يوسف إسلام (أو مغنى البوب كات ستيفنز سابقا الذى دخل الإسلام منذ 33 عاما) عاد للغناء على المسرح. خبر بعد أن قرأته قلت لنفسى إنها ليست عودة، بل هو مجرد تنويع جديد على لحن رئيسى عاشه ومازال يعيشه الرائع يوسف إسلام، فعبر حياته هناك صوت لموسيقى تنساب بهدوء أحيانا وبصخب فى أحيان أخرى، موسيقى تحمله قبل أن يحملها، تصاحبه وتربت على كتفه وتدعمه وتؤازره وتقويه. أهم تلك الألحان هو لحن الطمأنينة عبر حب الله سبحانه الذى غمر روحه حين دخل المسجد الأقصى زائرا للأرض المباركة التى أهداه منها شقيقه نسخة مترجمة إلى الإنجليزية من القرآن الكريم وبمجرد أن قرأها قال لنفسه هذا هو ما كنت أبحث عنه فجاء تعرفه على الإسلام من كتاب الله مباشرة وليس عن طريق أحد المسلمين. اختار شقيقه هذه الهدية لعلمه بالحالة التى كان يعيشها كات ستيفنز وقتها حائرا متنقلا من الشيوعية إلى البوذية إلى المزيد من مواصلة البحث عن الدين الذى يطمئن ويجد نفسه فى الانتماء إليه منذ تعرض للغرق وأصيب بالسل وهو فى قمة شهرته وتألقه الفنى، حيث قضى عاما فى الفراش يتأمل متسائلا: هل الإنسان فقط جسد.. وتمنى الحصول على اليقين الروحى وكان المرض منحة من الله لمراجعة أشياء كثيرة فى حياته عبر عنها بعد ذلك فى أغنيات نالت نجاحا مبهرا. لم يهجر الموسيقى مثلما ظهر وقتها، بل ربما فضّل الابتعاد من أجل التفرغ للتعمق فى القرآن الكريم وفى تجديد حياته انطلاقا من فهم جديد للدنيا، وبالتدريج اتضح أنه لم يهجر الموسيقى، إنما هجر ما يتعامل البعض معه وكأنه شئ لزوم للشئ، حيث رافق الفن لبعض الوقت فى حياته توابع كالخمر والمخدرات والنساء، ربما اكتشف مع النضج أن التعامل مع مثل هذه الأمور لا صلة له بالفن، ثم حين نال الاطمئنان بفضل الله ووصل إلى قدر معقول من العلم وجد إجابات واعية حول أن الله جميل يحب الجمال، وأن الموسيقى نوع من الجمال حين تكون من النوع الذى يرتقى بالروح ولا يخاطب الغرائز.لقد ظل صوت الموسيقى داعما ليوسف إسلام خلال رحلة حياته بعد إعلانه اعتناق الإسلام إنما بدرجات مختلفة. فقد تزوج من مسلمة وأسس مدرسة إسلامية فى لندن تتضمن تعليم العديد من الأناشيد مثل طلع البدر علينا التى غناها فى ألبوم مع مجموعة من الأناشيد حول سيرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، قيل إنه قد ترك الموسيقى، إنما يبدو أن الموسيقى لم تتركه، فباختياره للإسلام وبإخلاصه له منحه الله تلك النافذة الخاصة التى يطل منها على متعة وجدانية خاصة فيها أنس بالله سبحانه، فيها موسيقى حالمة تفيض نغماتها من الصدر فتغمر الإحساس ولا يجد من ذاقها أى مثيل لها. لقد سمع صوت السكينة وموسيقى الاطمئنان وبعودته إلى خشبة المسرح يعود بطعم جديد متواصلا مع حالة غنائية صنعت اسمه فى دنيا الموسيقى عبر أكثر من 60 مليون نسخة من ألبوماته تم بيعها منذ أواخر الستينيات. لقد وهبه الله سبحانه صوتا يجمع بين الحنان والقوة.. بين الثقة والأمانة. صوتاً يمنح كل من يسمعه شعورا بأنه يغنى لك أنت شخصيا فيمنحك الصوت شعورا بأنه يحميك ويقويك، يؤازرك ويقف إلى جوارك.