مازال الطفل الذي يحتاج إلي قوقعة أذن واسمه عبد الرحمن وكتبت عنه الأسبوع الماضي، مازال يحتاج الكثير. الحساب مفتوح في مستشفي وادي النيل تدخله التبرعات بالتدريج أرجو أن ننتهي من جمع المبلغ المطلوب علي نهاية الشهر الكريم. أعتقد أنكم جميعا تعرفون أن ديوننا في مستشفي الشرطة وقصر العيني الفرنساوي لا تنتهي، خاصة أنني اعتدت بمجرد ما أشعر أن بعض المبالغ تم تسديدها أبدأ في السماح لمرضي آخرين بدخول المستشفيات، أغلبهم من مرضي القلب، ومريض القلب في أحسن أحواله بمجرد أن يقرر الطبيب احتياجه للجراحه يصبح حالة عاجلة، فما بالكم بالحالات التي تصلنا بعد أن تكون انتظرت شهورا وربما سنوات حتي تدهورت حالة القلب وأصبحت العاجلة أكثر من عاجلة. وتصبح الجراحه التي تتكلف عشرين ألفا في الحالات العادية، تتكلف أربعين ألفا بسبب المضاعفات. هذا كله مقدمة لأحكي لكم ما حدث هذا الأسبوع عندما اتصل بي الدكتور محمد أشرف أستاذ الحالات الحرجة بقصر العيني، قال لي إن أمامه مريضة عمرها 52 سنة تحتاج إلي تغيير صمام في القلب بشكل عاجل ولا تملك شيئا، وسألني هل تستطعين المساعدة، فأجبت انتظرني أسبوعاً لأدرس موقفي المالي، في نفس اليوم اتصلت بي صديقة مصرية تعيش في الكويت قالت إن سيدة مصرية توفيت وإنها تركت مالا أوصت أن يوجه إلي علاج مريض مصري، فلم أجد في ذاكرتي إلا حكاية الشابة التي كان يحكي محمد أشرف عنها منذ دقائق ، فحكيتها. لم يسعفني الوقت لأتذكر المنتظرين والمنتظرات. في اليوم التالي أرسلت لي الصديقة المصرية أن فلاناً سيتصل بك لترشديه كيف يدفع مصاريف الجراحة للشابة التي حكيت عنها. اتصلت بالدكتور وحكيت له فأصيب بالدهشه التي أصابتني. وتساءل: وأين ديونك ومرضاك وأولوياتك؟ قلت لا أعرف هذا هو ما حدث. فسألني: هل تلتزمين دائما بطلبات المتبرعين أم تضعين التبرعات حسب خطتك؟ قلت إنني أبذل أقصي جهد في الالتزام بطلب المتبرع، لكن فلنفرض أن المريض الذي جاءت التبرعات باسمه اختفي أو وصلته تبرعات من جهة أخري في هذه الحالة أعتبر أن من حقي توجيه المتبرع لمريض آخر. في كل الأحوال أومن وأثق أن الله يوزع الأرزاق كما يشاء، وأحيانا أحاول أن أبحث عن حكمته في إعطاء فلان والمنع عن آخر وغالبا لا أفهم الحكمة. سبحان الله مازال معنا الطبيب الشاب المصاب بمرض مزمن شديد الخطورة يدمر الجهاز العصبي والمخ، ويحتاج إلي دواء يتكلف خمسة آلاف ونصف شهريا، استطعنا أن نجمع ثمن الدواء لمدة ثلاثة أشهر حتي الآن. ومعنا أيضا الطفلة المصابة بأحد أمراض الدم وتحتاج إلي أدوية قيمتها ثلاثة آلاف وخمسمائة. استطعنا بمعاونة شباب متحمس للمشاركه في تغطية تكاليف العلاج منذ أكثر من سنة. ونتوقع أن تستمر المساعدات. لاحظت لأول مرة أن رمضان هذا العام لم يقتصر علي المساعدات المقدمة علي شكل طعام، ودخل العلاج كاختيار أساسي لدي بعض المتبرعين.