لو كنت وزيرا للتربية والتعليم كيف ستبدأ فى وضع منظومة التعليم وما هى أهم المحاور لإنجاح ذلك؟.. سؤال طرحناه على الخبراء المختصين فى العملية التعليمية فكان ردهم كالتالى : الأستاذ كمال مغيث باحث بالمركز القومى للبحوث التربوية يقول: إن التعليم يجب أن تقوم منظومته على ما يسمى فلسفة التعليم قبل إصلاح حال المعلم والمبنى وإقامة إدارة للجودة فكله يصب فى ذلك الهدف البعيد، فلسفة التعليم بمعنى أن تعلم لماذا يذهب أولادك للمدرسة ؟! وهو جزء غاب عن اهتمام الوزراة والرأى العام، وأصبح التعليم ليس له معنى، فالولد يتعلم ليصبح مهندسا أو محاميا و( خلاص ) وبلورة فلسفة التعليم تقوم على 4 أهداف عصرية فى كل دول العالم: أولا : الإعداد لرؤية علمية ومنهج علمى لقضايا الكون والطبيعة. ثانيا : الإعداد للثقافة فخريج التعليم يجب أن تكون له القدرة على التعامل مع مفردات العصر، فمعانى مثل الغزو الثقافى - البرلمان - الثورة يجب أن يتكلم عنها المتعلم بطريقة تختلف عن جدتى ووالدتى وليس المطلوب أن يكون طه حسين، ولكن ملماً بأدوات العصر وفاهم (الدنيا فيها إيه). ثالثا : المواطنة، فالشعب المصرى ليست أصوله واحدة فهناك تنوع على أسس طبقية واقتصادية ودينية ويجب أن يتم تحويل انتمائه الأصلى إلى أنه مصرى. رابعا: المهنية فالولد فى أولى ابتدائى يجب أن يعرف القراءة والكتابة وهذا محور وليس كل المحاور. على الوجه الآخر يجب أن نعلم لماذا لا يؤدى التعليم فى مصر دوره المعترف به على مستوى العالم وفى رأيى أن أسباب تدهوره الآتى: أولا : أنه رخيص فلا يصرف عليه فرصيد الطالب من العملية التعليمية 2000 جنيه سنويا 80% منها أجور مدرسين بمعنى أن نصيب الطالب 400 جنيه خلال شهور السنة أى 35 جنيها فى الشهر، وهو ما لا يكفى (سندوتش) هذه الأيام. ثانيا :التعليم فى مصر كهنوتى بمعنى أن الدولة مهيمنة هيمنة كاملة مع أن المعلومة هى سيدة الموقف، لذا فى الخارج يمكن أن نحصل على الدكتوراه فى سن 17 سنة أما هنا فالموضوع بالأقدمية كالجيش. فالمفروض يوضع نموذج أسئلة من يجيب عنها فهو فى مستوى بكالوريوس أو دكتوراه. وهذا التعليم الآمن من جهة الدولة المهيمنة لا يعلم أن أمخاخ الأولاد كمبيوترات محددة إذا تحكمت فى مدخلاتها يمكنك التنبؤ بمخرجاتها. فالكلام الفارغ كسوء التغذية لن يقوم الطالب. أما عن كيفية الخروج من هذا النفق فيقول الأستاذ كمال مغيث: (أولا) الحل والمحور للعملية هو المدرس فالمدرس المحبط اليائس يفسد أحسن نظام ومعمل وامتحانات، بينما الواثق من نفسه والراضى عن مهنته يعلم الأولاد ولو على قارعة الطريق فيجب أن نبدأ بحجر الأساس المعلم من المرتب والنظام الفعال للإشراف والمراقبة عليه، وليس مثل النظام الورقى الشكلى القائم. وأن يكون هناك نظام ترقية فعال وليس نظام الامتحانات السخيف القائم على امتحانات للمدرسين نضع لهم أسئلة على شاكلة ( كم إصبع للقط) وتعطى له مكافأة جيدة وشهادة بعد 6 أشهر أو سنة. وأن تكون له نقابة محترمة لتحتضن أهم مهنة فى الدنيا، فالمدرسون عددهم يماثل أعداد الأطباء والمحامين والمهندسين مجتمعين فى نقاباتهم وهى للأسف تمثل بؤرة صديدية واستنزافا للأموال. فالنقابة لم تعلن رأيها صراحة فى الإضراب أو امتحانات الكادر إلى الآن. ثانيا: إن العملية التعليمية يجب أن تتغير فالأسلوب نفسه فى الفصول يجب أن يقوم على شكل ورشة عمل فيه تواصل.. والمدرس منسق لما يقوم به الأولاد وليس كلمتين نسمعها فى كتاب وخلص الموضوع، فيجب أن تكون هناك مناقشة ومشاريع بحثية فيكون شعار العملية التعليمية اسأل - لاحظ - فكر - حلل، بدلا من أحفظ - سمع. ثالثا : تطوير الامتحان نفسه فقد تحول الامتحان لثقوب سوداء كالتى فى السماء وهى نجوم استنفدت طاقتها وتحولت إلى ما يشبه البلاعة تلتهم أى كواكب أو أشعة حولها، فتلقى بأى معلومة مادامت لن تأتى فى الامتحان !!