شئت أم أبيت فإن الأستاذ مفيد فوزى هو أحد الأساتذة الكبار الذين تعلمت منهم بحكم أننا نعمل فى مؤسسة صحفية واحدة، ونكتب فى نفس المجلة المحببة إلى قلبينا وأيضاً لكونى أحد عشاق مفيد فوزى كاتباً ومتحدثاً ليس له نظير بين أقرانه.. وربما يكون سر نجاح الأستاذ هو أن اللغة قد دانت له وأصبحت أداة طيعة يعيد استخدامها وصياغتها وفق قواعد هو الذى يحددها ومصطلحات هو الذى ينحتها وتركيبات ماركة مسجلة باسمه وحده، والأستاذ مفيد بالنسبة لشخصى الضعيف هو عدة شخوص.. فهو الصحفى والمحاور والمتحدث ورئيس التحرير، وأشهد أن أفضل هؤلاء جميعاً هو الأصل وهو الكاتب الصحفى الذى صنع كل ما جاء بعد ذلك فهو عندما تصدى للعمل التليفزيونى كمعد حقق إنجازاً فارتفع بقامة كل الذين ظهروا على الشاشة من خلال إعداده، وشاءت الأقدار أن يتصدى هو للعملية برمتها فإذا بنا أمام تحقيقات صحفية ولكنها تحولت من الورق إلى الكاميرات وهكذا كُتب للأستاذ مفيد أن يدخل التاريخ باعتباره الأول والأنجح، فهو إذا اقتحم حياة المشاهير وصاغها فى تحقيق تليفزيونى أجزم بأن أصحابها لو قضوا الحياة بأكملها ما استطاعوا أن يصلوا إلى ما سوف يصل إليه مفيد فوزى لقد كان أول برنامج تليفزيونى من هذا النوع شاهدته واندمجت مع تفاصيله وتأثرت به لدرجة أنه لايزال محفوراً فى قلبى وعقلى كان عن النجم المتعدد المواهب والتى انفجرت كما القنبلة العنقودية الراحل الجميل صلاح جاهين.. هذا البرنامج الذى قدمه عنه الأستاذ مفيد لم يكن تأثيره محصوراً على شخصى الضعيف ولكنه تحول إلى شعور عام وفوق ذلك جاءت حلقة تحفة عصره وكل العصور عمنا وتاج الرأس يوسف إدريس لتصبح حديث المدينة.. لقد كان يوسف إدريس يعيش معنا وبيننا ومن حسن حظى أننى اقتربت من الرجل وأحببته ولكنى اكتشفت أبعاداً أخرى فى شخصية يوسف إدريس من خلال هذا الغواص فى عالم النفس البشرية الأستاذ مفيد، ولليوم ومنذ سنوات طويلة لايزال الناس متسمرين حول برنامجه الشيق «حديث المدينة» الذى يتحول فيه مفيد فوزى من صحفى باحث عن الحقيقة إلى مفتش مباحث يحقق فى الأحداث إلى محاور.. يناور من أجل أن يستخرج من ضيفه ما يعمل جاهداً على إخفائه.. إنه بالطبع نموذج فريد ونادر وأوحد لن يستطيع أحد أن يقلده أو يكمل مسيرته لأنه غير قابل للتكرار.. ومع الأسف حاول أحدهم أن يكون نيو مفيد فوزى.. ولكن الناس أدركت منذ اللحظة الأولى أنهم أمام مفيد فوزى تايوانى.. أو هندى.. ثم ما هى حاجتهم إلى مشاهدة مفيد فوزى مقلد.. والأصل لايزال موجوداً يشع بهجة وتألقاً ولمعاناً وتوهجاً.. ويا أستاذى الفاضل.. تعلم أننى أحد مريديك ومتتبعى قلمك أينما حل وقد لمست مؤخراً على صفحات محبوبتنا المشتركة «صباح الخير» وتراً حساساً عندما سألت عن أحوال الصديق المشترك العزيز الغالى سمير خفاجى وقلت أين الراصد أكرم السعدنى والصديق الموهوب وحيد حامد.. وأود أن تطمئن إلى أن مذكرات سمير خفاجى فى طريقها إلى النور حيث إننا نعقد جلسات للعمل من أجل فلترة بعض الأحداث وحذف بعض الوقائع خصوصاً وأنت تعلم أن ليس كل ما يعرف يقال.. لك محبتى وتقديرى واعتزازى.