في أول دراسة تتناول العلاقة بين الشرطة والشعب بعد ثوره 25 يناير تحت عنوان «المؤسسة الشرطية وأمن المجتمع المصري» طرحت الدكتورة سهير عبد المنعم المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية رؤيتها لكيفية تهيئة الظروف لعودة الشرطة للمجتمع. وأرجعت الدراسة القصور الذي عانت منه المؤسسة الشرطية إلي تعمد السلطة السياسية تضخيم جهاز الأمن السياسي بتلك المؤسسة بما ورط المؤسسة كلها لحماية ديكتاتورية القلة، كما تجاوز الأمر ذلك ليطغي التنظيم غير الرسمي باستخدام الحزب الحاكم لذلك الجهاز والسيطرة علي المؤسسة ذاتها. وأضافت: أن الأزمة تفاقمت مع استخدام الحل الأمني منفردا لقمع ثورة الغاضبين وما ترتب علي ذلك من شهداء ومصابين وانفلات أمني يعاني المجتمع من تداعياته السلبية حتي الآن مما أضر بهيبتها. وطالبت الدراسة بضرورة تخفيف الأعباء عن المؤسسة الشرطية وذلك من خلال إعادة النظر في الأجهزة الخدمية ليقتصر فيها العمل الأمني علي الإدارات العليا فقط لضمان الضبط والتنسيق علي أن يتولي العمل مدنيون وتقاسم مسئولية قطاع السجون مع وزارة العدل، وذلك بالفصل بين التبعية والإدارة لتتولي وزارة العدل ذلك القطاع وتبقي الإدارة للشرطة بما يضمن فاعلية الرقابة علي التنفيذ العقابي وحقوق الإنسان والفصل بين أعمال الضبط الإداري والجنائي ولو علي مستوي التنفيذ علي غرار التجارب المقارنة في بلاد أخري.. ودعت الدراسة إلي ضرورة الإسراع في عودة التسامح الاجتماعي والتعاضد مع الشرطة بالانتهاء سريعا من محاكمة القيادات العليا التي استقطبت من قبل النظام السابق بهدف امتصاص الغضب الشعبي. وشددت الدراسة علي ضرورة تهيئة الظروف لعودة الشرطة للمجتمع وهو ما يتطلب استنهاض ''الدور الرائد لأكاديمية الشرطة'' بمراكزها المتخصصة وخاصة مركز بحوث الشرطة بما يساعد في تأهيل كوارد العمل الشرطي للعودة لحفظ الأمن لمجتمعهم ولنقل المؤسسة الشرطية من عصر السياسة إلي عصر العلم والمهنية الأمنية.. وأوصت الدراسة بضمان كفاءة المؤسسة الشرطية وحيادها، وذلك بمعالجة العوامل التي أدت إلي أزمتها، وهي كالتالي ''التأكيد علي استقلالية المؤسسة الشرطية في أي نص دستوري يرد بشأنها والنص علي أنها ملك الشعب مثلها في ذلك مثل القوات المسلحة والحد من المركزية المطلقة في عمل الشرطة بتفويض بعض الأعباء الأمنية للمحافظات واعتماد المبادئ الحديثة لإدارة الدولة والمجتمع التي تقوم علي الشفافية في التخطيط والمشاركة في الأداء في إطار الطابع النظامي للمؤسسة.. كما أوصت الدراسة بإلغاء قانون الطوارئ للحفاظ علي صفته الاستثنائية من ناحية ولكونه عاملا من عوامل إغراء أفراد الشرطة بالتعسف والبعد عن المهنية الواجبة في الأداء الأمني من ناحية أخري. وضمان اختيار العنصر البشري المؤهل نفسيا لتحمل أعباء تعقد الوظيفة الأمنية وسلطاتها وتأهيله لإدراك الخيط الرفيع بين الحسم والقمع. كما أكدت الدراسة علي ضرورة تعاون الجمهور مع الشرطة في المسئوليات الأمنية وهو ما يتطلب إعادة النظر في قانون هيئة الشرطة في ضوء المستجدات وخاصة تنظيم المشاركة الشعبية وتخصيص إدارة شرطية لإدارة المشاركة الشعبية في شتي المجالات بما يحقق التخطيط والتنفيذ وإنشاء نوع من الرقابة الشعبية أو ما يطلق عليه ''قاضي المظالم'' ويتولاها المجتمع المدني بجمعيات حقوق الإنسان.