كنا قد اثرنا موضوع "عجلة الفتيات في اختيار شريك الحياة مما يؤدي الي فشل وتدهور علاقة زوجية بنيت علي اسس غير سليمة وأرجعنا ذلك الي عدم الفهم السليم لكل من الشاب والفتاه لمفهوم الزواج الصحيح.. ويبدو أن هذا الموضوع أثار العديد من تباين وجهات النظر.. وقد وصلتني أكثر من رسالة ما بين استعراض زوجة شابة لقصة زواجها المليئة بالأحداث الكئيبة، أو رغبة فتاة في معرفة رأيي في قبول أو رفض عريس بمواصفات معينة، ولكن قد توقفت أمام رسالة مهمة لأنها تفتح بعدا آخر للمناقشة حول هذا الموضوع، وهو الزواج من الأصدقاء. تقول منار: عمري (63) عاما ولدي مجموعة من الأصدقاء والصديقات ومن بينهم صديق عزيز علي قلبي، ودامت صداقتي معه لأكثر من (71) عاما منذ أن كنا زملاء في الجامعة. وشهدت معه تجاربه العاطفية وخطبته وشهد معي قصص حبي مع شباب آخرين ومع ذلك لم يحدث يوما أن شعرت أنه يمثل لي شيئا سوي أنه صديق عزيز وأخ مخلص، وأنا علي يقين بأنه يبادلني نفس الشعور. فجأة ومنذ أربعة أشهر فقط.. وجدته يقترح علي فكرة الزواج وضحكت تماما من الفكرة لدرجة أغضبته ولكن مبرره هو أنه يعاني من فراغ عاطفي وأنا أيضا، حيث إن الفرصة لم تسنح لكلينا بالتقاء الشريك المناسب أو قصة الحب المرجوة. رغم دهشتي من منطقه إلا أنني تأملت الفكرة ووجدتني أفكر فيها بعقلي.. وبعقلي فقط.. لأننا تصارحنا وقال كل ما للآخر أنه لا يكن أي مشاعر خاصة تجاه الآخر، فقط مشاعر الأخوة والصداقة.. وهو قال لي: إن التوافق والانسجام الإنساني بيننا أهم وكذلك التفاهم العقلي. والحقيقة أنني حائرة ولا أستطيع اتخاذ قرار، فكلما فكرت فيه في المستقبل علي أنه الزوج والشريك.. أجدني خائفة. ثم في أوقات أخري.. أشعر وكأنني بدأت أنجذب إليه عاطفيا وفي لحظة صدق أشعر وكأنني أقنع نفسي بالفكرة هروبا من الفراغ العاطفي وعدم وجود أي قصة حب تملأ حياتي فماذا أفعل؟! هل أقبل أم لا؟! إنها ليست مسألة سهلة، لأن بينكما تاريخا إنسانيا طويلا من أقوي وأروع العلاقات وهي علاقة الصداقة التي تجمعكما أكثر من (71) سنة. لهذا فالقرار قرارك وحدك وأي قرار تتخذينه لابد أن يكون واعيا ومرتبطا بسنوات الصداقة لا بمعزل عنها فعليكما قبل اتخاذ أي قرار أن تتفقا بمنتهي الجدية والحسم أن تكون صداقتكما في المقام الأول، فالزواج ليس وسيلة لملء الفراغ العاطفي كما تقولين، لكنه وسيلة لاكتشاف عواطف أخري في حياتك، لهذا عليك بل عليكما أن تتحليا بالهدوء وعدم التسرع في اتخاذ القرار. فقد تكون فكرة الزواج رائعة وسينتج عنها أجمل قصة زواج ناجح فما أروع من أن يكون الزوجان صديقين!! وقد تكون فكرة الزواج سيئة وتدمر علاقة صداقتكما إن لم تكونا واعيين بالقدر الكافي بأنكما تجربان ممارسة نوع آخر من المشاعر لا يمس صلب وجوهر صداقتكما، لهذا أقترح عليكما الاتفاق بتحديد مدة تحت مسمي "تجربة واختبار مشاعر"، بحيث تختبران قدرتكما علي أن تكونا صديقين يريدان الزواج لاستمرار وتوطيد الصداقة.. لا "صديقان يريدان استبدال الصداقة بالزواج".. فالفارق كبير. وإن شعر أحدكما لحظة بأن صداقتكما ستهتز وتتأثر سلبا فعليكما الرجوع عن الفكرة والاحتفاظ بالصداقة".. لأنها الأهم والأبقي. عزيزتي.. ما تقولينه قد حدث بالفعل لآخرين ونجحا في تحقيق حياة زوجية سعيدة قائمة علي أساس سليم وقوي من الصداقة.. إذا كنت قادرة علي إتمام وتطوير علاقة الصداقة بالزواج.. فأنت محظوظة وإن كنت فقط تريدين استخدام هذه الصداقة كجسر تصلين به إلي مسمي "الزوجة" فأنصحك بأن تبقي علي صداقتك.. وتنتظري شخصا آخر يصلح أن يكون زوجا لك وتصلحين زوجة له. وكم جميل لو بقيتما.. أصدقاء!!؟