بعض الأفلام تدفن رءوسها فى الرمال وكأنها تتحدث عن مجتمع آخر غير الذى نعيشه لكن فيلم «عسل إسود» ليس من هذه النوعية. «عسل إسود» فيلم جرىء يرفض دفن رأسه فى الرمال ويفتح الجروح ليعالجها بعد أن اعتدنا عليها زمنا طويلا وكأنها أصبحت جزءا منا وأمرا واقعا علينا أن نتعايش معه ولا نحلم بتغييره. لكن فيلم «عسل إسود» للمؤلف خالد دياب والمخرج خالد مرعى والموهوب أحمد حلمى يحرك فينا حلم التغيير من جديد، إنه فيلم يطالبنا بالانتباه.. الانتباه إلى كرامة المصرى المهدرة فى وطنه.. الانتباه إلى تمييز الأجنبى على ابن البلد وكأن المصرى قد تحول فى بلده إلى مواطن درجة ثانية، الانتباه إلى سلوكياتنا الخاطئة وسلبيات التعليم وأزمات الزواج والبطالة.. إنه فيلم ينتقل بسلاسة من أزمة لأخرى ليرصد بشكل كوميدى ساخر أحوالنا التى لم تعد تسر أحدا! أحمد حلمى يواصل تألقه ويجيد أداء شخصية الشاب المصرى الذى عاش 20 عاما فى أمريكا وعندما يعود إلى بلده يصطدم بواقع لم يكن يعلم عنه شيئا، حلمى عرف كيف يقدم شكلا وأداء شديدى الإقناع. المولف خالد دياب كتب سيناريو متميزا صور به أحوالنا لكن يعيبه فقط بعض المشاهد التى تم لى ذراع المنطق فيها من أجل أن يعلو صوت الكوميديا خاصة أنه لا أحد يصدق مثلا أن شابا يأتى من أمريكا دون أن يعلم كم يساوى الدولار مقابل الجنيه، وإن كان لا يسأل بالطبع عن المشاهد الأخرى التى تم لى ذراعها من أجل الرعاة والإعلانات. المخرج خالد مرعى قدم صورة شديدة الجمال والرقى ومونتاجا ذكيا حافظ به على إيقاع الفيلم دون أى لحظة ملل. إيمى سمير غانم قدمت نفسها بشكل جيد وأكدت أنها فنانة واعدة.؟