أعتذر لأنى لم أر هذا العمل الفنى الراقى عندما خرج إلى الوجود لأول مرة، وذلك بسبب شواغل تلتهم الوقت. ولكن دعوة كريمة من المخرج الشاب خالد جلال وصادرة من مسرح مركز الإبداع الفنى، كان لابد من الاستجابة لها خصوصا بعد أن سمعت وقرأت الكثير عن "قهوة سادة" صياغة وإخراج خالد جلال. وذهبت وكلى شوق لرؤية العمل خصوصا وأبطاله من الشباب الموهوب المكتوى بنار الفن. جلست أتفرج على (قهوة سادة) وهى مجموعة لوحات مسرحية ساخرة يفصل بينها فواصل زمنية غنائية أو أقوال مهمة، ندخل بعد الفاصل إلى سرد مسرحى بلغة راقية دون أى إسفاف ولكنها تنطوى على ذكاء فى التناول أضحكنى من القلب، هذا الضحك النادر المطهر للقلب، الباعث على التأمل، المحرض على التفكير. إن هذا العمل نتاج ورشة الارتجال والتمثيل المسرحى التى يقودها بجدية وحب وهواية خالد جلال، إننى سعيد بشباب هذه الورشة وهم: شيماء عبدالقادر ومريم السكرى ومحمد فراج وآيات مجدى ومحمد عبدالسلام وسماح سليم ومحمد رزق ونشوى المهدى وهشام إسماعيل ومحمد ممدوح ومحمد فهيم ودعاء صادق ورشا جابر ومحمد ثروت وعمرو رجب وجهاد عربى ومحمد فاروق وأمير صلاح الدين ومحمد خالد ونورا عصمت ورضوى سعيد وسمر نجيلى ومحمد مصطفى وحمزة العيلى وجيهان أنور وهشام حسين ومحمد العزازى وإسماعيل جمال وعمرو بدير ونورا عبدالفتاح ومصطفى سامى وشادى عبدالسلام ورباب ناجى، ولهم أصفق جميعا. إننى أنشر أسماء (الجوقه) التى عزفت لنا هذا الرقى المسرحى اعتزازا منى بهم، فهم واعدون حقا ومنحونى متعة أفتقدها فى هذا الزمن وتذكرنى بالمسرح السياسى لألفريد فرج وفايز حلاوة وتذكرنى بمسرح الساعة العاشرة فى لبنان وتذكرنى بأعمال دريد لحام فى مسرحيته القذيفة "كاسك ياوطن" وتذكرنى بأمجاد يوسف إدريس المسرحية، المهم أن "قهوة سادة" بدأت بالحزن والبكاء والعويل على أسماء راحلة صنعت وجدان المصريين وانتهت بضحك جلجل فى الصالة الصغيرة لأنه كان مرآة لنا، رأينا أنفسنا فيها. دينا فاضل شابة مصرية جميلة دقيقة الملامح ولدت فى لندن حيث كان والدها الطبيب النفسى الأديب خليل فاضل فى بريطانيا، لها معرض متميز للفن التشكيلى. فمنذ عادت دينا مع أسرتها ومسامها مفتوحة لاستقبال (قبح الجمال وجمال القبح) فى مصر. ومفتوحة المسام لاستقبال المتناقضات وتلاقى الأضداد، تعرض دينا لوحاتها التى تقف خطوطها بين العبثية والواقعية التصويرية. دفقة أحاسيس مخبوءة بين ضلوع دنيا فاضل خرجت على فروخ من ورق أبيض حاملة رأيها ورؤاها. (تلاقى الأضداد) هو عنوان لوحاتها الأخاذة. التى استخدمت فى بعضها القماش ورسمت فوقه فى عذوبة بالغة. إن اللون البنى هو سيد الألوان عندها، وتعبر دينا فاضل عن عشقها لمصر وهى تغوص فى تناقضاتها شاهرة ريشتها فى وجهها.. تحبس القبح أو الجمال فى لوحة تحمل تعليقا وتوقيعا، والأهم الهمس بعشقها بالألوان! كل شعب مثلما يستحق حكومته، يستحق أيضا تليفزيونه! فالشعب يرى أكثر مما يقرأ، بل يقرأ بالكاد. ولهذا كانت الوجبة الدسمة من المسلسلات والبرامج التى دوخته وأصابته بالتلبك البصرى مناسبة جدا لشعبنا العزيز. لا يفوتنى الإشادة بالسيرة الهلالية للأبنودى ولا بالمسحراتى لجمال بخيت ولا بمولاتى مصر لأحمد ماهر.. (على الشاشة المصرية). هالة مصطفى، حرة فى استقبالها السفير الإسرائيلى أو التشيكى أو الأمريكى، فهى تتحمل مسئولية سلوكها سواء احترمه البعض أو نبذه. لاداعى لضجة تعطى الأشياء حجما أكبر. ولقاء صحفى بسفير دولة لها مقر رسمى على أرض مصر، ليس مصيبة. لا مبرر للمزايدة والصوت العالى والصراخ وإلقاء الاتهامات. التصرف مسئولية صاحبه. وبالمناسبة أنا لست مع التطبيع حتى يعود السلام الحقيقى وعندما كنت أرأس تحرير صباح الخير رفضت لقاء المستشار الإعلامى لسفارة إسرائيل وكان اللقاء للتعارف.. فقط. أعود فأقول نحن لا نعى معنى كلمة حرية التعبير أو الديمقراطية ونمارس الإرهاب الفكرى مع بعضنا.