ضم ميدان التحرير منذ 25 يناير جميع طبقات وأطياف الشعب، ومن الملاحظ أن رأس الحربة لتلك الثورة هو شبابها باختلاف أعمارهم للوصول إلى الحرية والكرامة فهم مرتبطون بمصر، ويتسابقون للوصول إلى الصفوف الأولى لحين انتهاء المعركة بالميدان، ومعظم هؤلاء الشباب لم تكن لهم تجارب سياسية من قبل. تحاورت صباح الخير مع بعض منهم حول ذكرياتهم مع الثورة ورؤيتهم ليوم 25ينايرالحالى. محمد السويركى: 30 سنة يعمل مدير مبيعات فى إحدى الشركات فى السعودية تصادف وجوده فى إجازة بمصر مع بداية الثورة، وحين سألناه عن ذكرياته عن الثورة قال: أنا لم أشارك من قبل فى أى مظاهرات أو اعتصامات، ولكننى كنت حزينا إلى ما وصلت إليه مصر من استعباد وفقر وغربة لشبابها، وهو ما كان يحزننى فعلى الرغم من أننى أعمل بمرتب جيد فى السعودية فإننى كنت غاضبا مما وصل إليه البلد من فقر وفساد وظلم، ولذلك فأنا كنت مع بداية الدعوة إلى الثورة كنت من أول المتفاعلين وسط أصدقائى بالدعوة، بل كنت أقنعهم بالنزول يوم 25 للتظاهر السلمى على الأقل لتوصيل طلباتنا إلى النظام وأنا من الشباب الذين أصيبوا يوم 28يناير بالخرطوش فى رقبته وهى لا تزال آثارها موجودة حتى الآن وأفتخر بها كثيرا وأعتبرها وساما على صدرى، وبعد مرور عام أرى أن النظام حتى الآن لم يلب مطالب الثورة التى نزل من أجلها يوم 25يناير الماضى وأن الثورة مستمرة حتى تحقيق مطالبها. أما عمرو الأنصارى - 28 سنة، يعمل بالسياحة - فيحكى عن ذكرياته فى الثورة قال: أنا أيضا لم يكن لى أى نشاط سياسى من قبل لأننى كنت أعتبرها غير مجدية، ولكن بعد الثورة التونسية التى فتحت بداخلى طاقة أمل جديدة وهو أن الشعب يستطيع إسقاط النظام فحلمت أنا وأصدقائى بتحقيق هذا اليوم فى مصر، وفى يوم 21 يناير جاء إلينا محمد صديقنا ليخبرنا بالدعوة على الفيس بوك بالنزول إلى الميدان يوم 25 يناير، وفى البداية كلنا سخرنا منه وقلنا لا نستطيع مواجهة الشرطة، ولكنه أصر على النزول حتى أقنعنا بذلك، وحين جاء يوم 25يناير تفاجأنا كلنا بالأعداد، وأعتبر ذلك اليوم هو بداية حلم جيل من الشباب الذين استشهد منهم الكثيرون وأصيب الكثير، ويقول عمرو: إن يوم 25 يناير هو انكسار حاجز الخوف وبداية حلمنا ومنذ يوم 28يناير كانت الملحمة الكبرى، أو كما كنا نعتقد فبعد خلع مبارك كنا نعتبرها أعنف المعارك، وأنها لن تتكرر، ورحل مبارك بعد 18 يوما وبمرور الوقت أحسست بعدم التغيير، خاصة بعد الاستفتاء فقررت المشاركة مع النشطاء والحركات الشبابية من دون الارتباط بها فأنا أرتبط معهم فى الأهداف، وهم فعلا من أنقى شباب مصر ولهم دور كبير بعد الله منذ بداية الثورة حتى الآن، أما عن الميدان فأنا أرى أن الميدان دائما يمر بلحظات ضعف ثم لحظات قوة، ولكنه دائما ينتصر، وأرى أن أحداث محمد محمود كانت من الأحداث المهمة التى انتصر فيها الميدان، فهى الموجة الثانية للثورة، وأنا منذ 25 يناير قررت عدم التخلى عن حلم الحرية والعدالة للشعب المصرى، فالميدان هو أكثر مكان فى مصر ترى فيه بلدنا الحقيقى، جميع الطبقات والفئات يدا واحدة وأهدافا واحدة ولا يمكن أن أنسى اتحاد الشباب وقت الحظر سواء يوم 28 يناير أو 2 فبراير أو أحداث محمد محمود أو مجلس الوزراء، ففى كل مرة كانت تزيد خبرتنا فى الكر والفر ووضع المتاريس لحماية الميدان وأحيانا كنا نقف كأمن على بوابات الميدان أو نجلس ونتحاور مع الناس فى الميدان لتوعيتهم بحقوقهم فأنا وأصدقائى دائما نذهب مع بعضنا يدا واحدة، وأحداث محمد محمود هى أكثر الأحداث التى سوف أتذكرها لأنه استمر العنف فى الميدان ونحن نواجهه حوالى 5 أيام، ولكننا استطعنا الصمود وإثبات أن أدوات القمع لم تعد ترهبنا، فنحن حددنا أهدافنا العيش بكرامة وحرية أو الاستشهاد. والصراحة أن أكثر من كان يشجعنى هما أمى وأبى اللذان بالرغم من خوفهما علىّ وهما يريان الشباب كل يوم يصاب أو يستشهد إلا أنهما كانا داعمين لما أفعله ومقتنعين بأننا على صواب وهو شىء رائع، لن أنساه لهما وأشكرهما على موقفهما، وبالرغم من أن كثيرين ممن كانوا معنا فى الميدان فى البداية تركونا فى وسط المعركة، لكننا سننتصر بإذن الله ولذلك أرى أن الكلام عن الاحتفال بالثورة هو هراء وعبث فحتى الآن، لم نكمل ثورتنا، ولذلك يوم 25يناير هو يوم ومحطة مهمة وجديدة من محطات قطار الثورة. هشام نصر- 27 عاما، موظف فى إحدى الشركات التجارية قال: إن الميدان بالنسبة لى هو مصر الحقيقية التى أحب أن أراها دائما، فكل شىء فى الميدان هو ذكرى لا تنسى، وأكثر ذكرى لا أنساها فى الميدان هو يوم 82 يناير الذى كشر فيه النظام عن وجهه القبيح! الأولى دائما وكنت دائما أرى أن وجودى فى الميدان هو وقت الحظر فقط، وحين أرى الميدان ممتلئا والشعب توحد على أهدافنا كنت أرحل على أن أعود مرة أخرى للميدان عندما يحتاجنى، ولم أكن أتخيل فى يوم من الأيام أن مصر سيحدث بها كل ذلك، وأكثر شىء لن أنساه فى الميدان هو توحد جميع التيارات فى الميدان أيام خلع مبارك وهو ما أتمناه من التيارات الدينية حاليا أن يعودوا معنا إلى الميدان، فثورتنا لن تكتمل وأهدافنا لم تتحقق. سالى مصطفى - مهندسة فى إحدى الشركات - وهى تقول: إننى على الرغم من أننى أعيش بمستوى جيد وأعمل فى شركة جيدة ولم أتعرض للظلم قبل ذلك، ولكنى كنت أرى لكل فقير فى مصر حقا فى رقبتنا وأننا مسئولون عنه، ولذلك لم أتردد حين قال لى عمرو عن الدعوة للنزول للميدان يوم 25 يناير كان هدفى الأول هو العدالة الاجتماعية والكرامة لجميع أفراد الشعب، فأنا كنت أشعر بالحزن حين أرى الفقراء والعشوائيات فى مصر، وأنا الصراحة دورى فى الميدان هو دور أراه واجبا على كل مصرى يعيش حياة جيدة فى مصر لأنه بذلك مدين لذلك البلد وليس مبررا للسلبية والرغبة فى استمرار النظام، وأنا أذهب إلى الميدان حين يحتاج شبابه، وفى كل مرة أقوم بشىء جديد لم أفعله من قبل فأحيانا أشارك مع الأطباء وأساعدهم فى المستشفى الميدانى على الرغم من أننى مهندسة، ولكنى الآن عندى خبرة جيدة فى الإسعافات الأولية، وأحيانا أجد أن دورى يكون فى مد الثوار المتواجدين فى الصفوف الأمامية بالمياه والمساعدات كالكمامات والسوائل التى كنا نعملها لتخفيف آثار القنابل المسيلة للدموع خاصة فى أحداث محمد محمود، وأنا أومن أن دور البنت المصرية فى الثورة كان مهما جدا ومؤثرا ولا أنسى مسيرة النساء بعد أحداث مجلس الوزراء والتى أعتقد أنها أعطت قبلة الحياة للثورة فى وقت من أصعب أوقاتها لتوصل للسلطة أن بنات مصر خط أحمر، وأتمنى أن تنجح ثورتنا التى لم تنته إلا حين يشعر المصريون بالعدالة والكرامة الحرية. محمد نافع - 29 عاما، يعمل محاسبا فى أحد البنوك، وهو من المصابين يوم 28 يناير وأحداث 19 فبراير فى محمد محمود - ويقول: أنا دائما ما تأتى الرصاصات المطاطية إلا فى وجهى ولكننى الحمد لله لم تحدث لى إصابة خطيرة حتى الآن، ولكن كل رصاصة أو قنبلة من القنابل المسيلة للدموع لا تصيبنى وإنما تزيد إصرارى على إكمال المشوار حتى تحقيق جميع أهداف الثورة، فهذا ما تعلمته من والدى وهو أحد الضباط فى الجيش المصرى فى حرب 1973، وهو من تعلمت منه معنى البطولة والافتداء لكل الوطن. كل شهيدأو مصاب من مصابى الثورة هو أخ لى، ولن أترك حقه يضيع، ولذلك 25يناير الحالى هو ليس احتفالا بالثورة أبدا فليس هناك شىء نحتفل به، وأنا مع استكمال ثورتنا وحمايتها من السرقة.