نصحنى طبيبى المعالج أن أعطى لرأسى راحة من مشاهدة فضائيات النكد وتقليب المواجع.. ومع ليل القاهرة الجميل ذهبت إلى المسرح وإلى السينما.. وكانت تجربة مفيدة أعادت لى الحيوية والقدرة على التوازن. فى المسرح شاهدت مجموعة رائعة من الممثلين استطاع أن يجمعهم بمهارة الكاتب والمنتج المسرحى أحمد الإبيارى فى مسرحية «سكر هانم» فى لمسة وفاء مدهشة لوالده المؤلف الكبير الراحل «أبوالسعود الإبيارى» اختار أن يعيد صياغة أحد أفلامه القديمة التى أثرت الشاشة المصرية على مدى سنوات طويلة ومازالت تتناوب عرضها قنوات الأفلام بإلحاح من المشاهدين.. من هذه الأفلام فيلم «سكر هانم» الذى قام ببطولته كمال الشناوى وسامية جمال وعمر الحريرى مع عبدالمنعم إبراهيم وحسن فايق وعبدالفتاح القصرى وكريمان. كل هؤلاء النجوم كانوا فى فيلم واحد.. وجاء الابن أحمد الإبيارى ليقدم على مسرحه رؤية جديدة لهذا الفيلم من خلال حشد عدد كبير من النجوم منهم «لبنى عبدالعزيز وعمر الحريرى وأحمد رزق وطلعت زكريا وروجينا وأحمد السعدنى وإدوارد ومروة عبدالمنعم وطارق الإبيارى» والإخراج للفنان أشرف زكى - والألحان لحسن إش إش والاستعرضات لمجدى الزقازيقى والأغانى لإسلام خليل. ولا أعرف كيف استطاع أحمد الإيبارى أن يجمع كل هؤلاء الفنانين على مسرحه.. بينما يعجز كثير من منتجى المسرح أو منتجى المسلسلات التليفزيونية عن تقديم نصف هذا العدد من الفنانين.. غير العجز فى التوفيق بينهم سواء فى مساحة أدوارهم أو ترتيب كتابة أسمائهم فى الأفيشات ولا أعتقد أن مخرج العرض أشرف زكى تدخل بصفته نقيبا للمثلين للتوفيق بين كل هؤلاء الفنانين.. ولكنها هى خبرة الكاتب والمنتج أحمد الإبيارى التى اكتسبها من مشواره فى المسرح وتقديمه لعدد من المسرحيات الناجحة، فضلا عن أنه قيادة إدارية حاسمة. وقد انتشيت من هذا العرض الكوميدى الراقى الذى حرص أن يتجنب التورط فى الإفيهات الخادشة للحياء.. احتراما لجمهور العائلات الذى حرص على حضور العرض.. فلا لفظ خارج ولا إيحاءات جنسية وإنما مباراة فى التمثيل بين أجيال مختلفة من الممثلين.. فها هى الفنانة الكبيرة لبنى عبدالعزيز تعود للأضواء بثبات وحنكة.. وبجوارها الممثل الكبير عمر الحريرى الذى طالما أقنعنا فى مسرحيات عادل إمام، يعود ليقف هنا بكامل لياقته الفنية وأمامه الفنان طلعت زكريا الذى استرد عافيته فى اللمسات الكوميدية لينافس شباب وحيوية الجيل الجديد من الكوميديا مع صانع الضحكات أحمد رزق.. وانطلاق أحمد السعدنى فى دويتو رائع مع النجم الكوميدى الموهوب إدوارد والنجمة المشرقة روجينا التى غنت ورقصت بلا ابتزال. هذا التناسق الفنى جعل خشبة المسرح تتوهج بالمتعة و الحيوية والضحك. وأعتقد أن الأب الراحل أبوالسعود الإبيارى سعيد الآن بما فعله ابنه أحمد. فى السينما.. كانت هناك التحفة الأدبية «عصافير النيل» للروائى الكبير إبراهيم أصلان والتى حولها المخرج «مجدى أحمد على» إلى قصيدة شعرية سينمائية من تصوير الفنان رمسيس مرزوق وبطولة الفنان الرائع فتحى عبدالوهاب الذى ينطلق إلى عالم النجومية والتفرد الفنى برصيد من الموهبة والثقافة والحس النقى الصادق.. إنه هنا فى هذا الفيلم هو العصفور الذى يشق طريقة بقناعته وإيمانه الخاص وليس كما يريد منه الآخرون عصفور باحث عن الحرية والأمان والعدل. ومن فرط عشق المخرج «مجدى أحمد على» لهذه الرواية الأدبية كتب لها السيناريو بنفسه.. وفاز السيناريو بجائزة دعم وزارة الثقافة منذ عامين.. ودخل فى دوامة شركات الإنتاج السينمائى.. ورفض مجدى أن يتنازل عن حلمه فى إخراج هذا الفيلم بالصورة التى يحلم بها.. حتى تحقق له هذا أخيرا لأنه مخرج يحترم نفسه ويحترم فنه أولا وأخيرا.؟