آخر قرار وقعه الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي قبل رحيله هو رفع قيمة رسوم الفحص لبراءات الاختراع من 10 جنيهات إلي 7 آلاف جنيه بلا مبرر ولا توضيح، اللهم إلا محاولة قتل الإبداع في هذا البلد!.. ولهذا تراجعت خطواتنا علي طريق الأبحاث العلمية، وفي العام الذي سجلت فية أمريكا 164 ألف اختراع واليابان197 ألف اختراع وإسرائيل - رغم قلة أعدادهم - 2000 بحث سجلت مصر65 براءة اختراع!!!!.. ومع ذلك هناك شباب يحفرون في الصخر ويواجهون الروتين والبيروقراطية وآخرهم عبقرينو. - عبقرينو في المصيدة أحمد جاد أو عبقرينو كما يطلق عليه شاب صغير في الفرقة الثالثة بكلية الهندسة، إمكانياته المادية متواضعة، ولكنه استطاع أن يلفت إليه أنظار علماء من كل أنحاء العالم وكان يمكن أن يصبح زويل آخر لولا قيام الثورة!!.. وتكمن مأساة أحمد في تفرده وعبقريته فقد استطاع العام الماضي أن يسجل 11% من مجمل الاختراعات المصرية وبدلا من أن يجد التكريم الذي يستحقه لم يجد سوي الإنكار والتجاهل وهو الآن معرض للسجن يقول: بعد جهد وتعب سنوات طويلة استطعت أن أسجل أربعة اختراعات أعتبرها قفزة في مجال الميكانيكا في مصر. الأول نظام إطفاء أوتوماتيكي للحرائق والثاني مانع لانقلاب السيارات والثالث جهاز ماص للصدمات لمنع السيارات الصغيرة من الإنزلاق تحت العربات الكبيرة. أما الأخير وهو الأهم فاختراع يمكننا من تحويل الأتوبيسات الكبيرة إلي عربات نقل عملاقة لحمل الأثاث والبضائع. وقمت بتسجيل براءات الاختراع في مصر و جاء الدور علي تسجيلها دوليا لحفظ حقوقي الفكرية مما يتطلب مبالغ مادية كبيرة، حيث إن الاختراع الواحد يتطلب ألف دولار تقريبا وهذه الحماية تتضمن نشر الأبحاث عالميا علي نطاق واسع. فلجأت للجامعة والحق أن الدكتورة هند الحناوي عميد جامعة الإسكندرية دعمتني كثيرا ووافقت علي تخصيص مبلغ لتسجيل اختراعين دوليا وهذا منحني حماية لاختراعاتي تنتهي بعد30 شهرا بعدها لابد من تجديد الحماية ثانية وإلا فلن يكون لي الحق في ملكيته الفكرية. في هذه الفترة تم عمل عقد بيني وبين الجامعة يلزم الطرفين بالسداد لرسوم للاختراعات علي أن تستفيد الجامعة بنسبة 30 % من أي عائد مادعي وتم عمل نسختين منهاحتفظت بهما الجامعة ورفضت إعطائي نسخة من العقد - لا المكافأة ولا المساعدة أثناء فترة المهلة ال30 شهرا قمت بالدخول في عدة مسابقات محلية وقد فزت بالمركز الأول في مسابقة أفضل فكرة اختراع علي مستوي مصر كلها وشاركت في عدة مؤتمرات علمية بالخارج وأثني علي أبحاثي واختراعاتي عدد كبير من العلماء الذين زاروا جامعة الإسكندرية في مهمات عمل وأكدوا أن اختراعاتي من أهم الاختراعات التي سجلت حديثا. وقبل انتهاء المهلة طلبت من إدارة الجامعة دفع مبلغ التسجيل لأتمكن من حماية اختراعي لمدة20 عاما وهو مبلغ بسيط بالنسبة للجامعة، فقط 1200 دولار.. ولكن الأمر لم يكن بهذه السهولة فقد تهت بين أروقة المكاتب ما بين الجامعة ومركز المنح والاتصالات كل منهم يلقي بالمسئولية علي الآخر حتي انتهت المهلة ولم يبق سوي يوم واحد وصرت ألتفت حولي أبحث عن إنقاذ لأبحاثي واختراعاتي التي قضيت سنوات في دراستها. وجاء الإنقاذ في مكالمة من شركة - ريادة للملكية الفكرية - حيث عرضوا علي دفع المبلغ المستحق لتسجيل اختراعين فقط من اختراعاتي وهو2300 دولار علي أن أتعهد بسدادها خلال شهر. ولم أجد حلاً آخر فوافقت وعدت للجامعة أتوسل لهم لدفع المبلغ للشركة ولكن للأسف مركز المنح والاتصالات بالجامعة رفض تماما دون إبداء الأسباب.. ولكنني عرفت من الكواليس أنه لا يوجد من يتحمل مسئولية دفع النقود خشية من الاتهام بإهدار المال العام، فتارة يتحججون بأن البحث لم يذكر فيه اسم جامعة الإسكندرية وتارة يستنكرون لجوئي إلي شركة «ريادة»!! وهناك من قالها لي صراحة لو كنا قبل الثورة كنا نقدر نساعدك لكن دلوقتي الأمر اختلف!!.. وفي نفس الوقت شركة «ريادة» بدأت تطالبني برد المبلغ أو اللجوء للقضاء ورفع قضية ضدي. حاولت مقابلة الدكتورة هند ولكن سكرتارية مكتبها منعوني بحجة أنها مشغولة وليس لديها وقت. وفي محاولة أخيرة بائسة لجأت إلي منتدي مصر لرواد الأعمال وهي مؤسسة تقدم دعما فنيا للمخترعين فقاموا بالاتصال بمركز المنح والاتصالات بالجامعة ولكن الرد جاء كسابقه ورفضوا بشدة.. وبعد محاولات مضنية قالوا: سوف نصرف لك 3 آلاف جنيه قيمة المكافأة لفوزك في مسابقة أفضل فكرة بحث وسوف تجتمع لجنة البحث العلمي ونصرف لك 5 آلاف أخري مساهمة منا في دفع المبلغ المطلوب لشركة ريادة وعندما اعترضت لقلة المبلغ قالوا لي احمد ربنا ده المبلغ ده مساعدة سوف ندفعه لك من جيوبنا كمساعدة! ورغم ضيقي وإحساسي بالإهانة فقد انتظرت طويلا ولم يصرف شيء لا المكافأة ولا المساعدة ومؤخرا تسلمت أكثر من إنذار قضائي لرد المبلغ. - أصون كرامتي من قبل سيارتي!! سألت أحمد: وماذا ستفعل وأنت معرض للسجن في أي وقت؟ قال: الآن ليس أمامي سوي أن أدوس علي قلبي وأبيع سيارتي وش السعد وصديقتي التي ساعدتني في عمل التجارب اللازمة لأبحاثي وحتي لو حدث ذلك فسعرها لن يكفي لسد مبلغ الدين!!! تركته وأنا أتساءل: من السبب؟ هل هي الثورة كما قالوا؟ أم أن هذا هو قدر العلماء في مصر؟