إذا قلنا أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوى يتعرض وحده إلى هجمة إرهابية شرسة بسبب قراره منع ارتداء النقاب فى مؤسسات الأزهر التعليمية.. فنحن خاسرون. وإذا تصورنا أن ما يتعرض له وزير التعليم العالى د. هانى هلال بسبب قراراته بمنع دخول المنقبات المدن الجامعية هى معركته وحده.. فنحن أيضا خاسرون. نحن - كمجتمع - أمام هجمة إرهابية شرسة لأفكار ظلامية تتستر خلف الدين الإسلامى ووسطيته واعتداله و هى تسعى لتحقيق مشروعها السياسى المتطرف فى الاستيلاء على الوطن أرضا وروحا ووجدانا. وفى هذا السياق لا يتورع الظلاميون عن تصنيف بنات هذا المجتمع بين منقبات أصحاب فضيلة وساقطات عاريات وقد قالوها جهارا نهارا فى معرض هجومهم على شيخ الأزهر ووزير التعليم العالى.. على النحو الذى جاء على لسان شيخ من شيوخ التطرف و نائب برلمانى عضو فى جماعة الإخوان الظلامية المحظورة. بغض النظر عن أن السقوط الأخلاقى لا يفرق بين فتاة وأخرى.. منقبة أو متحجبة أو بدون حجاب ونقاب.. عندما تنهار الأسس الأخلاقية وقيمة الشرف والتدين داخل النفس البشرية.. وهنا لا ضابط ولا رابط.. ولا أريد أن أعدد حالات سقوط أخلاقى تم كشفها وإعلانها.. كان التنقب وسيلتها الأساسية. وبغض النظر ثانيا عن أن الرأى الدينى واضح وصريح فى شأن النقاب والانتقاب وإجماع الإئمة والفقهاء وعلماء الدين على أن النقاب عادة وليس عبادة.. والله سبحانه وتعالى لم يفرض على المرأة التنقب ارتداء النقاب وهى تؤدى الصلاة أو مناسك العمرة والحج.. فكيف يمكن التحدث بوجوبية ارتدائه حتى فى الشوارع. إذا نحن لسنا أمام فرض دينى أو رأى شرعى يمكن الاتفاق أو الاختلاف حول أحكامه وإنما نحن أمام دلائل دينية قاطعة تنفى أن يكون النقاب من الإسلام (اقرأ ص01 - 31).. وأمام استخدام شرير خبيث لصورة من صور التدين المظهرى الظاهرى.. نحن جميعا أمام التطرف فى أقوى صوره. التطرف فى إعلان الانعزال عن الآخرين.. وأبسط قواعد التواصل بين البشر هى رؤية وجه من تخاطبه أو تتحدث معه حتى ولو كان حديثا عابرا.. ليس فقط لتتعرف على من تحدثه وإن كان رجلا أو امرأة.. وإنما أيضا كى تتواصل ردود الأفعال من الملامح والانطباعات الظاهرة على الوجه وإن كان مرتاحا من الحوار أو غاضبا منه أو منصتا أو معترضا. التطرف فى إعطاء المنقبة لنفسها كل الحقوق فى رفض التعامل مع الأخرين حتى من بنى جنسها غير المنطويين تحت مظلة النقاب و لو كن محجبات أو ملتزمات كما يطلقن على أنفسهن.. فهن خطاءات مادمن لم يرتدين النقاب.. وسلب نفس الحق من الآخرين والآخريات فى رفض التعامل مع من لا ترى وجهه ولا تستطيع أن تميز جنسه رجلا أو امرأة. التطرف فى الإعلان عن نفسها المنقبة.. أفضل من غيرها.. تميز نفسها عن الأخريات حتى فى الأماكن المقصورة على الفتيات والنساء من بنى جنسها حيث لا احتمالية لوجود رجال.. وبما لا يعترف بحق المسلمة فى تحديد علاقتها برب العزة دون ضغط أو إملاء أو إرهاب.. ودون أن تتهم بالسقوط أو توصف بالساقطة، لأنها لم ترتدى نقابا أو حجابا.. فالله عز وجل هو العارف بعباده ونواياهم وأعمالهم. التطرف فى التحايل على المجتمع وفرض إرادة التمييز بين أبنائه فى صورة النقاب والانتقاب تحت دعاوى الحرية الشخصية (اقرأ ص 8 - 01).. بالالتفاف على القاعدة الأساسية فى أن الحرية الشخصية هى تتوقف عند حدود حرية الآخرين.. والالتزام بالقواعد المحددة إنسانيا فى تواصل العلاقات بين البشر.. واحترام اللوائح والقوانين التى تحكم التواجد داخل المؤسسات العامة والخاصة. ليس الإمام الأكبر شيخ الأزهر وحده الذى يتعرض لهجمة الأفكار الظلامية.. ولا وزير التعليم العالى.. وإنما نحن جميعا كمجتمع مصرى وسطى معتدل نتعرض لهذه الهجمة الإرهابية المتطرفة. ليس الآن فقط ولكن منذ سنوات مضت.. سكتنا وتخاذلنا وامتنعنا عن المواجهة.. وتركنا أصحاب الاستنارة الحقيقية بظهر مكشوف فى مواجهة الظلاميين ومشروعهم فى نشر الفكر المتطرف واتساع مساحة سيطرته على عقل ووجدان هذا الوطن تمهيدا للاستيلاء عليه وولاية الأمير - أمير الجماعة - حتى ولو كان خامورجى و بتاع نسوان كما أكد المرشد العام لجماعة الإخوان الظلامية المحظورة. سنواجه على صفحات صباح الخير الفكر الظلامى ولن نتوقف.. ضد التطرف.. ضد النقاب.؟