على مدى سنوات طويلة ماضية عندما كنا نستعد لاستقبال العيد كنا نتفنن كشعب ابن نكتة سابقا فى إعداد رسائل تهنئة بالعيد ولكنها لم تكن مجرد رسائل لتبادل التهانى والأمنيات الطيبة فقط بل كانت معظمها رسائل ساخرة موجعة يمتزج فيها الألم بروح الدعابة لترتسم فى النهاية على الشفاة ابتسامة تقطر حزنا تسخر من واقع مظلم ومستقبل يكتنفه الغموض. فلطالما سخرنا من العيد النظيف الشريف الذى تزخر أيامه بالعز والسرور والجمال وتصورنا أنه سيكون عيدا مباركا إلى الأبد! لكن ها هو العيد يطرق أبوابنا هذا العام وقد تبدلت الأحوال أخيرا والحمد لله. تخيلوا أن يجىء عيد بلا شريف ولا سرور ولا عزمى ولا نظيف.. عيد بلا عز ولا جمال ولاعلاء.. بلا سوزان ولا هايدى ولا خديجة. والأعظم أنه بلا مبارك. أكاد لا أصدق أنه بعد 30 عاما تغيرت الأحوال وغابت وجوه كنا نظنها أنها قدر لا مهرب منه وأنها ستظل جاثمة على قلوبنا وفى بلادنا إلى مالا نهاية لكن رحمة الله بنا كانت عظيمة.. ودم شهداء الوطن الأبرار كان غاليا وإرادة شعبنا التى لم تنكسر كانت هى الأعظم وتحقق الحلم.. وانزاحت الغمة وطويت صفحة الفساد الأعظم الذى ساد البلاد وحرض آلافا من مواطنى هذا البلد العظيم على الفسق والفجور.. ليكونوا فى خدمة كبار الفاسدين وعبيدا لأطماعهم التى لا تنتهى. أكاد لا أصدق أننا نستطيع الآن أن نرفع رءوسنا ونقول فى فخر وليس على استحياء أننا مصريون ونجد فى عيون الآخرين نظرة احترام وانبهار وإعجاب لكوننا فقط مصريين. أكاد لا أصدق أننا رغم ما نعانيه من أزمات ومشاكل واختلاط فى الرؤى وضبابية فى المشهد السياسى أننا أخيرا استرددنا وعينا الذى حاولوا تزييف سنوات وسنوات واسترددنا قدرتنا على الحلم بغد مشرق لأولادنا ولوطننا نأمن فيه على أنفسنا. إننا اليوم ونحن نعيش عيدا حقيقيا لا نملك سوى أن نترحم على أرواح شهدائنا وندعو لهم بالرحمة والجنة ونعاهدهم بأن نقبض على حلمهم لهذا الوطن بغد مشرق ونسعى جاهدين لتحقيقه على أرض الواقع فى أقرب وقت ممكن. فهؤلاء الأبرار قد منحوا مصر ومنحونا لأول مرة منذ سنوات طويلة فرحة حقيقية بالعيد. ومصر اليوم فى عيد..