نعم أعرف... لقد كان مجرد حوار لا أكثر ولا أقل وأنك لم تعنِ ما قلت... فأنا أعرف وأتفهم كم تثقلنا الحياة بهمومها ومتاعبها... ومؤكد أنك لم تكن تعني ما لفظته قولا أو معني.. لاعليك.. اهدأ. ووضعت السماعة إلا أن كل حرف وكل كلمة لم تسقط مني حتي أنفاسه وتتابعها ولم أنس عددها... ولم أسقط شيئا من هذه المكالمة ولم أرد. ما أجمل وأروع تحليله لمعرفتنا وما نمضيه معا من وقت... أدهشني بالفعل! وها هي المياه تنهمر من قمة رأسي حتي أخمص قدمي محملة بدموعي أنظر للأسفل لا أستطيع أن أميز مياه الدش من دموعي. ولا أعرف أكانت دموعا عليه أم علي وربما علينا. وأحرك رأسي يمينا ويسارا في حركة تشبه الذكر... ولكنه ذكر لمن يريد أن ينسي ويسقط ما سمعه وحمدت الله علي أنني ومع آخر حركة لرأسي كنت قد تناسيت كل ما دار بيننا ولم يعد له وجود يذكر... أجفف رأسي أنظر في المرآة... كم هي جميلة تلك المخلوقة...!! والأجمل ما تحمله بداخلها.. كم أنا مغرورة! ولم لا؟! ويرتفع صوت الموسيقي إنها البلودانوب وأحلق في سماء غير السماء وأنسي ما حدث من سويعات! ها هي شمس جديدة تشرق وأنا أيضا هناك شمس أخري تشرق بداخلي ويرتفع صوت الخادمة طالبة مني أن أرد علي التليفون إنه هو ؟! لم أتوقع أن يتصل بي. ويأتي صوته محملا بمبررات وأعذار.. وأنه.. وأنه..!! ولم أمهله ليكمل سلسلة الأعذار.. وبصوت هادئ رددت... لا عليك... ولا تلق للأمر أهمية! ومرت أيام وأيام وأحداث وأحداث.. وغالبا ما أنهيها بتلك العبارة.. لا عليك ولا تلق للأمر أهمية! ولاتزال المياه تنهمر وصوت البلودانوب يعلو.... وهو لا يمل من الأعذار والأسباب! وسماعه لكلمة لا عليك ولا تلق للأمر أهمية! ولكنني أضفت لها عبارة أخري لا تهتم فلم يعد لك مكان.. يندهش كيف تحول نبع العطاء كما كان يطلق علي.. إلي اللاشي..! ولا أرد.. محدثة نفسي ما أسهل إطلاق النيران وما أصعب التكهن بأي الأماكن ستستقر! وتنهمر المياه ولكن بلا دموع... وتعلو موسيقي شتراوس لتملأ المكان تناديني الخادمة لكي أرد.. يرتفع صوتي.. أنا غير موجودة.. محدثة نفسي دعني واتركني أحلق في سماء سمائك.