كلما استطاع الفنان التشكيلي التفاعل مع الأحداث السياسية والاجتماعية الجارية من حوله كان أجدر علي استشراف رؤية مستقبلية لما يحدث، وفي ظل الأجواء التي تعيشها مصر حالياً والمصير الذي ينتظر ثورة 25 يناير كان من الضروري أن نسلط الضوء علي أعمال فنانين تشكيليين ظلا طيلة تجربتهما الفنية منصهرين مع المجتمع وناسه وأحداثه الأول هو الفنان الكبير عصمت داوستاشي الذي يقدم معرضا استعاديا بقاعات متحف محمود سعيد بالإسكندرية والآخر هو الفنان محمد الناصر الذي يحتفي بناس الثورة في معرضه الجديد بقاعة بيكاسو بعنوان «مصر تشرق من جديد». • قبل وبعد ولنبدأ بداوستاشي الذي قدم في معرضه الجديد 35 لوحة مرسومة بخامة الزيت بعنوان «لوحات قبل وبعد الثورة» و30 لوحة أخري بعنوان آخر لوحات حامل الرسم، والمعرض يضم مجموعة من لوحات داوستاشي التي رسمها خلال عامي 2010 و2011 وسبق عرضهما في معرضين منفصلين بالقاهرة من قبل ولكنه هذه المرة يجمعهما في معرض واحد ليعبر عن رأيه فيما يحدث من أحداث سياسية واجتماعية تضاف إلي تفاعله مع تلك الأحداث ومحاولة تقديم رؤية فنية تشكيلية لمستقبل البلد ومصير ثورته التي بدأت قوية وزاهية ثم اعتراها الكثير من المعوقات والمنغصات التي جعلت داوستاشي في حالة من القلق والخوف علي الثورة وهو ما بدا في ألوانه ومضامينه التي أراد من خلالها أن يقول إن الإجراءات الإصلاحية لاتزال غير مكتملة وغير واضحة، كما يعكس خبرته ويحاول أن يوصل ما يشعر به وهو هنا- أي داوستاشي- يستمد أعماله من مستودع خياله وخبرته العريضة وأحاسيسه الفياضة ومشاركته في أحداث الثورة بالمشاركة والمتابعة والترقب. • ناس الثورة أما الفنان محمد الناصر الذي اشتهر برسم القاهرة التاريخية والحارة المصرية بالتأكيد علي ناسها الطيبين الفقراء، فقد أراد أن ينتصر في معرضه الجديد «مصر تشرق من جديد» لهؤلاء الناس بعد مرور 40 أسبوعا بالتمام والكمال علي ثورة 25 يناير حتي يري من خلال أعماله أن الحال تبدل وتغيرت الأحوال بعد الثورة التي مثلت تاريخا فاصلاً وفارقًا وعلامة للنضال حيث أشرقت الأرض بنور ربها في زمان ساد فيه الاعتقاد بالاستحالة. ويضيف أنه ظل يرسم ناس مصر الطيبين الفقراء الشرفاء طوال سنوات، ولكنه بعد الثورة تغيرت رؤيته وتبدلت، وظهر ذلك علي المحطات المتنوعة التي ضمها معرضه الجديد، حيث قادته تلك الرؤية إلي منظور جديد دفعه إلي رؤية تلك المفردات من الشخوص والأماكن بشكل مختلف. ورغم الأحداث الأخيرة التي تشي بالقلق والخوف علي مصير البلد يري الناصر أنه لايزال علي انحيازه لتلك الوجوه باعتبارها «مرآة للنفس ومفتاح الشخصية» حيث تعتبر الوجوه التي يرسمها ركيزة أساسية في كشف واكتشاف الشخصيات، بل إنه يراهن عليها ويراها مع آلاف الشباب المتجمعين في التمديد هي الوقود الذي يجعل الثورة مستمرة إلي أن يحقق مطالبها ونري بلدنا في أفضل وضع بناسه الذين يستحقون حياة أفضل وأجمل.