تستطيع أن تغمض عينيك فلا ترى ما يسوءك، لكن من يمكنه إغلاق أذنيه عن سماع كل هذا الضجيج من حولنا؟؟.. بعضنا يفعلها أحياناً ويطنش فلا يرد خاصة إذا كان الحديث لايروقه أو يرتب عليه التزاما ما، لكنه - على أى حال - لايسلم من اللوم والعتاب وربما الاتهام.. البعض الآخر يعتبر نفسه حكيماً عندما يقلد تمثال القرود الثلاثة الشهير: لا يرى ولايسمع ولايتكلم فيعيش كالأموات فى دنيا الأحياء.. وعندما تتداخل الأصوات وتعم الدوشة ندخل دائرة الجحيم، ولكن.. يبدو أن العلماء قد استجابوا أخيراً لرجاء العظيم بيرم التونسى عندما توسل إلى أهل المغنى - إياهم - دقيقة سكوت لله.. وتوصلوا بعد كثير من العمل الشاق إلى ابتكار سماعة تضعها فوق أذنيك فتخلصك من كل مالا تود سماعه وتنقل إليك فقط ماتريد أن تسمعه.. وفى رأيى أن هذا الابتكار يعد ثورة فى عالم الاتصالات يصحح كثيرا مما نسميه الوجه القبيح للتكنولوجيا.. يقول الخبر الذى نقلته وكالات الأنباء مؤخراً أن مجموعة من المهندسين النرويجيين قد ابتكروا سماعة أذن ذكية، بل فى منتهى الذكاء، صغيرة الحجم وخفيفة الوزن، تستطيع أن تحجب الضوضاء الخارجية، وتقوم بتنقية اختيارية للصوت البشرى من الشوائب ومن الصخب الخارجى. وقد تمّ صنع هذه السماعة فى مركز أبحاث بالقوات المسلّحة النّرويجيّة. وهكذا.. مع السماعة الجديدة يفقد الصياح والصوت العالى قيمته ولا تعود له أى جدوى، ويصبح التأثير فى جموع الناس عن طريق الصوت العالى ضربًا من المستحيل، لأن السماعة الجديدة ستحجب الضّوضاء غير المرغوبة على الفور وساعتها ربما نتعلم أن نخفض أصواتنا فيعود الهدوء لحياتنا. * والسؤال الذى يفرض نفسه الآن: هل ستجد هذه السماعة لها سوقاً فى عالمنا العربى مثلما حدث مع الميكروفون والتليفون المحمول وغيرهما من الاختراعات التى تشجع على الرغى والضجيج؟؟.. الإجابة.. ربما فقد يجدها المستمع وسيلة تمكنه من الاستماع لبرامج الإذاعة والتليفزيون الحوارية بطريقة جديدة تلتزم بأدب الحوار، حيث يقوم بسماع شخص واحد فقط من المتحاورين بدلاً من تشتت سمعه وفكره من الضوضاء الموجودة فى مثل هذه البرامج. وربما أيضاً تمكننا من سماع موسيقى الأغانى الحديثة بعد تنقيتها من الأصوات المنفرة والمزعجة.. أما ما هو فى حكم المؤكد أن الرجل المصرى سيكون أول مشجعيها وأول من يقتنيها ليرتديها طوال فترة تواجده بالمنزل حتى يتمكن من تطبيق تكنيك الخرس الزوجى بهدف تعزيز مبدأ اشترى دماغك الذى ينتهجه رجال هذا العصر. أطرف ما قرأته عن الصوت العالى ما حدث فى ألمانيا حيث رفع ألمانى دعوى على جارته بسبب ضحكاتها ذات الصوت العالى. لكنها هى التى ضحكت فى النهاية عندما رفض القاضى الدعوى قائلا أن ألمانيا لا يمكنها حظر الضحك. وقالت الصحيفة التى نشرت الخبر هناك أن العاطل البالغ من العمر 25 عاما اشتكى لمحكمة فى برلين من أن جارته باربرا M. 74 عاما أبقته مستيقظا لأكثر من أربع ساعات بسبب ضحكاتها الصاخبة فى إحدى الأمسيات، بينما كانت تتناول الطعام مع ثمانية أصدقاء فى شقتها التى تقع فوق شقته. ورفض القاضى شكوى الإزعاج قائلا إن السيدة لم تنتهك أيا من القيود القانونية على الضوضاء مضيفا أن الضحك من سمات الحياة. ولن يتم حظره. ما رأيكم إذن فى أن نخفض أصواتنا ونعلى ضحكاتنا