوا جميعا هيئة هارى بوتر، وهذا يشكل أكثر مشاهد الفيلم مرحا فغطاء هارى بوتر قد أزيح وفولد مورت وأتباعه صناع الموت قد بدأوا خطواتهم فى الهجوم، فى الوقت الذى نراه فى السماء فوق دراجة نارية وخلفه هاجريد «روبى كولتران» ومطاردان من فولدمورت ويضغط هارى زرا يعطى الدراجة سرعة أكثر من الصوت وهو يعلم أن فولد مورت يطارده مدركا أن عليه هو وهيرموان «إيماواتسون» ورون «روبرت جرنت» خلال هربهم أن يدمروا مقومات شر فولدمورت قبل أن يدمره هو ومن المثير أن هذا اتجاه شرير من هارى بوتر لم نره منه من قبل، إذ لم نتذكر أفلامه السابقة مثل «حجرة الأسرار» 2002,. لقد كبر هارى ورفاقه وبلغ هارى السابعة عشرة وإن لم يداخلنا أى يقين بهذا ولم نلحظ أى تغيرات شخصية، حقا لقد نمت ملامحه وبدأت تبدو عليه ملامح الرغبة لكنه بقى نفس الفتى فى فيلمه الأول، وفى نفس الوقت تحولت هيرموان إلى فتاة جميلة، لكنها بقيت صاحبة العقل الراجح التى يمكنها دائما أن تزيح المعجبين من حولها، وبقى رون ويسلاى كما هو.. مجرد رون. الفيلم يصور لنا هارى بوتر وقد كبر سنا ونضج واختلف عنه فى كل الأفلام السابقة وكان على هارى ومن معه أن يقضوا أكثر وقتهم فى غابات يلفها الضباب ومرتفعات تغطيها الريح السريعة المخادعة، بل إنهم اخترقوا مدينة صناعية اعترضت طريقهم. إن أفلام هارى بوتر كما نعرفها بما فيها من احتفالات تنضح عن صبى واندهاش بكل ألوان السحر لم تعد متاحة، الفيلم الجديد الذى يقدم لنا هارى بوتر يسارع الخطى اتجاه الشباب لم يبلور صوتا أو رؤية لما اعتدناه، نحن أمام لمحات من فيلم «تويلات» ولمحات من فيلم «ملك الخواتم» وفى تصورى أنه أكثر رعبا وبطئاً للمشاهدين الصغار، لكنه ليس مخيفا لصغار المراهقين الذين ليسوا فعلا من عشاق هارى بوتر.. لقد حاول المخرج ياتس أن يعتمد على طاقة الحركة ليقدم فيلما لمطاردة مثيرة وهروب تمسكا بالحياة لكنه فى الحقيقة لم ينجح، وعلى هذا واجهتنا العصابة الشريرة من أعوان ملك الظلام الأشرار وغزوهم لوزير السحر، لكن كانوا على بعد كبير من هارى وهيرموان ورون وهم يتجولون مختفين فى الغابة طائرين وفوق ظهر الدراجة النارية محاولين اكتشاف خطواتهم التالية.. وهذه المشاهد يمكن حذفها دون أن يخسر الفيلم أى شىء، وبالطبع إن الفكرة أن ثلاثتهم لا يملكون فى المرة الأولى فى حياتهم - أى مساندة أو مساعدة من الكبار، بل يملكون أنفسهم فقط، ويجب عليهم أن يقاتلوا، ليس فولدمورت وحده، لكن أيضاً رغباتهم الجنسية المراهقة وغيرتهم إذا كان لهم أن يستمروا فى الحياة. تلك هى المرة الأولى التى نرى فيها هؤلاء الممثلين الشبان على طبيعتهم طوال مدة طويلة من الظهور على الشاشة وعليهم أن يمتلكوا انتباهنا دون مؤثرات خاصة، وهذه الدراما للصداقة لم تنجح لأن رادكليف وواتس وجرنت ليسوا ممثلين أقوياء لكى يجعلوا الصراع حيا واقعيا. إن المخرج ياتس قنوع، ولم يكن أبداً سيئاً، لكن لديه مطلب واحد لم يقدمه فى أى وقت، إنه يريد أن يأخذنا إلى عالم من الفانتازيا.. وقد حصل على أداء مميز أيضاً من هيلينا بونهام كارتر فى دور الشريرة بلتريكس يسترانج.. أما بالنسبة لنجوم الجزء الأخير من أسطورة هارى بوتر فهناك القليل من عدم الرضا، ولكن ذلك شىء طبيعى للأفلام التى تقسم إلى جزءين وعلينا أن ننتظر الجزء الثانى من الفيلم لكى نحكم عليه.