كتب: نادية خليفة طارق رضوان زين إبراهيم محمد عاشور و..ألفت جعفر ريشة: جمال هلال تصوير: شريف الليثى لم تقف المرأة البورسعيدية مكتوفة الأيدى أثناء العدوان الثلاثى على بورسعيد، بل شاركت الرجال كفاحهم فى صد العدوان ومكافحة المعتدين، وهناك كثيرات كان لهن دور بارز فى عدوان 6591 وعلى رأسهن زينب الكفراوى التى لم تكن تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها وقت العدوان، ولكنها لعبت دورا مهما ضمن المجموعة النسائية التى شكلت لصد العدوان ومقاومته. وقالت زينب الكفراوى - 86 عاما - إنها كانت رئيسة المجموعة النسائية ضمن تشكيلات المقاومة التى كان يرأسها النقيب مصطفى كمال العباد وكانت تقود التشكيل رقم 01 الذى ضم ستاً من الفتيات والنساء اللائى كانت مهمتهن تقتضى نقل الأسلحة وتسليمها إلى رجال المقاومة وكذلك المنشورات والبيانات التى كانت توزع وأشهرها "بيان" (سنقاتل.. سنقاتل) الذى وزعه رجال المقاومة فى بداية المعركة. وأضافت أنها لم تكن تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها أثناء العدوان ولكنها كانت مستوعبة لكل ما يجرى فى بورسعيد وكانت تشاهد الجنود الإنجليز والرعب الذى كانوا يبثونه فى المصريين، وساعدها على القيام بمهمتها مع زميلاتها حصولها على دورات تدريبية فى حمل السلاح والتربية العسكرية وشعورها الوطنى الجارف هى وكل الشعب البورسعيدى بقيمة الوطن والتصدى لأى محتل غازٍ والترابط القوى الذى كان موجوداً بين أفراد الشعب البورسعيدى. وتستعيد زينب الكفراوى ما حدث فى عدوان 6591 بأنها فوجئت فى 92 أكتوبر ببداية العدوان وتكثيف القوات البريطانية للضرب وحرق البلد مما أحدث رعباً فى نفوس المواطنين، وقتها كانت تساعد النساء والفتيات والصغار على الاختباء والابتعاد من مناطق الخطر، ولما نزلت القوات البريطانية أرض بورسعيد وجدت أقاربها وأشقاءها ينضمون للمقاومة وكان والدها يعمل صول فى قسم البوليس ولما طلب منه النقيب مصطفى كمال العباد البحث عن فتيات لنقل الأسلحة لأن الإنجليز لن يشكوا فيهن رشحها والدها للمهمة واصطحبت معها فتيات أخريات مثل زينب أبوزيد، ليلى النجار، وأفكار العودلى، وعصمت خفاجة، وانضمت معهن لتشكيلات المقاومة وكن يحصلن على المهام المطلوبة من محل ملابس يونانى، وكانت المهمة هى نقل الأسلحة والذخائر والمنشورات وإمداد رجال المقاومة بها. وتؤكد أنها استطاعت نقل مئات الأسلحة والذخائر والمنشورات القادمة من بحيرة المنزلة إلى رجال المقاومة بالحيلة والتخفى وإبعاد أنظار الإنجليز إليهن وظلت تقوم بهذه المهام طوال العدوان حتى خرج الإنجليز من بورسعيد ولاتنسى أصعب موقف قابلته فى حياتها عندما كانت تنقل مجموعة من الأسلحة وتسلمها لرجال المقاومة وكانت تخبئ الأسلحة فى عربة أطفال، فالأسلحة أسفل العربة والطفل فوقها واستوقفتها دورية إنجليزية وبأعصاب واثقة جابهت الضابط قائد الدورية وسلمت الفدائيين حملها الثمين وكان عبارة عن قنابل ورشاشات، وعندما سألها الضابط عن اسم الطفل قالت له "جمال عبدالناصر". وتتذكر زينب الكفراوى أن الشعب البورسعيدى كله صغيرا وكبيرا كان يشارك فى المقاومة، ورغم قسوة الظروف وصعوبة الحياة طوال العدوان لم نرضخ وكنا نضع من يتعاون مع الإنجليز فى قائمة سوداء ولم نكن نتعامل معهم، وكنا برغم الخوف مترابطين، وكان تراب الوطن غالياً علينا، وكان هناك كثير من النماذج المشرفة فى المقاومة من النساء ومنهم أم على التمرجية التى كانت تخبئ رجال المقاومة فى العيادة بعيدا عن أنظار الإنجليز، وكنا نحن النساء خط الدفاع الثانى وراء الرجال، وتقول إنه بعد خروج الإنجليز من البلد وانتصار المقاومة تطوعت لاستقبال المهاجرين من أرضهم وتسكينهم وحضرت هزيمة 7691 وأنهت دراستها وبعدها سافرت إلى الجزائر للعمل بها حتى عام 7891، وهذا البعد عن الوطن جعلها تنسى، وهى لاتنتظر شيئا من أحد لأنها قدمت للوطن كل ما تستطيع تقديمه. دون أن تنتظر المقابل، وقد سعدت كثيراً بتكريم المحافظ لها العام الماضى لدورها فى مقاومة العدو، وتطالب بأن تستعيد احتفالات النصر هيبتها مرة أخرى لأن هذه الاحتفالات خبت فى الأعوام الأخيرة، برغم أهميتها، فالشعب البورسعيدى فى هذه الذكرى أثبت أنه شعب حر ومقاتل ووطنى وهى قيم تحتاج إلى تأصيلها فى كل ذكرى وطنية وبث هذه الروح فى شبابنا حتى يعى تاريخ وطنه وأهميته وكفاحه المشروع.