(اكسر... اضرب... احرق) هذا هو شعار بعض الفئات المندسة فى الأحداث الأخيرة لمجلس الوزراء، فعندما تتجول داخل ميدان التحرير خلال الأيام الأخيرة، تجد مشهداً فريداً من نوعه وهو قيام بعض الفئات المأجورة والتى يبدو من ملامحها أنهم (أطفال الشوارع وصبية لم تتجاوز أعمارهم الخمسة عشر عاماً (بنات وبنين) يتسابقون فى تكسير البلاط ويتدافعون فى حمله.... مشهد يشعرك بالأذى والحزن على الدمار الذى يلحق بالمنشآت العامة وما هى إلا خطوات واقتربت لكى أستفسر منهم عن تعمدهم لتكسير البلاط المتواجد فى أركان الميدان.... ولكننى للأسف لم أجد منهم سوى اعتراضات شديدة لرفضى لما يقومون به.... الأمر الذى كاد أن يصل إلى اشتباك بيننا.. والمدهش فى الأمر أن كل من يحاول من المارة الحديث معهم بهدوء للرجوع عن هذا الأمر لا يجد إلا لهجة حادة فضلاً عن بعض الأناس الذين يقفون بجانبهم ويقومون بإشعال الموقف وتسخينه. هذا فى الوقت الذى شب فيه حريق بالقرب من مجمع التحرير نتيجة اقتحام الجيش المتكرر لميدان التحرير وإلقاء المتظاهرين الشماريخ رداً على إطلاق الشرطة العسكرية النار عليهم. ولعل السؤال الذى يطرح نفسه ما الموقف لو وصلت أى حرائق إلى مجمع التحرير، وتكرار مأساة المجمع العلمى، ومبنى هيئة الطرق والكبارى. فلقد أصبحت المنشآت الحيوية فى منطقة وسط البلد فى مهب الريح ومهددة بأى حرائق متوقعة من بعض الفئات التى ترغب فى تأجيج الأحوال فى مصر. واقتربت من بعضهم للحديث معهم فقالت إحدي الفتيات لي »طبعاً لازم نلم الطوب ونضربهم زي ما هما بيضربونا« وسألتها؟ ماذا تقصدين »بيضربونا« قالت لي الجيش اللي واقف هناك وإذا بآخر يقف بجوارها ويمسك بالبلاط المكسر ليقوم بكسر الآخر بكل عنف وكراهية وسألته لماذا تأتي إلي ميدان التحرير لتشارك في الخراب فرد قائلاً: »يعني أجيب طوب منين عشان أضرب فلازم أكسر اللي موجود«. وبعد قليل وجدت إحدى الفتيات تريد أن تقوم بتصويرهم إلا ووجدت العديد منهم يعترض وكادت أن تصل إلي مشاجرة، وقال أحد الأولاد إننى هنا منذ يومين وأقوم بتكسير البلاط لكي أقوم بالضرب. ففى عهد النظام السابق عند حدوث مشكلة أو أزمة أو كارثة كان الفاعل معروفاً إما أن يكون شخصاً مختلاً عقلياً أو ماس كهربائى فى حال نشوب حريق ولكن مع تكرار الأزمات أصبح من السذاجة أن يصدق العقل المصرى إلصاق التهمة بنفس الشخص ولكن هذه الأيام من غير المنطقى أن يظل الجانى دائماً وأبداً مجهولاً لأن الجانى يستحيل أن يكون فى كل مرة خارق الذكاء ولا يترك خيطاً واحداً لإدانته أو أن نكون نحن فى منتهى الغباء لعدم الكشف أو التوصل لدليل الإدانة ومن الغريب والعجيب أن تمر مصر بأحداث مدوية وفى غاية الخطورة تهدد أمن وتاريخ الوطن ويبقى الجانى فيها مجهول الهوية والمصدر بدءاً من أحداث كنيسة القديسين بالإسكندرية وبعد الثورة اقتحام أقسام الشرطة والسجون مروراً بموقعة الجمل وقتل المتظاهرين والسيارة الدبلوماسية وموقعة الجلابية وموقعة العباسية وأحداث مسرح البالون وأحداث السفارة الإسرائيلية وأحداث محمد محمود وأخيراً حرق المجمع العلمى وأحداث مجلس الوزراء وشارع قصر العينى لتظهر ألف علامة استفهام. فى الحقيقة بعد اندلاع كل كارثة نسمع عن بدء التحقيقات من النيابة العامة ولكن لا تخرج للنور أى تقارير عن نتائجها لتقيد ضمنياً ضد مجهول ولكن إلى متى سيظل هذا المجهول مجهولاً مستتراً وإلى متى ستظل الأيادى الخفية تعبث بأمن واستقرار الوطن!! فلم يتم إلى الآن محاسبة من قتل المتظاهرين أو حتى المتسبب فى قتلهم أو معرفة دوافع قتلهم ولم يتم إلى الآن محاسبة من قام بالتعدى على ممتلكات الدولة مما جعل البعض يتمادى فى فعلته لعدم وجود رادع فعال. لابد من التحرك بجدية والعمل بحزم وذكاء نحو الكشف عن هوية المتسبب الحقيقى فى تأجيج وإثارة الفوضى وأحداث الدمار والخراب التى تعم البلد بعد كل استقرار نسبى تشهده البلاد ويجب أن نضع أيدينا على العناصر والأيادى الخفية التى لها مصالح فى تدمير هذا الوطن ومحاولة إغراق البلاد فى فوضى عارمة لأنه من الواضح أن هناك طرفاً ثالثاً يحاول دائماً إثارة الفوضى والوقيعة بين الشرطة والشعب ومن بعدها بين القوات المسلحة والشعب وأيضاً بين الشعب والشعب. لقد أثبتنا أننا شعب فاشل فى الاعتصام وفاشل أيضاً فى فض الاعتصام، فالاعتصام له قواعد بألا تغلق الشوارع والميادين وألا يؤثر ذلك على عجلة الحياة والإنتاج وألا تعطل المصالح، وفض الاعتصام له قواعد أيضاً فى التنبيه أولاً والتحذير ثانياً وإنذار أخير قبل ملاحقة غير الممتثلين والخارجين عن القانون، أتمنى أن نتعلم جيداً من دروسنا وألا نقع فى نفس الخطأ وأن نحافظ على ممتلكاتنا وتراثنا وأن يتم معاقبة كل المتورطين والذراع المدمر فى هذه الأحداث حتى تهدأ الأمور وترجع إلى نصابها وحتى تستقر الحياة ونشعر بالأمن والأمان رغم أنف الحاقدين.