هذه دعوة لتعليم الحب فى مدارسنا.. فالحب ترياق ضد التطرف.. ولكى نتعلم لابد أن نحب العلم.. ونهتم بالتربية قبل التعليم.. وقبل أن يساء فهم هذه الدعوة ويظن البعض أننا فى حاجة إلى خبراء أجانب.. يقومون بأدوار روميو وجولييت.. وخبراء عرب ينشدون أشعار جميل بثينة وقيس ليلى.. لابد أن نتأمل تاريخ حضارتنا التى قامت على العمل الجماعى وروح الفريق.. منذ جاء نهر النيل إلى بلادنا وجمع حوله المحبين فى وادى النيل.. لا يفارقونه طوال آلاف السنين.. وجمعت إيزيس أشلاء زوجها أوزوريس.. وقام الملك مينا بتوحيد القطرين.. ئ؟ واهتدى إخناتون إلى وحدة الخالق.. وتحولت مكتبة الإسكندرية إلى منارة تجمع ثقافة الشرق مع ثقافة الغرب.. وكيلوباترا إلى رمز للحب.. يجتذب قيصر وأنطونيو إلى مصر.. وجاء الإسلام جامعا للأديان والملل والقبائل فى أمة واحدة.. ارتقى فيها الحب من غريزة جنسية فى المعلقات الجاهلية.. إلى عاطفة سامية تجمع المحبوبة والمحب فى كيان واحد.. وتجمع الله والإنسان فى وحدة صوفية.. جعلت «ابن عربى» يدين بدين الحب.. أينما توجهت ركائبه إلى مرعى لغزلان أو دير لرهبان. حضارتنا قامت على الحب.. والوحدة بين الطوائف والأديان.. وهذا هو الدرس الذى وعاه الشعب المصرى فى ثورة ,19. فى وحدة الهلال مع الصليب.. والدين لله والوطن للجميع.. وليس غريبا أن أول هجرة للمسلمين كانت إلى الحبشة.. ليجدوا الحماية والرعاية عند النجاشى الملك المسيحى.. وأول من كتب تاريخ الحضارة الإسلامية هو جورجى زيدان.. وأول من كتب عن الحب عند العرب هو سلامة موسى.. وأول من أقام تمثالا للفيلسوف اليهودى «ابن ميمون» هم العرب المسلمون من أبناء الأندلس.. وأول من استقبل اليهود عند هجرتهم من الاضطهاد فى أوروبا هم أبناء الإسكندرية.. وهذه الحقائق ينبغى أن يتألف منها نشيدنا القومى.. الذى يردده تلاميذ المدارس فى طابور الصباح.. وهى التى استوحى منها توفيق الحكيم رواية «عودة الروح»، حيث الواحد فى الكل.. والكل فى الواحد.. والهلال مع الصليب.. وكانت ثمرتها وحدة الشعب المصرى من ثورة 19 حتى نصر أكتوبر.. إن الحب الموجود فى مجتمعنا.. هو الأساس الذى قامت عليه حضارتنا.. ولكن الغالبية من أجهزة إعلامنا وقنواتنا الفضائية تركز الأضواء على أصحاب الضمائر الميتة من نجوم الفساد.. وتنسى أصحاب الضمائر الحية مثل موظف البريد والضابطين الذين رفضوا الرشوة بملايين الجنيهات.. تقدم مدرسة المشاغبين وتهمل برامج أوائل الطلبة التى كانت تقدم النابغين.. وتحتدم المنافسة فيها بين المدارس.. تحفل بفضائح الأطباء والمعلمين والمهندسين الذين خانوا الأمانة.. وتهمل الشرفاء الذين يقومون بواجبهم دون جلبة أو ضجيج.. تفرد البطولة فى أفلام السينما للمتسلقين واللصوص.. دون أن تفسح مجالا يوحى بالأمل فى انتصار الخير على الشر.. والحب على الكراهية. كما كان يحدث فى أفلامنا القديمة التى كانت تنتهى بانتصار الإنسان الطيب وزواجه من بطلة الفيلم.. عندما كان المجتمع المصرى يعيش عصر الحب فى أفلام فاتن حمامة وأغانى عبدالوهاب وأم كلثوم. ولو حاول الفنان عادل إمام فى وقتنا الحاضر أن يقوم بدور الرجل الطيب أو يقدم مدرسة النابغين الذين يحترمون المعلم.. لأثار من الضحك عند المشاهدين.. أضعاف ما أثاره فى مدرسة المشاغبين.. وقد قرأت فى الصحف أن الوزير الدكتور أحمد زكى بدر يبحث عن خبراء يساعدونه فى إصلاح التعليم.. وتطوير المناهج وأنا لا أنصح الوزير بتغيير الطاقم القديم من كبار الموظفين فى مكتب وزير التعليم.. الذين يقاومون إصلاح التعليم.. أو الاستعانة بخبراء أجانب يقومون بأدوار روميو وجوليت.. وخبراء عرب ينشدون أشعار جميل بثينة وقيس ليلى.. لتعليم التلاميذ فن الحب.. لأن هذا التغيير يحتاج إلى إنفاق الملايين للخبراء والمستشارين وأقارب كبار المسئولين.. إلى جانب الملايين التى ينفقها على الفنانين من الرسامين والموسيقيين والأدباء ونجوم السينما والمسرح.. الذين تحتاج إليهم المدارس للتربية الفنية وبناء الشخصية.. نصيحتى للوزير هو أن يستعين بموهبة الفنان عادل إمام.. وهو واحد من كبار خبراء التعليم.. ليقوم بدور الرجل الطيب عماد حمدى أمام الفنانة فاتن حمامة.. أو الطالب المجتهد فى مدرسة النابغين.. وهذه أول خطوة فى إصلاح التعليم.