نزل إلى ميدان المعركة فى موقعة محمد محمود يوم 20 نوفمبر .. لينقذ الضحايا من الموت والرصاص والغدر بنقلهم إلى المستشفى الميدانى وإسعافهم.. لم يخش أن يقع هو نفسه فريسة لهم لنفس الرصاص والغدر والغباء والوحشية، وهو ما حدث. لم يكتفوا بإصابته برصاصتين فى المخ لكنهم انهالوا عليه بهراواتهم وعصيانهم على رأسه لكى يتأكدوا من موته تماما وكأنه صيد أو ثعبان والعياذ بالله يخشون أن يلدغهم وليس ملاك رحمة يلقى بنفسه إلى التهلكة لإنقاذ غيره ممن تصطاده بنادقهم وهراواتهم المكهربة والعادية. لولا تدخل زملائه لإنقاذه من تحت أيديهم وأرجلهم، نقلوه إلى قصر العينى الفرنساوى، ومن يومها وهذا الشاب البطل يرقد فى غيبوبة تامة والرصاصتان تستقران فى مخه ولم يستطع أى طبيب هناك استخراجهما من المخ لأنهما فى منطقة حرجة جدا وعلاجه يستلزم السفر للخارج، وبالتحديد السويد كما أكد استشارى جراحة المخ والأعصاب بالولايات المتحدةالأمريكية د. مصطفى الخشاب. أتحدث عن الشاب البطل معوض عادل معوض 20 عاما وطالب بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا. والده هو الدكتور عادل معوض الأستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر والأم هى السيدة نجاة صلاح الدين مدرسة بالتربية والتعليم وإخوته كلهم مهندسون وأطباء بخلاف العائلة التى معظم أفرادها أطباء.. أقول هذا التعريف لمن اتهموا هذا الشاب الجميل وغيره ممن كانوا فى محمد محمود ومجلس الوزراء بأنهم مخربون وبلطجية! المأساة لم تنته عند ذلك ولكن المشكلة أن الأسرة المحترمة حاولت قدر الإمكان وأنفقت كل ما لديها لعلاج ابنها فى مصر.. حتى إنها عرضت الشقة التى تسكنها للبيع، فالسفر للخارج أمر يصعب عليهم فقرروا طرق كل الأبواب ومنها صندوق رعاية المصابين، وللأسف لم يجدوا لهم مجيبا لا مجلس وزراء شافع ولا صندوق مصابين نافع، ولا مجلس عسكرى فاعل ويقولك احتفالات وهدايا وتعيينات ! لمين ياهوه! ومن المصاب معوض إلى مصابى العيون الذين فقدوا نور عيونهم لينيروا لنا طريق الخلاص والحرية ولكى نرى بعيونهم التى أظلم نورها المخلوع وولاده وعصابته فى القفص.. 3800 مصاب فى العين منهم 1800 فقدوا البصر تماما على يد فاقدى البصيرة فى ثلاثة مواقع ميدانية التحرير ومحمد محمود ومجلس الوزراء، كما أن المصابين كانوا هم أبطال الميدان، كان هناك أبطال آخرون فى ميادين أخرى وهم الأطباء الذين قاموا بأدوار رائعة ولايزالون وكانوا أكثر الفئات التى تفاعلت مع الثورة والثوار ومنهم الأستاذ الدكتور يحيى صلاح الدين والأستاذ الدكتور محمود سليمان، كلاهما أستاذ جراحة العيون بقصر العينى قاما ومازالا يقومان بدور عظيم فى علاج المصابين وجراحاتهم، ليس هذا فقط بل يعملان الآن على توثيق شهادات تلك الحالات صوتا وصورة وأيضا يعملون على ما يسمى إعادة التأهيل للمصابين وفاقدى البصر تماما تأهيلاً نفسياً وعملياً لمواجهة حياتهم الجديدة. قابلت بعض المصابين وفاقدى البصر فقد وجدت العشرات مثل حرارة وشعرت بمدى قوتهم وضآلة من يتعاملون معهم بهذا الإهمال والتجاهل!