العنف.. التخريب.. الشائعات.. هى كلمة بمثابة الوجه السيئ الذى يكشر عن أنيابه للاقتصاد المصرى بجميع قطاعاته ومؤسساته فالموقف السياسى بكل أحداثه سواء إيجابية أو سلبية يرتبط ارتباطاً وثيقا بالاقتصاد لأن البنوك والبورصة والسياحة أيضا من أكثر المتضررين بالاضطرابات السياسية ولكن ما مدى خسائر البنوك والبورصة على مدار عام كامل؟ وما مدى تأثير عدم الاستقرار على القطاع المصرفى؟ أسئلة حائرة فى رءوس الناس نجيب عنها فى السطور القادمة. أكد هانى سرى الدين رئيس الهيئة العامة لسوق المال سابقا أن إثارة الشائعات والذعر وعدم الاستقرار والانفلات الأمنى المستمر وغيرها من الصور المحيطة بالموقف السياسى للبلاد تؤثر سلبا على الاقتصاد المصرى فهذه الصور الوجه السيئ الذى يصيب جميع مؤسسات وقطاعات الاقتصاد المختلفة فنجد على مدار عام كامل، أنه اقتربت خسائر البورصة المصرية من 195 مليار جنيه من رأسمالها السوقى فيما حقق مؤشرها الرئيسى أعلى نسبة تراجع فى تاريخه بلغت نحو 50٪ مقارنة بالأعوام السابقة. وأضاف سرى الدين أن المخاوف المستمرة من تصعيد الأزمة السياسية فى مصر أدت إلى تراجع حاد فى كمية التداولات حيث سجلت نسبة بلغت نحو 45٪ ووقفت كمية تداولات السوق نحو 18.5 مليار ورقة مالية مقارنة بالأعوام المستقرة سياسيا التى سجلت نحو 33 مليار ورقة مالية، بالإضافة إلى صفقات السوق التى تأثرت بشكل سلبى بسبب تلك الشائعات الكاذبة حيث لم يتم تنفيذ سوى 8 صفقات فقط حتى وقتنا هذا خاصة فى ظل الاحتفال بمرور عام على الثورة. وأشار سرى الدين إلى أن الاضطرابات السياسية التى تشهدها البلاد قبل وبعد الثورة من أعمال عنف وتخريب نتج عنه هروب استثمارات سواء أجنبية أو محلية، وتراجع أعداد السياح مما أدى إلى تراجع العملة الأجنبية وارتفاع الفائدة على سندات وأذون الخزانة الحكومية. وأخيرا أكد هانى سرى الدين: نحن أمام طريقين الأول استغلال الاحتفال بذكرى 25 يناير وتشجيع الاستثمار خلال هذه المرحلة وعودة الأمن والاستقرار أو نسير فى الطريق الخاطئ ونستمر فى توقف عجلة الإنتاج واستمرار أعمال العنف والتخريب وكثرة الاحتجاجات وكل هذا يؤدى بنا إلى المصير المجهول للاقتصاد المصرى. * هروب ويرى محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أن كل الشائعات التى تثير الخوف والتوتر فى الشارع المصرى هى بمثابة ناقوس الخطر الذى يدق على أبواب الاقتصاد المصرى بجميع قطاعاته وخاصة البورصة المصرية لأنها تتسم دائما بمرحلة من الغموض على جميع الأصعدة فضلا عن مرحلة التباطؤ والركود المستمرة فى السوق المصرية بسبب استمرار الاعتصامات والاحتجاجات، بالإضافة إلى أن البورصة المصرية فى هذه المرحلة أصبحت أكثر حساسية تجاه الأحداث بسبب عدم الاستقرار والانفلات الأمنى فضلا عن أن هذه الأوضاع غير المستقرة أدت إلى هروب المستثمرين خوفاً من الأوضاع التى تمر بها البلاد والتى لعبت دورا ملموساً فى تعزيز الموجة البيعية، بالإضافة إلى أن البورصة ستظل مرهونة بما تتعرض له البلاد خلال الفترة المقبلة. وأضاف محسن أن هناك مخاوف أخرى تصيب قطاعات الاقتصاد فى مقتل فعلى سبيل المثال التخوفات المستمرة من صعود التيارات الإسلامية بالإضافة إلى التصريحات العدوانية للاقتصاد التى تؤثر سلبا على الاستثمار فى البورصة. * الشائعات!! وأكد أحمد آدم الخبير المصرفى فى البنك الوطنى أن القطاع المصرفى من أكثر القطاعات الاقتصادية التى تتأثر مباشرة بالأوضاع السياسية فى ظل أن مصر تعيش حالة من عدم الاستقرار والانفلات الأمنى فضلا عن أننا فى فترة الاحتفال بمرور عام على ذكرى الثورة مما أدى إلى انتشار الشائعات وإثارة الخوف من حدوث أعمال عنف وتخريب مما أثر على السيولة فى البنوك، وجعل معظم المودعين يقومون بسحب كم هائل من الأموال خوفا من أى ظروف تضر بأمن البلاد. وأضاف آدم أن الاضطرابات السياسية طوال العام أدت إلى تراجع ميزان المدفوعات وبلغ نحو 5,5 مليار دولار وانكمش ميزان المعاملات الجارية إلى 2.4 مليار دولار بالإضافة إلى تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر إلى 9,2 مليار دولار. وأشار آدم إلى أننا أمام كارثة حقيقية وهى عدم وجود صورة مستقبلية واضحة خاصة أن الاضطرابات السياسية تحدث بين حين وآخر مما يجعل القطاع المصرفى غير مستقر لأن الظروف غامضة أمامه فهذه المخاطر ذات خسائر كبيرة على القطاع، ففى تقرير صادر عن البنك المركزى كشف عن مدى تأثير إثارة الخوف والذعر على القطاع المصرفى فعلى سبيل المثال انخفض الاحتياطى الأجنبى لمصر بشكل حاد ليسجل نحو 1,22 مليار دولار وذلك بسبب تخوف المستثمرين من الأحداث غير المستقرة باستمرار. فضلا عن تخوف المستثمرين من صعود التيار الإسلامى وفرض قيود وضوابط غير واضحة على جميع المشروعات مما يصيب استثماراتهم بالخسائر الفادحة. * المخاطر!! وقال كريم سوس مدير مخاطر التجزئة المصرفية بالبنك الأهلى المصرى إن الظروف السياسية الراهنة وعدم وضوح الصورة والتى أدت إلى أعمال العنف وتلف الممتلكات من أكبر المخاطر التى تواجه البنوك وتهدد تعرض مدخرات المواطنين لمخاطر كبيرة إضافة إلى الركود الشديد الذى تعانى منه الأسواق فى جميع المجالات وعدم توافر السيولة بسبب الاحتجاجات المتتالية مما يؤثر على منتجات التجزئة المصرفية وبالتالى يكون هناك نسبة مخاطر عالية مع كل حدث من الأحداث. وبالإضافة إلى أن جميع البنوك دائما فى حالة ترقب مما يجعلها تفقد جزءاً من ثقتها وبالتالى ينعكس على شعور المواطنين بالخوف والقلق، فعلى سبيل المثال إحكام الرقابة والسيطرة على المخاطر فى الأنشطة أو الأعمال التى ترتبط أصولها بها كالقروض والسندات والتسهيلات وغيرها من أدوات الاستثمار مما يفقد الثقة المناسبة لدى المودعين والدائنين والمستثمرين التى دائما فى حالة قلق من ضياع أموالهم وتقليص الأرباح المطلوبة. وأضاف سوس أن الاضطرابات السياسية والظروف السيئة التى تمر بها السوق أدت إلى رفع سعر الفائدة عدة مرات على مدار العام فى ظل تراجع الجنية المصرى خوفاً من انتشار ظاهرة الدولارة، فضلاً عن ارتفاع التضخم والطلب الحكومى على القروض فى ظل أن الحكومة تعتمد على البنوك فى سد عجز الموازنة الذى تقدره الحكومة بنحو 431مليار جنيه، وكذلك كثرة الااعتصامات وغلق معظم المصانع هدد السيولة فى البنوك وأيضا انخفاض نسبة الإشغال فى الفنادق السياحية التى أجبرت البنوك على تأخير سداد مستحقاتها طوال الفترة الماضية وبالتالى يشكل عبئاً على الإقتصاد المصرى، لافتاً إلى انخفاض التصنيف الائتمانى لمصر مما ينذر ببدء موجة تضخمية تضرب الاقتصاد ويدفع فاتورتها القطاع المصرفى لأنه أمام خطر كبير بسبب عجز السيولة.