الاستماع إلى القرآن الكريم فى البيت أو السيارة أو أى مكان متعة تزداد حلاوتها مع الأصوات الجميلة للمقرئين العظماء. صوت الشيخ محمد رفعت بنبرة المحب الولهان، وصوت النقشبندى بنبرة المقبل المشتاق، وصوت مشارى راشد بنبرة الخاشع المتبتل، وصوت محمد جبريل بنبرة التائب المنيب إلى الله سبحانه. أصوات تتجمل بتلاوة القرآن وتبعث فى المستمع على التدبر فى آيات كتاب الله والإعجاب بما وهبه سبحانه لأصحاب هذه الأصوات من حلاوة فى الحس واتساع فى أفق الصوت وامتداد فى مداه. هناك فرق بين الصوت الحلو والحس الحلو. لذلك نجد أن البسطاء عندما يندمجون مع مقرئ أو كذلك مع مطرب فإنهم يصفونه بأن "حسه حلو"، وليس "صوته حلو". ألم تكن مكانة الفنان "عبد الحليم حافظ" مبعثها أنه صاحب حس حلو وليس مجرد صوت حلو. أما الصوت الجميل المقترن بالحس المرهف عند قراء القرآن الكريم فله أثر على النفس يجعلنى أشعر أنه كثيرا ما يكون أحد الأسباب التى تسحب من عينى الدموع لفيض الوجد، حيث يساهم الحس الحلو فى وصولى إلى تدبر المعنى الكامن وراء الكلمات التى ربما سبق أن كنت أمر عليها دون أن أتوقف عند عمقها. كيف أشعر أيضا تجاه الأصوات الجميلة لعدد من المقرئين. إن الامتداد فى صوت الشيخ محمد رفعت أتلقاه وكأننى قد وصلنى فى ساعة صفاء صوت دعاء الكروان بما لصوت الكروان وهو يشق الهواء من حسم على اتخاذ مداره كصاروخ انطلق من منصة الإطلاق إلى السماء. تأسرنى حيوية صوت النقشبندى فتحقق لوجدانى حالة فيها زهوة اتساع الصهيل ورشاقة انطلاقة الجواد. صوت الشيخ مشارى راشد هو الفضاء الرحب والانسيابية وعبير الزنبق ونضارة إطلالة الصغار. صوت الشيخ محمد جبريل هو مثل نور الصباح، ووميض النجم، وسهولة ترقرق المياه فى الجداول. أما جسارة انهمار الأمطار فلصوت الشيخ الحصرى. هؤلاء جميعهم أصحاب أسماء شهيرة، بينما هناك أصوات جميلة عديدة لابد من رعايتها فى مساجد المحروسة على امتداد المدن والقرى، قراء يتمتع العديد منهم بحس حلو يجعلنى أتساءل لماذا لا يتم عمل تسجيلات للمتميزين منهم لنشرها على نطاق واسع. كذلك عدد ممن نستمع إليهم فى كل عام خلال الاحتفال بليلة القدر الذى يتم نقله عبر شاشة التليفزيون حيث يلمس الجمهور تمتع الكثيرين ممن يتم تكريمهم بأصوات طازجة لها حس رائع وأداء خلاب، فيتجدد السؤال مع كل عام حول أين تذهب هذه الأصوات الجميلة بعد ذلك، ولماذا لا يرعاهم التليفزيون المصرى.