عزيزى المستمع.. عزيزى المشاهد.. أنت على موعد مع، أين تذهب هذا المساء.. سؤال مهم جدًا.. ملحوظة مهمة جدًا، إوعى تروح فى حتة.. الدنيا زحمة خالص.. والمترو مهواش ناقص.. وبيعطل فى الطريق. هذا الكلام ليس تهييسًا شخصيًا، وإنما هو كلمات لإحدى الأغانى التى قدمها فريق كورال شكاوى القاهرة، الذى يضم 25 فردًا من الشباب متنوعى الاتجاهات والأفكار، فمنهم من يعمل فى الموسيقى، ومن يعمل فى المسرح، وآخرون يعملون فى مجالات لا علاقة لها بالفن، ولكنهم اجتمعوا على فكرة واحدة هى التعبير عن شكواهم بشكل ساخر. الكورال يقبل كل من يرغب فى الانضمام إليه، ولكن بشرط أن يأتى بشكواه «المهم عندهم أنك تعبر عن شكوتك»، والشكوى دى هتكون بوابة العبور للانضمام للفريق، وفكرة كورال شكاوى القاهرة ترجع إلى عام 2005، وظهرت فى فنلندا على يد شخصين من محبى الموسيقى، وولدت الفكرة على أيديهما بعد سماعهما للعديد من شكاوى الناس فى الشارع الفنلندى، فعبرا عنها بالموسيقى والكلمات الساخرة، ومن ثم انتشرت الفكرة فى أكثر من ثمانين دولة حول العالم فى أوروبا وأمريكا وأسيا وأفريقيا. ولكن كيف انتشرت الفكرة فى مصر؟ يقول سلام يسرى مخرج مسرحى بالفريق: الموضوع بدأ عندما اتصلت بى سارة رفقى «منسقة معارض بالتاون هاوس»، وكانت على علم ومتابعة بفكرة الكورال على مستوى العالم، فقمنا بدراسة الفكرة، ووجدنا أنها ممكن تعمل صدى جيدًا فى مصر، وتحقق نجاحًا خاصة أن الشعب المصرى شعب شكاء ويتميز بقدرته على حكى الشكوى بصورة ساخرة، وبالفعل نشرنا ((Event على الفيس بوك، ورحبنا بأى شخص عايز يشارك، وقلنا مش شرط إن الناس المشاركة تكون مهتمة بالفن، وبالفعل جميع أعضاء الكورال لا يحترفون الموسيقى أو الغناء، لكن عندهم شكوى وعايزين يعبروا عنها، وعندما اجتمع أعضاء الفريق عملنا ورشة عمل استمرت ستة أيام، وبدأنا نقول الشكاوى، وجمعناها فى أربع أغان، وعرضناها أكثر من مرة، الناس تحمست عندما سمعوا عن الفكرة، لأن الناس فى الوقت الحالى مهتمون بالشكاوى، خاصة لو كانت فى كلمات بسيطة. العمل الجماعى ويقول معتز عطاالله- أحد أعضاء فريق كورال شكاوى القاهرة-: لم يكن هناك اختيار أو تنقيح للشكاوى، ولكن تم إعدادها وترتيبها فقط، وحبه للفن كان السبب فى تحمسه للفكرة حيث يقول عن نفسه: أنا مهتم بالعمل الفنى الجماعى، فلما كانت الفكرة فيها فن وافقت عليها على طول، وأنا مسحول بالفن ومش عارف مين اللى ساحلنى»، ويكمل معتز قائلاً الفكرة جاءت لى على طبق من ذهب، فيها هأمارس الفن، وهأكتب كمان للفن، وهأعبر عن نفسى، وهأقدم للناس خطابًا حيًا، يعنى حاجة بتحصل فى حياتنا، فكانت المشاكل دى بالنسبة لنا فرصة للتعامل معها بشكل إبداعى، وفكاهى فى نفس الوقت. ويضيف معتز: اتنشر عنا أننا فريق يقدم الشكاوى، والبعض الآخر شاف إننا بنقدم صورة مظلمة عن مصر، وهذا غير صحيح، لأننا بنحب البلد دى. وبتأكيد قالت دينا مجدى واحدة من أعضاء الفريق: إحنا بنحب بلدنا، وعايزين نشوفها أحسن بلد فى الدنيا، عشان كده قلنا! «يا لهوى يا لهوى يا لهوى.. يا حمادة يا لهوى يا لهوى يا لهوى.. يا خرابى اصحى اصحى اصحى اصحى.. فوق السباكين، النجارين، القهوجية، الحدادين الأسطرجية الخراتية، المكوجية، الصحفيين، وممثلين على طيارين، الدكاترة، ومهندسين، محدش شايف شغله من كل العاملين». وتكمل دنيا: ماكنش الهدف من الكلام ده الشكوى أو التجريح، لكن هدفنا هو إن الناس تصحى وكل واحد يحاول يخدم البلد من مكانه. والدليل إن الفكرة لمست عند الناس وانتشرت بسرعة، ولقينا شباب كتير، أرسل لنا شكاوى على الفيس بوك وبيطلب أن نتحدث عنها فى الكورال، لكن إحنا كنا واضحين، وقلنا إن اللى عنده شكوى ييجى يعرضها بنفسه ويشارك معنا فى تقديمها، ورفعنا شعار «ياللا يا جماعة اللى عايز يشتكى ييجى». شباب متحمس للفكرة ولم تقتصر الشكاوى على بعض الشباب ممن عندهم شكوى يرغبون فى الحديث عنها، ولكن انضم للكورال بعض الشباب من خريجى الجامعات الأجنبية والخاصة، مثل هالة عثمان خريجة الجامعة الأمريكية، والتى سمعت عن الفكرة باستغراب شديد وتقول هالة: استغربت الفكرة جداً، وكنت شايفاها حاجة عجيبة، وعايزة أعرف كل حاجة عنها، عايزة أعرف هم بيعملوا إيه، والفضول دفعنى للانضمام لهم عشان أعرف التجربة شكلها إيه، والشباب المهيسين دول هيطلعوها إزاى، فكانت حاجة فكاهية، فانضميت لهم عشان أضحك، وماكنتش أعرف أنها حاجة عالمية، ولما بدأت أقول لأهلى وأصحابى عليها قالوا أهى بتهيس سيبوها، وبدأنا ندور على شكاوى وكلام، وفجأة الفكاهة انقلبت إلى حماس، وتضيف هالة أغرب حاجة سمعتها عن الكورال إن فيه بنت قالت إننا بنسىء لسمعة مصر، وإنها مش عايزة الفكرة كلها، وإننا إزاى نسمح لنفسنا نقول الكلام ده، وكان ردنا عليها إننا مش يابانيين، بل إحنا مصريين حتى النخاع، وعرضنا للمشاكل يعتبر بداية مرحلة الوعى بالمشكلة والإحساس بها، عشان نبحث لها عن حلول. أما شادى الحسينى- مترجم لغة فرنسية- ويهوى العزف على آلة الملودكا، فيقول: أنا بنفخ على الملودكا عشان اطلع نوع معين من الموسيقى، وفى الكورال بنعزف على مشاكلنا وبننفخ فيها عشان تظهر ونواجهها فقلنا: «جابوا أوروبا 2000 بعقدة الخواجه جه الخبير الأجنبى وزبلوها زياده تفتح القناة تلاقى شيخ موزون يقول لك حرام تتفرج على التليفزيون» طيب ما هو إحنا ممكن نشيل الزبالة، وممكن نثقف نفسنا ونقرأ بزيادة، فلا يستطيع شيخ جاهل يضحك علينا، وبدل الكبارى ما هى مراحيض، تبقى مراكز ثقافية، ويقول شادى أجمل حاجة سمعتها عن الكورال، إن فيه أحد الشباب من شبرا حضر الكورال وقرر إنه يعمل كورال زى كورال شكاوى القاهرة، فى شبرا، فرحنا جدًا، إننا كدا بقينا مؤثرين. وتقول سوزان رضوان: ممثلة مسرحية تحدثنا فى الكورال عن شكاوى عديدة، مثل قانون الطوارئ والمذيعين اللى بيقولوا كلام فارغ، والجيران اللى بينفضوا السجاد علينا وإحنا فى الشارع، ومن الشكاوى الطريفة «بقالى لى كتير عندى البواصير»، وهذه الشكاوى اتفق عليها جميع أعضاء الكورال، فالبعض شاف إن دمها خفيف، والبعض اختارها لأسباب صحية، لكنها الشكوى الوحيدة التى أجمع عليها الجميع فعرضتها. وتضيف سوزان: إن جمهورًا كبيرًا جاء إلى الكورال، وإحنا كنا معتمدين على أصحابنا فقط، لكن حضر جمهور كتير جداً، وكان أغلبهم من الأجانب والشباب.