15 مليار جنيه يدفعها 800 ألف مصرى سنويا فى الحج والعمرة.. رقم كبير يمثل ضغطا كبيرا على الاقتصاد المصرى، حيث يتم اقتطاعه من الاقتصاد المصرى الذى يحاول النهوض، 15 مليار جنيه يمكنها أن توفر عشرات الآلاف من فرص العمل للشباب اللاهث وراء فرصة عمل ولو صغيرة.. ال 15 مليار جنيه هذا هو الرقم الرسمى، يضاف إليه عدة مليارات أخرى تنفق فى شراء الهدايا والأجهزة الكهربائية وتشحن على الطائرات ومعها تتولد أزمات الوزن الزائد والمشاحنات بين المعتمرين والركاب من ناحية وشركات الطيران من ناحية أخرى !! والغريب أن الحكومة المصرية نفسها تفرض إتاوات على شركات السياحة التى تعمل فى سياحة الحج والعمرة، وتفرض عليها مبالغ طائلة تتجاوز ال120 مليون جنيه من أجل الحصول على التأشيرات، مما يساهم فى رفع أسعار الحج والعمرة يتحملها البسطاء، وتمثل ضغوطا على المعيشة فى مصر نتيجة انخفاض قيمة الجنيه أمام الريال، فهل من الأفضل توفير هذه الأموال بعد العمرة أو الحج الأول لتستخدم فى تنمية المجتمع، أو استخدامها فى أعمال الخير أو فى دعم التعليم أو الصحة؟! أسئلة كثيرة مطروحة للحوار المجتمعى.. للوصول إلى أفضل السبل التى تحقق أهداف الفرد واستقرار المجتمع. * فخ!! أكد ناصر تركى نائب رئيس غرفة شركات السياحة ورئيس لجنة السياحة الدينية أن نسبة زيادة أعداد المعتمرين أو أعداد الحجاج فى تزايد مستمر فخلال ال 3 سنوات الأخيرة بلغت حوالى 20% مقارنة بالأعوام السابقة، أما بالنسبة لأعداد المعتمرين هذا العام فقد شهدت إقبالا شديدا، حيث وصلت نحو 30% ارتفاعا مقارنة بالعام الماضى مما يعد أحد الأسباب فى أزمة التكدس الحالية فى مطار جدة ومطار القاهرة الدولى. ففى النصف الأول من العام بلغ عدد المعتمرين نحو 5 ملايين معتمر ومتوسط مصروفات كل حاج أو معتمر يصل إلى 000,10 ريال حوالى 15 ألف جنيه مصرى، يضاف إليها مصروفات الإقامة والنقل إذن فالاقتصاد المحلى لا يحقق دخلا من مواسم الحج والعمرة مما يجعلها عبئا اقتصاديا على الاقتصاد المصرى، فحجم الأموال المصروفة على الحج والعمرة تصل إلى 640 مليار ريال سنويا مما يزيد من إجمالى إيرادات المملكة العربية السعودية من النفط والغاز الذى يصل إلى 470 مليار ريال فقط وهو يعتبر أكبر منافذ الدخل للمملكة العربية السعودية بالإضافة إلى أن كل حاج أو معتمر ينفق حوالى 50% من إجمالى المصروفات على الهدايا من أجهزة إلكترونية وملابس وغيرها مما يعود بالنفع على ارتفاع مقدار العائد الاقتصادى فى جميع القطاعات فى المملكة العربية السعودية، خاصة أن جميع الدراسات تشير إلى أن المصريين من أكثر شعوب الدول التى تقبل على الشراء على الرغم من أن السعودية تستورد المنتجات والسلع المختلفة لتوفير احتياجات المعتمرين والحجاج من الهدايا. وبالتالى يقع الحاج أو المعتمر فى فخ المنتجات أغلبها صينى، ذات جودة رديئة. ويضيف تركى أن هناك فخا آخر يقع فيه المواطن المصرى، لأن هناك أثناء رحلتى الحج والعمرة تبرعات إجبارية تدفعها شركات السياحة للحكومة، وهى عادة ما تصل إلى 120 مليون جنيه مصرى على الرغم من أنها منحة من المملكة العربية السعودية، وبالتالى تقوم شركات السياحة بجمعها من خلال سعر التأشيرة الذى بلغ نحو 12 ألف جنيه، ومن هنا يتحملها المواطن المصرى البسيط وهو أحد الأسباب التى تؤدى إلى ارتفاع أسعار الحج والعمرة. وأخيرا أضاف تركى أنه خلال الفترة القادمة سوف تعقد عدة اجتماعات مكثفة لوضع أفضل السبل لضمان عدم تكرار هذه الأزمة مرة أخرى مع اقتراب موسم الحج، وأيضا الوصول إلى الطرق الإيجابية التى تضمن عدم تعرض الحجاج والمعتمرين لأى متاعب فى رحلات العودة بالإضافة إلى أن هناك تعاونا بين بعثة وزارة السياحة والغرفة بمكةالمكرمة تشرف على تنظيم حركة الطيران لضمان القضاء تماما على الزحام الشديد والزائد فى رحلات الحج والعمرة. * صراع! ومن جانبه يرى عادل فريد رئيس غرفة شركات السياحة أن موسم الحج والعمرة فرصة ذهبية تسعى المملكة العربية السعودية لاقتنائها بشتى الطرق لأن متوسط دخل السعودية من الحج والعمرة يصل إلى 700 مليار ريال سنويا مما يرتقى بحال الاقتصاد السعودى ويرفعه إلى أقصى درجة، فضلا عن جميع الخدمات التى يحتاجها الحاج أو المعتمر أثناء فريضة الحج أو العمرة من اتصالات وطعام ونقل وغيرها من المتطلبات الشخصية مما يرفع من العائد الاقتصادى للمملكة. أما عن أن مصر هى الدولة الوحيدة التى يصل فيها سعر الحج إلى 25 ألف جنيه مصرى فى حالة القرعة وفى نفس السياق وصلت العمرة من 9 إلى 15 ألف جنيه مصرى يقول فريد إن هناك عدة أسباب لارتفاع أسعار الحج والعمرة فى مصر. أولا : قيام السلطات السعودية بإضافة بعض الإجراءات التى تزيد من ثمن التأشيرات بالإضافة إلى ارتفاع أسعار تذاكر الطيران وشركات السياحة ثانيا : القرار السعودى الذى أعلنته المملكة العربية السعودية بخفض حصة مصر من التأشيرات بعد أن كان 320 ألف تأشيرة إلى 100 ألف تأشيرة فقط مما أدى إلى قيام حالة الحرب بين الشركات السياحية للحصول على التأشيرات مما أدى إلى زيادة فى أسعار الحج والعمرة سنويا تصل إلى 50% مقارنة بالأعوام السابقة وأيضا مقارنة بالدول الأخرى. ثالثا وأخيرا أن أسعار الغرف فى الفنادق بمكة تصل إلى 38 ألف ريال يوميا بالإضافة إلى أن هناك أكثر من 8 مليارات ريال سنويا توسعات فى مكة تضاف بشتى الطرق على أسعار تأشيرات الحج والعمرة. فكل هذه الأسباب جعلت أسعار الحج والعمرة فى تزايد مستمر. وأضاف فريد أنه لابد من وضع عدد من الضوابط الإيجابية التى تقف سدا منيعا أمام جميع العوائق التى دائما ما تقف أمام الحاج والمعتمر. * أزمة !! ويقول الخبير السياحى أشرف شيحة إن شركات السياحة هى المتضرر الأول والأخير من زيادة أزمات الحج والعمرة المتزايدة سنويا لأن تحديد عدد محدد لكل شخص فى العمرة والحج يزيد من المنافسة بين الشركات وبالتالى ترتفع أسعار الحج والعمرة للحصول على تأشيرات. فهذا يؤثر بشكل مبالغ على الأعداد التى تسافر تحت إشراف شركات السياحة ويتجهون إلى حج الجمعيات الأهلية أو العمرة أو ينساقون وراء الأسماء المشهورة فى رحلات الحج والعمرة. وأضاف شيحة أن فرض الضريبة على الحج والعمرة ما هو إلا تعمد من السلطات السعودية عندما تضع ضوابط للمعتمرين المصريين ويرجع ذلك إلى أن وصلت نسبة المعتمرين المصريين إلى 95% مقارنة بالشعوب الأخرى فى جميع أنحاء الدول لأن المصريين أكثر الناس الذين يتهافتون على أداء مناسك العمرة وصرف المبالغ الباهظة فى شراء الهدايا على اعتبار أن هذه المنتجات تتمتع بأسعار رخيصة جدا فى ظل ارتفاع الأسعار التى تشهدها مصر. * فجوة !! وأكد الدكتور أحمد جلال رئيس المنتدى الاقتصادى للبحوث الاقتصادية أن رحلة الحج والعمرة تؤثر سلبا على الاقتصاد القومى، ويرجع ذلك لعدة عوامل سلبية يفرضها الاقتصاد، لعل أبرزها ضعف قيمة الجنيه مقابل الريال السعودى مما يؤدى إلى حدوث تضخم فى الإنفاق بالإضافة إلى أن الأموال التى تصرف فى رحلتى الحج والعمرة بدءا من التأشيرة وتذاكر الطيران إلى الهدايا وغيرها فكل هذا يقلل الادخار القومى فكلما قل الادخار حدث فجوة بين الادخار والاستثمار ومن هنا تلجأ الدولة إلى الاقتراض فتبلغ نسبة الادخار 14% من المنتج وهناك 25% استثمار إذن هناك 11% عجز أو فجوة استثمارية، وبذلك يصعب توجيه هذه النسبة للاستثمارات، فمصر وحدها تضخ أكثر من 34 مليارا سنويا فى الاقتصاد السعودى مما يؤثر سلبا على اقتصادنا المصرى. فالعمرة تكلف مصر عدة مليارات من الجنيهات فضلا عن أنها فى تزايد مستمر، فهذا العام شهد إقبالا ملحوظ على الرغم من الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر بعد أحداث يناير، ويرجع السبب إلى أن كثيرا من الناس تخيلوا أن تنخفض اسعار العمرة بسبب الأحداث التى تمر بها البلاد مما أدى إلى حدوث علاقة عكسية بين أسعار العمرة والأحداث الاقتصادية وتفاقمت الأسعار وزادت الأزمة إلى حد أن الحجز كان شاملا تذاكر الطيران والإقامة فقط بدون الطعام، ومن هنا نجد أن السلطات السعودية استغلت الموقف لصالحها. ووقع المعتمرون فى الفخ. وأضاف د. جلال إن حوالى 30 مليار جنيه مصرى أى ما يعادل 5 مليارات دولار تم إنفاقها على العمرة. فمن الأفضل أن ندخر هذه الأموال الباهظة فى تنمية وخدمة المجتمع فمن الممكن أن ندخر هذه الأموال فى البنوك كودائع، بحيث تتاح فرصة إمكانية توظيفها فى خدمة المجتمع وزيادة الإنتاج وفتح أسواق مصرية فى جميع دول العالم بحيث ينهض بالاقتصاد المصرى أو يضمن محاولة إعادة هيكلة المؤسسات التعليمية والصحية وغيرها، فرحلتا الحج والعمرة تؤثران تأثيرا سلبيا على ميزان المدفوعات والنقد الأجنبى. أما عن فرض ضريبة على الحج والعمرة بعد المرة الأولى فهو (رد اعتبار) تفرضه المملكة العربية السعودية، نظرا لتحايل المصريين على هذه الضريبة بشتى الطرق فعلى سبيل المثال من خلال الزيارات فلا تعلم السلطات السعودية أنهم سوف يؤدون رحلة عمرة أو حج وبذلك تكون السلطات السعودية قد ضمنت حقها من جميع النواحى.