المشير طنطاوي يامشير يامشير * لعل جمعة إغلاق ميدان التحرير، بداية طيبة ترمز إلي عودة الحياة الطبيعية في مصر. وشباب الثورة الأنقياء يدركون بوعي أن إغلاق ميدان التحرير ليس انتكاسة للديمقراطية. ولكنها - بالقطع- انتكاسة للبلطجية وأطياف سياسية أخري معروفة لجميع المصريين. فهؤلاء تسعدهم الفوضي والانفلات، ويسعدهم الهرج والمرج. فأصحاب المحلات في ميدان التحرير - وهم مصريون- ضجوا بالشكوي لأنهم ما عادوا يعملون وفرضت عليهم المليونيات المتتالية إغلاق أبواب محلاتهم أي سد باب الرزق أمامهم. ومنع الناس - بسبب الاعتصامات- من دخول مجمع التحرير لقضاء مصالحهم مع أنهم مصريون كانت كارثة بكل المقاييس. ثم إن تلبك الحالة المرورية وانسداد شرايين المدن هو «وقف حال». من هنا أعتقد أن «هايد بارك» المصري الشهير بميدان التحرير جاهز في أي وقت بتظاهرة سلمية محدودة تعلن رأيها دون أن تتحول إلي مليونيات. أما معظم مطالب الثوار فقد نفذت من إسقاط نظام إلي محاكمات معلنة علي الملأ، فهذا كاف لانصراف الثوار إلي أعمالهم وأشغالهم وجامعاتهم ومدارسهم ولقمة عيشهم وتصبح الاعتصامات عديمة الجدوي والمظاهرات المليونية غير ذي فائدة. لقد اخترنا حكومة للبناء والمستقبل ولا أكاد أري شيئا ملموسا قد أنجز والناس تشعر به. إن اختناقات المرور قبل و«بعد» الثورة مازالت كما هي.. بل إن نزوح المصريين القادمين من ليبيا واليمن وسوريا زاد الأمر صعوبة وأصبحت مشكلة المشاكل. وربما «انفتاح» الشوارع التي كانت مغلقة يؤدي إلي شيء من الانسيابية. وبالمناسبة لا يفوتني أن أذكر أن المطالب الفئوية تبغي المظاهرات كوسيلة ضغط علي الحكومة بعدما أصبحت منهجا في حياتنا الآن. لابد من عقلانية، فالبلد تقريبا خاوية الخزينة بعد سلسلة من الإخفاقات الاقتصادية فجميع مرافق الدولة تخسر ولا يدخل خزانة الدولة شيء، هل تطبع خزانة مصر «فلوس» لتحدث مصيبة في أمورنا المالية؟ إن البعض يهتف «يا مشير يا مشير الشرعية في التحرير» و«يسقط يسقط حكم العسكر إحنا الشعب الخط الأحمر». تعالوا نحلل هذه الهتافات : الشرعية لمصر الكيان والقامة وليس لميدان التحرير وحده. وسقوط حكم العسكر لا يفيد فلابد من قبضة تحمي الثورة وتتحد مع الشعب. فإذا انفرط هذا العقد فلا أمل في دولة سوف نتشرذم ونصبح مجرد عصابات. الفريق سامي عنان العسكر أنا لا أعتقد أن ثوار يناير يبحثون عن فوضي تعم الأرجاء حين نرفض حماية المجلس العسكري لأخطر صحة اقتلعت نظاما وسقط شهداء فيها. إنني أحلم بتوحد ائتلافات الشباب التي تعدت المائة ائتلاف ففي تقديري المتواضع هذه الانقسامات ليست صحية وتوحدها يصير «قيادة فكرية» و«رأس ثورية» ويمكن التفاهم معها ويكون لرأي الثوار الموحد وزن محل الاحترام، أما الاختلافات الدائمة التي لن تصل إلي رأي واحد يتفق عليه، فهذه مصيبة المصائب.. يجب أن يسمع الثوار للرأي الآخر من الناس ولا يعتبرون الخلاف في الرأي «خيانة» و«قائمة سوداء» . هذا التفكير عار علي ثوار قاموا بثورة من أجل تحول ديمقراطي يسمح برأي آخر ومنطق آخر وإلا كتم أصحاب الآراء آراءهم في صدورهم حتي لا يقيموا في القوائم السوداء. نحن لن نستورد شعبا جديدا. سنظل شعبا مصريا مصيرنا واحد والمعتدي الأجنبي يحلم بتقسيمنا، فلا نعطيه فرصة ذهبية ليحقق حلمه. ذلك هو مغزي إغلاق الميدان لتفتح مسام مصر علي المستقبل.